الابن الباحث.. من تمجيد "الأب الحنون" إلى عقوق الحرب الأهلية!
رزق العبي – العربي القديم
قبل أيام كنتُ أتابعُ مادة مصوّرة تحمل عنواناً يوحي بأن المضمون يقترب من كونه يستند لتحقيق وبحث معمّق، طبعاً المتابعة جاءت بحكم سياسة “ميتا” التي تُسقط في وجهكَ ما “هبّ ودبّ” من فيديوهات.
بعد دقائق قليلة مليئة بالحشو والعتّ الذي يشبه كل شيء إلا أي من فنون الصحافة والإعلام، خلُصت المادة إلى أن “الأمل بالعمل”.. هكذا بكلّ صفاقة يتبنى “التلفزيون المشبوه في عيون السوريين” والذي شاهدتُ المادة على إحدى معرفاته، يتبنى شعار قاتل السوريين بشار الأسد، مع لفت النظر أساساً إلى سذاجة الشعار وعدم تماشيه مع أي مرحلة من مراحل الوجع السوري على اختلاف أشكاله.
لم آتِ على ذكر الموضوع بالصدفة، فهو يأتي في سياق أزمة مصطلحات يعيشها “الفريق المتعالي” على كل نقد يُوجّه لهم وكأنهم منزّلون ولا يخطئون. مع أني لم أعد أقتنع بمبدأ الخطأ بسبب كثرته وتكرار حدوثه بشكل يومي، من خلال تمرير مصطلحات وترويج وتسويق أفكار على حساب إهمال ما هو أهم، مستندين بذلك إلى نفوذ كبير من حيث المنصّات ومراكز الأبحاث المموّلة، مع حلف من المتعيّشين لم يعد يستهان به. هذا الحلف مستعد للاستماتة في الدفاع عن كل ما هو رخيص.
سامر بكور، الابن الباحث للأب الحنون بشار الأسد كما وصفه في عام 2011 في مسيرة تأليهية أكثر من كونها تأييدية، ظلّ يتعالى على جمهور عريض من السوريين هاجموا استخدامه لمصطلح “الحرب الأهلية”، وراح يعطي دروساً في استخدام المصطلحات وبأنه العارف الوحيد، إلى أن صعقه أحدهم بنبش فيديو له يصل فيه المديح لبشار الأسد حد العبودية، فصمتَ الرجل لساعات وقرر اعتناق الخطة التي يعتنقها كثيرون “كنتُ أفعل ذلك تحت الضغط” معتقداً بأن الناس ستصدّق ذلك، لأن نظام والأب الحنون له تاريخ في التهديد والإجبار على العبودية.
لكن أليس من البلاهة أن نصدّق بأن النظام في عام 2011 يهدد شخصاً بأهله لقاء فقط عدم خروجه بمسيرة تأليه وعبودية له؟ السوريون يعرفون وهي من البديهيات بأن هذا الأمر ممكن الحصول وغير مستغرب عن نظام الأسد، ولكن ليس جزاء عدم القبول بالخروج بمسيرة تأييد، فيكفي خداعاً للناس!
ثم إن هذا الاعتذار كان جميلاً ولطيفاً لو كان قبل إعلان “كتابك العظيم” عن التغريبة السورية والحرب الأهلية.
كما إن أسلوب التعالي الذي وصل إلى النخاج مع تلك الجوقة الوقحة. كان واضحاً حتى في الاعتذار الذي قدمه الابن الذي يعتبر اليوم “عاقّاً” في عيون الأب الحنون بشار الأسد، وكأنه يمنّ على السوريين باعتذاره. وهنا نُدرك تماماً كيف أن الكيانات المشبوهة التي تريد تقدم إنتاج مضلل، تختار جوقة رخيصة، هي على استعداد دائم لتغير جلدها بحسب الوضع الجاري. وتظهر “هوشتها الكراجاتية” عند كل امتحان يخصّ أحد أزلامها على قلة قيمته ورُخصه. مع ملاحظة أن الأزلام يتضامنون مع بعضهم!
إن ما نشهده من استحضار لمصطلحات غير ملتبسة ومدسوسة جهاراً ونهاراً، تقول بالفم الملآن: هكذا أرى ثورتكم، ومصطلحات أخرى هجومية وسمجة في الرد على المنتقدين، تدعونا لنكون أكثر شراسة في مواجهة هؤلاء المنتفعين “صبيان عزمي بشارة”.
فعلاً.. “حُلة جديدة” تتكشف فيها الأقنعة، والبلاهة والسقطات الإعلامية. وسط أخطاء شبه يومية على الصعيد المهني في حين يحظى العاملون بأفضل صور السيلفي وهو جُل اهتمامهم بعد القبض.