تكنولوجيا واقتصاد

سوريا: ارتفاع سعر الدواء كارثة جديدة تثقل كاهل الشعب المنكوب!

تقرير اللوموند عن الدواء في سوريا

ترجمة: أحمد عسيلي.

بالتلازم مع تدهور الحالة الإقتصادية في البلاد، والتدهور المتسارع لسعر صرف الليرة أمام الدولار، ومع تضاؤل أي أمل بتدفق الأموال الخليجية بعد العلاقات مع جامعة الدول العربية، أضيفت معاناة جديدة على الناس الذين مازالوا متواجدين في البلاد بعد ١٢ سنة من الحرب، وهي زيادة جديدة في سعر الأدوية…

فقد أعلن رئيس نقابة الصيادلة في سوريا حسن ديروان، عن ارتفاع جديد في سعر الأدوية بمقدار ٥٠% ، زيادة تضاف إلى ارتفاع سبقه منذ عدة أشهر بمقدار ٥٠ ل ٨٠%

هذا الإجراء جاء نتيجة لمطالب من اتحاد الصناعات الدوائية (التي كانت تنتج ٩٠% من حاجة ااسوق المحلية قبل الحرب)، معللة ذلك بالحاجة إلى شراء المواد الأولية بالعملات الصعبة، في ظل تراجع سعر صرف الليرة من ٤٧ ليرة مقابل الدولار عام 2011  إلى ١٤ ألف خلال الأيام الأخيرة، بالإضافة إلى ارتفاع سعر المحروقات اللازم لإدارة العجلة الصناعية.

هذه الزيادة في سعر الأدوية ستكون بمثابة كارثة على الشعب السوري، بالذي بالكاد يستطيع تأمين لقمة عيشه، فقد أصبح أكثر من ٩٠% من السوريون يعيشون تحت خط الفقر حسب بيانات الأمم المتحدة

“الكثير من الناس أصبحوا يلجأوؤن إلى الصيادلة للتستشارات الطبية وصرف الدواء، بسبب عجزهم عن تأمن ثمن المعاينة الطبية” حسب تصريح الصيدلانية (إنعام)، في اتصال تلفوني أجري معها وفضلت فيه عدم الكشف عن اسمها الكامل، “بل إن الكثير من الناس تتراجع حتى عن شراء الدواء بعد الاستفسار عن ثمنه، لأنه بالنسبة لهم مرتفع الثمن جدا” كما أوضحت هذه الصيدلانية، لكنها أضافت “هذا الإرتفاع أقل من الإرتفاع الحاصل في المواد الغذائية والوقود، وهو ضروري للحفاظ على جودة المنتج”.

يشار إلى أن الكثير من الوسائل الإعلامية المؤيدة والمعارضة، تحدثت خلال الأشهر الأخيرة عن القلق المتزايد لدى المرضى في الداخل السوري ، نتيجة انخفاض في انخفاض في فعالية الدواء المصنع محليا، مرجعة السبب غالبا لسوء التصنيع.

جميع أشكال المصاعب

قالت الأخت (ماري عربش)، وهي مديرة أحد مراكز الخدمة الإجتماعية في محافظة طرطوس في الساحل السوري، أن “هناك المزيد و المزيد من العائلات التي تضاف إلى قائمة المحتاجين. أناس لا يستطيعون تأمين ثمن الدواء لأمراضهم المزمنة، كارتفاع الضغط مثلا، فضلا عن العمليات الجراحية وأدوية السرطان”.

وعلقت الأخت ماري في اتصال تلفوني: “أصبح تأمين الأدوية على المحتاجين أكثر صعوبة، فالمتبرعون لا  يغطون سوى  جزء صغير من التكلفة، والجهات المانحة أصبحت أقل،  لأن المفروض أن البلاد أصبحت آمنة، وأصبح بمقدور الناس العمل وتأمين لقمة العيش، لكن تكاليف الحياة أصبحت غير مقدور عليها”.

وتضيف هذه الراهبة، التي يقدم مركزها خدمات العلاج النفسي أيضا: “أصبحنا نرى كل أشكال الرضوض النفسية، نسبة القلق أصبحت أيضا مرتفعة، سواء كرد فعل على ما شهدته البلاد في الزالزال الذي ضرب البلاد في شباط الماضي ، أو نتيجة صعوبات الحياة اليومية”.

 وبالإضافة إلى ارتفاع سعر العلاج، وهجرة الطواقم الطبية خلال السنوات الماضية، شهدت البلاد عودة بعض الجائحات، مثل الكوليرا التي سجلت حوالي ١٣٠ ألف مشتبه بالإصابة، بين شهري آب/أغسطس ٢٠٢٢ وأيار/مايو ٢٠٢٣ حسب أرقام منظمة الصحة العالمية.

زيادة سعر الأدوية لا تشمل مناطق سيطرة الحكومة فقط، فاالمرضى الذين يعيشون في مناطق “المتمردين”، يعتمدون على الأدوية التي يتم تصنيعها في مناطق سيطرة النظام، ويتم إرسالها الى تلك المناطق، ويحدد سعرها النظام السوري.

زيادة الرواتب

ثمة تهديد آخر يواجهه السوريون، وهو ارتفاع سعر المازوت ثلاثة أضعاف بسبب الزيادة في الرواتب. فبعد رفع الدعم عن المحروقات وزيادة أسعارها، حاول النظام تهدئة الشارع السوري من خلال زيادة الرواتب، فأصدر بشار الأسد مرسوماً يحدد فيه الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص بـ (حوالي ١٣ دولار وفق سعر الدولار في السوق السوداء ) بالإضافة إلى مضاعفة الرواتب في القطاع الحكومي. زيادة تلاشى تأثيرها على الفور، جراء التضخم وانهيار سعر صرف الليرة.

في بلد مهدم، تزداد الأوضاع المعيشية فيه سوءاً، خاصة بعد الانهيار الإقصادي  في البلد الجار لبنان، وتطبيق العقوبات الأمريكية حسب قانون قيصر، بالإضافة إلى الفساد والتوحش المستشري فيه، وتراجع أي أمل بتدفق الأموال الخليجية بعد تطبيع العلاقات، في ظل كل هذه الظروف تقول الأخت ماري عربش “لا نعلم من أين سيأتي الحل، كل شيىْ أصبح فوضوياً، أصبح السوريون معتادون على التشاؤم والغضب، وأصبح الشباب يشعرون أنه ليس هناك إلا حل وحيد: الرحيل”.

المصدر: صحيفة (اللوموند) الفرنسية

زر الذهاب إلى الأعلى