الرأي العام

حين يصبح حكم البابا مُخبراً... والتواصل مع فؤاد بلاط تهمة!

رد كتبه: عمر فؤاد بلاط

بعد جملة الاتهامات التي أطلقها رجل الأعمال السوري غسان عبود في إحدى منشوراته على صفحته الشخصية على فيسبوك، بحق اثنين من الإعلاميين الراحلين، الذين لم يجرؤ على تناولهما وهم أحياء، تنشر (العربي القديم) هذا الرد الذي وصلها من السيد عمر بلاط، النجل الأكبر للأستاذ فؤاد بلاط. (العربي القديم)

اقرأ أيضا:

المقال | شهادة الزور أم الرذائل والمظالم

لا يعلم، ولا يعلم أنه لا يعلم. وضاعة الثري غسان عبود أمثولة.

من الواضح أنك لا تعرف ولا تعلم شيئاً، وهذا طبيعي من شخص لا يعلم، ولا يعلم أنه لا يعلم، وهذه طامة كبرى يا غسان.

سأذكر لك حادثة أرجو من الله أن تحسّن من مستوى صدقك وعقلك وبالتالي طريقة تفكيرك، رغم أني متأكد أنها لن تنتفع منها.

حين تم إغلاق مكتب قناة أورينت في دمشق في تموز 2009، ثارت ثائرة المرحوم فؤاد بلاط “والدي” على هذا القرار، رغم أنه لم يكن له أي منصب في الدولة، فإنه اعترض اعتراضاً شديداً على هذا القرار، وقد أجرى اتصالات كثيرة من أجل أن تعدل وزارة الإعلام عن قرارها، وكان وزير الإعلام حينذاك محسن بلال، وكانت اتصالاته ونقاشاته مع مسؤولين كبار في الدولة، ليوقف قرار إغلاق مكتب قناة أورينت في دمشق. وأستطيع تلخيص وجهة نظر المرحوم فؤاد بلاط بما يلي:

– أنه يجب أن يكون هناك صوت آخر للإعلام في سوريا، حتى لا يكون هناك صوت إعلامي أحادي الجانب.

– أن وجود هذا الصوت الآخر سوف يحسن من طريقة الإعلام السوري، بشقيه العام والخاص.

– أن وجود هذا الصوت سيعلم السوريين كيفية البحث عن الحقيقة وتقبلها، وهو ما سيعلمهم الحوار والديمقراطية فيما بعد، لأن شاشة التلفزيون ليس رفاهية فقط، إنما هي تربية وتعليم وتطوير لعقل وروح السوريين.

هذا بما يخص وجهة نظر المرحوم فؤاد بلاط وبطريقة تفكيره كإعلامي وسياسي.

وسأروي لك حادثة أخرى لعلك تفهم “رغم أني متشائم من أنك قادر على الفهم بنزاهة وموضوعية”:

في ثمانينات القرن الماضي، جاء عرض للمرحوم فؤاد بلاط من دولة خليجية، للعمل في تلك الدولة، والعمل على تطوير الإعلام وقوانينه ووسائله، لكنه رفض وقال لمبعوث تلك الدولة، هل يوجد عندكم غوطة؟، هل يوجد عندكم ماء فيجة؟ هل يوجد عندكم مقهى الروضة؟ هل يوجد عندكم سوق الحميدية؟

فأجابه المبعوث: لا.

فرد المرحوم بلاط: أنتم يوجد لديكم نفط، تستخرجونه وتبيعونه، لتأتوا إلى سوريا وتجلسون في غوطتها، وتشربون ماء فيجتها، وتتمسون في مقهى روضتها، وتتسوقون من سوق حميديتها، أنا أعمل كل ذلك دون أن يكون لدي نفط.

يا غسان عبود.. لو أن والدي قبِل بهذا العرض، لكنت الآن تعمل سكرتيراً في مكتبي بتلك الدولة الخليجية.

حين توفي والدي انتشرت عن الرجل جملتين هما: فؤاد بلاط .. متفق عليه. فؤاد بلاط.. كرم على الدرب. أي متفق عليه من النظام والمعارضة، لماذا؟ سأقول لك لأنك لا تعرف ولا تعلم..

لأن فؤاد بلاط صوت العقل والحكمة.

لأن فؤاد بلاط صوت الاعتدال والوسطية، ولأنه ليس صوتاً متطرفاً.

لأن فؤاد بلاط صوت يجمع ولا يفرق.

لأن فؤاد بلاط صوت كلي وليس جزئي “كما أنت”.

لأن فؤاد بلاط صوت وطني وليس طائفياً.

