لا تنسوا سوريا: رسالة إلى المبعوثة البريطانية إلى سوريا آن سنو من صحفي سوري
رزق العبي – العربي القديم
لفتني عنوان المقال الذي قرأته للسيدة آنّ سنو المبعوثة البريطانية الخاصة لسوريا، والذي عنونته ب (بعد 14 سنة… حان وقت إعادة التفكير في كيفية دعم السوريين) ونشره موقع “المجلة” يوم 30 نيسان المنصرم.
تحدثت المبعوثة البريطانية “سنو” في مقالها عن سياسة وبرنامج المملكة المتحدة في سوريا، والذي يستهدف بالمقام الأول المرأة السورية، وهو أمر بشكله العام أراه محط تقدير واحترام للمملكة المتحدة تجاه بلدي وتجاه نساء سوريا على وجه الخصوص، لما يحمل البرنامج في ظاهره من قيمة وموقف في وقت عزَّ فيه على السوريين منْ يقف معهم ويساندهم بحجة طول عمر الحرب السورية كما بات يسميها العالم.
في مقال السيدة آن سنو الكثير من النقاط التي أوضتحها وبنفس الوقت كشفت صراحة عن حاجة بريطانيا لإيضاحها من قبل السوريين أنفسهم لكي تعرف بلادها ماذا يريد السوريون والسوريات من المملكة المتحدة على وجه التحديد. وهذا ما دفعني لتوجيه رسالة إلى المبعوثة البريطانية إلى سوريا.. رسالة على لسان ملايين السوريين في داخل البلاد ولا أعتقد أنهم يمانعون في ذلك:
السيدة آنّ سنو..
تحية سوريّة من مخيمات ريفي إدلب وحلب حيث ملايين المهجرين قسراً يعيشون ظروفاً إنسانية صعبة، بعدما أجبروا على ترك بيوتهم (أو ما تبقى منها) بسبب عنف نظام الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين.
تحية من ملايين المستضعفين في مناطق سيطرة نظام الأسد، حيث التضييق الأمني والفقر الذي يهدد ملايين الأطفال والنساء بالموت مع انهيار اقتصاد البلاد المستمر. وعجز الحكومة السورية (التابعة للأسد) عن إيجاد حلول لذلك.
تحية من مئات آلاف السيدات السوريات اللاتي فقدن فلذات أكبادهن بسبب إجرام الأسد وحلفائه، وكذلك بعض الفصائل المتطرفة، ومن مئات آلاف الرجال والشبان الذين يختفي صوتهم ومطالبهم عبر الإعلام منذ سنوات.. بعدما أدلجوا المطالب وجعلوها تتمحور حول سلة إغاثة وبعض المساعدات ذات المفعول قصير الأمد.
نحن نشكر ما يفترض أنه “بحثكم الجاد والصادق في إيجاد حلول مستدامة”، تكفل حياة حرة كريمة للسوريين والسوريات، عبر مشاريع حقيقية، حيث أن بلادكم منذ بدء المحرقة بحق الشعب السوري على يد بشار الأسد ونحن نرى مواقفكم الشجاعة من هذا النظام.
الرجاء الالتفات إلى متابعة شؤون التعليم في سوريا، لأننا أمام جيل مهدد بالأمية، وخصوصاً في شمال البلاد، لدينا ملايين الطلاب (منهم آلاف المبدعين) الذين قد يشكلون علامة فارقة في المستقبل بسبب تميّزهم في مختلف المجالات.
سارعوا في دعم المدارس العامة والخاصة بالعربية والإنكليزية، ومختلف العلوم الأخرى، لأن أطفال سوريا يستحقون أن تقف معهم دولتكم وباقي دول العالم. وهنا لابد من دعم المعاهد والجامعات ومختلف المؤسسات المرتبطة بالتعليم في كل مستوياته.
أما بخصوص المشاريع المستدامة فهناك الكثير من السوريين الذين تتواصلون معهم يبدو أنهم أكثر فهماً لما يريده الوضع الحالي من مشاريع، ولكن يجب أن تدركوا أولاً وأخيراً بأن ملايين البشر يعيشون في بقعة صغيرة في شمال البلاد، وهم بحاجة لإيواء، حيث أن المشاريع الإسكانية أهم من غيرها لكون أعباء الخيام تُثقل الأسرة السورية وخصوصاً النساء، بسبب عدم وجود خصوصية للمرأة في كثير من مفاصل حياتها اليومية.
ومن حيث الطبابة، يوجد في البلاد عدد كبير من الأطباء لم يتركوا البلاد ويهاجروا وهم إلى الآن بجانب أهلهم يضمّدون جراحهم المفتوحة منذ 2011. يجب دعم هؤلاء الأطباء وبقية الكوادر الطبية بمستشفيات ومراكز صحية، ودُور توليدٍ خاصة للنساء.
في الختام.. يتطلع ملايين السوريين سيدة آنّ سنو إلى أن يبقى موقف المملكة المتحدة من نظام الأسد موقفاً ثابتاً بوصفه أحد أهم أسباب المقتلة السورية وأكثر الجهات انتهاكاً وإجراماً بحقّ السوريين والسوريات. وأن تظلوا مع سوريا.. ولا تنسوها.. حتى تحقيق دولة الحرية والعدالة والمساواة، دون التخلي عن حق إنصاف الضحايا ومعرفة مصير المختفين وإطلاق سراح مئات الآلاف من المعتقلين.