«غولدا»: سيرة غولدا مائير في ساعتها الحاسمة
العربي القديم – أحمد صلال
أثناء جلوسها أمام لجنة مكلفة بالتحقيق في الأحداث، تروي غولدا مائير (هيلين ميرين) قصة حرب يوم الغفران، في الفيلم الأمريكي البريطاني الذي عرض لأول مرة في مهرجان برلين السينمائي الدولى في (فبراير) من العام الماضي قبل أن يتم طرحه فى دور العرض السينمائية الأمريكية، بتوقيع الإسرائيلي غاي ناتيف، وسيناريو البريطاني نيكولاس مارتن، ومن بطولة هيلين ميرين، وزيد جوزيف، وكلوديت ويليامز.
تشرح غولدا المثقلة بالهزيمة في الفيلم، القرارات التي اتخذت خلال هذا الصراع المسلح الذي وضع دولتها في مواجهة مع مصر وسوريا في 6 أكتوبر 1973 جراء احتلال إسرائيل لأراض من هاتين الدولتين في حرب يونيو 1967، فيما جاءت حرب أكتوبر لتشكك في التفوق العسكري للدولة اليهودية.
وإذا كان مصطلح “المرأة الحديدية” يشير في الوقت الحاضر إلى مارغريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا من عام 1979 إلى عام 1990، فإنه كان يستخدم في السابق، ولفترة طويلة، للإشارة إلى غولدا مائير. لأن “جدة إسرائيل”، التي تولت رئاسة وزراء البلاد من عام 1969 إلى عام 1974، كانت ذات شخصية قوية ومسيطرة ومعروفة بأنها متشددة إلى حد كبير.
لتلعب دورها، تطلب الأمر كل المعرفة حول دقائق شخصية غولدا مائير… هذه المعرفة التي باتت تتمتع بها الممثلة البريطانية هيلين ميرين جعلتها محط إعجاب، على الرغم من أن مشاركتها في المشروع كانت موضع نقاش، حيث أن الفنانة لم تكن إسرائيلية ولا يهودية، إلا أن موهبتها لم تكن محل نزاع أبداً.
مختبئة خلف مكياج (كارين هارتلي توماس) الرائع، الذي وجدته منذ الفيلم الروائي “The Duke” لعام 2022، لا يمكن التعرف عليها تماماً. تحول لا تشوبه شائبة، المصدر الرئيسي للاهتمام في الفيلم الروائي. إلى جانبه، تؤكد الممثلة الفرنسية كاميل كوتين، التي كشفت للجمهور في سكيتشاتها “Connasse” عام 2013، إمكاناتها الدرامية، بعيداً عن كوميديا بداياتها. لقد أكمل الممثلون الإسرائيليون روتيم كينان، وليور أشكنازي، ورامي هيوبرغر، طاقم الممثلين الذي يحمله الثقل الساحق للقرارات المستحيلة، وهو أمر غير رائع.
يبدو أن المخرج غاي ناتيف، الحائز على جائزة الأوسكار عام 2019 عن فيلمه القصير “Skin”، يحاول كل شيء في فيلمه هذا، ليثير مرة أخرى فضول أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة، المسؤولة عن ترشيحات الأوسكار. لأنه إذا كانت الصور التي يقدمها مدير التصوير جاسبر وولف رائعة، فإنها تضيع وسط تصاعد الجمالية المقززة. وهكذا، فإن وجود السجائر في كل مكان على الشاشة، بعيدًا عن الاهتمام البسيط بالتفاصيل، يبدو أنه مجرد ذريعة لخنق الألعاب البصرية على سحب الدخان. وإذا كانت قصة هذه اللحظة المحورية في تاريخ إسرائيل ستجذب انتباه الجمهور، فإن الغوص بشكل أعمق في بطلها، وهو شخصية لا تزال مثيرة للجدل، سيكون موضع ترحيب.
آخر مرة رأينا فيها هيلين ميرين تقود العمليات من مقر عسكري كانت في فيلم “عين في السماء” (جافين هود، 2015)، وهو أحد الأفلام الأولى عن حرب الطائرات بدون طيار الحديثة. ألقِ نظرة إلى الوراء مع فيلم “غولدا”، وهو فيلم السيرة الذاتية الذي يحتوي على كل ما يصنع النسخة الإسرائيلية من Darkest Hour (جو رايت، 2017)، والذي ذكّرنا بلحظة حاسمة من القيادة عندما قرر ونستون تشرشل الوقوف في وجه الألمان بدلاً من الاستسلام. . استبدل تشرشل وسيجاره بغولدا مئير وسجائرها، والحرب العالمية الثانية بحرب يوم الغفران، وسيكون لديك فكرة جيدة عما قد يبدو عليه الأمر غير المثير للغاية.