سأقول لك شيئاً هو ليس سراً، وهو إن فؤاد بلاط لديه أصدقاء كثيرين من المعارضة، ولديه خصومات كثيرة داخل النظام، أنت لا تعلم وأنت كثيراً لا تعلم.

سأروي لك قصة أخرى عن المرحوم فؤاد بلاط:

في إحدى المرات حضر جلسة في مجلس الشعب بدلاً عن الوزير أحمد إسكندر عام 1977 أو 1978، وكانت الجلسة للسؤال والتقييم لقطاع الإعلام، وكان بعض أعضاء المجلس انتقدوا الإعلام السوري وقالوا إنه يجب أنه يكون التلفزيون السوري مثل قناة بي بي سي، فرد فؤاد بلاط عليهم قائلاً: حين تكونون مثل مجلس العموم البريطاني سنكون مثل قناة بي بي سي.

هل تستطيع أن تقف في مجلس الشعب، في ذلك الوقت، وأن تكون على رأس عملك، وتقول جملة كالتي قالها فؤاد بلاط “حين تكونون مجلس العموم سنكون قناة بي بي سي، (ياعمي أنت قناتك ما قدرت تستمر في عطائها).

هذه هي المعارضة، المعارضة داخل الوطن، المعارضة دون دم، المعارضة التي تنبع من العقل والروح والمسؤولية، وليست معارضتك التي توزع شهادات حسن السير والسلوك على الفاضي والمليان.

من أنت حتى توزع شهادات حسن السير والسلوك؟، أنت من يجب أن يُطلب منك أن تثبت حسن سيرك وسلوكك، يا إمعة.

أما بخصوص المرحوم حكم البابا .. فأنت لا تعلم بأن المرحوم البابا كانت تأخذه المخابرات لأيام يقبع في سجونها، وتحقق معه، وتهينه، ولو أنك تعلم ذلك لما قلت عنه مخبر.

حكم البابا مخبر، يالها من نكتة سمجة، “أضحكتني والله”… ولكنه الضحك الأسود على فداحة التفاهة وفجور الافتراء.

ومن يتكلم عن حكم البابا هذه النكتة السمجة (الذي مات وحيداً ومقهوراً ومخذولاً في دولة الإمارات، وكان عليه أن يموت في سوريا لو كان كلامك صحيحاً) أنه مخبر، لا يعول على عقله، ولا يعول على تفكيره، ولا يعول على أخلاقه، ولا يعول على بديهيته، ولا يعول على ما يقول.

كيف لي أن أصدق توثيقاتك، وأنت تفتري على الرجل، وتقول عنه إنه مخبر، كيف تريدني أن أصدقك؟

ثم هل تصدق نفسك بأن تكتب التاريخ؟ هل تعرف ما هو علم التاريخ؟ مناهجه؟ كيفية كتابة الرواية التاريخية؟ ما هي وثائقك؟ هل يعقل بأن تتقول على حكم البابا هذا الكلام بهذه الطريقة، وتريد مني أن أصدق ما تقوله عن حدث مهم مثل الثورة السورية.

من المعيب أن تتكلم عن أشخاص هم في عداد الموتى، ولا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، وكان عليك أن تتقول بهذا الكلام وهم أحياء. أنت عيب على السوريين، وعيب على الأخلاق. أنت عيب على العقل والفكر والبديهة، والفطرة الإنسانية. ولو أنك راجعت بطريقة نقدية ما جرى للثورة السورية من فشل، سترى أن فشلها كان بسبب وجودك، ووجود أمثالك على رأسها، هل تعلم ذلك؟ هل تعرف ذلك؟

عادة لا أرد على السفسطة، لكن سفسطتتك كريهة الرائحة، “مثلكم”.

عادة لا أرد على السفسطة، لكني أرد عليك لأن كلامك فيه “سميّة” كبيرة على عقول “من قرأ ليس كمن رأى”، أليس هذا شعار قناتكم مع تعديله من قبلي، وأنا رأيت.

هناك فيلم لعادل إمام اسمه مرجان أحمد مرجان، وهو ينطبق عليك تماماً، فأنت رجل الأعمال والمفكر والمؤرخ والسياسي والمعارض وقائد الثورة ومرشدها وأنت لا تستطيع إلا أن تقول “الحلزونة يايمه الحلزونة”.

لو كان فؤاد بلاط على قيد الحياة، وقرأ أو سمع ما كتبته، لأشعل سيجارة من الروثمان الأرزق العريض، وقال عنك “مسكين”، ثم تابع حديثه ليسألني عن أولادي.

لو كان حكم البابا على قيد الحياة، وقرأ أو سمع ماكتبته، لقال عنك: “فقير رغم كل دولاراته”.

أما أنا فسأقول كما يقول ثائر الزعزوع “يا حزين” قطيعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى