في مقدمتهم وزير الإعلام: “وزراء الصدفة” يثيرون سخرية السوريين وغضبهم
في أكثر من محطة بدا الوزير أنه لا يدرك ما يقول، وكان دفاعه عن الكاتب الذي وصف الثورة السورية بـ "الحرب الأهلية" مسيئاً!

أسامة المصري – العربي القديم
لم ينتظر السوريون 54 عاما من حكم النظام البائد، و14 عاما من القتل والتدمير والتهجير، ليجدوا حكومة سورية تحبط آمالهم، إضافة إلى مسؤولين ليسوا على قدر من المسؤولية، فبعض الوزراء وجدوا أنفسهم وزراء بالصدفة ودون مؤهلات، بدل أن يعملوا على النهوض بالبلد، نجدهم يبحثون بين الترهات إن لم نقل أسوأ من ذلك، ضمن سلسلة ترهات الوزراء وليس آخرها بالتأكيد طالما بقى هؤلاء وأمثالهم في مواقع المسؤولية، يتصرف وزير الإعلام القادم من خلفية إعلامية لا يعتد بها، يتصرف في وزارة الإعلام وكأنها صفحة “فيسبوك”، فالسيد الوزير الذي يجب أن يكون حريصا على مستوى الإعلاميين الذي يجب اعتمادهم، في الوزارة وفي المناسبات وفي المراكز والمواقع الإعلامية، نجده يبحث عن المشاهير ومن يسمون أنفسهم بالمؤثرين في “التيك توك” وغيره، التي يبحث مشاهيرها عن المردود المادي بأكثر الطرق ابتذالا ورخصاً، دون اعتماد الصدقية أو إيصال الحقيقة، أضف إلى ذلك فالوزير يستبعد الإعلاميين والصحفيين المحترفين في المناسبات، ويكتفي بمن حوله من المؤثرين أو المريدين الذين يعتمد عليهم غير آبه بالمصداقية، أو بطريقة إيصال المعلومة للجمهور، أو بكون وزارة الإعلام هذه هي لكل السوريين، وليست كتلفزيون سوريا الذي كان يديره هو لعزمي بشارة ومموليه فقط… وهناك أمثلة عديدة على ذلك، فهل اختيار الوزير للمحيطين به في المناسبات، وغير المناسبات، وتغييب الكفاءات خلفه الانتماء او موقف إيديولوجي، أم أنه يتناسب مع مستواه الإعلامي.
في أكثر من محطة بدا الوزير أنه لا يدرك ما يقول، وكان دفاعه عن الكاتب الذي وصف الثورة السورية بـ “الحرب الأهلية” مسيئا حتى للذين انتقدوا الكتاب، واصفا جمهور الثورة بجمهور “الكراجات”، فهل هو حقا لا يعترف بالثورة السورية منسجما مع المؤسسات الإعلامية التي عمل معها أو أنه تأثير باق من المعاهد التي درس فيها.
إن حديث الوزير وتصريحاته مؤخرا حول بناء “البوابة الدمشقية للإنتاج الفني والإعلامي”، وتوقيع عقد مع شركة كويتية مغمورة إن لم نقل مجهولة، ـ هناك إشارات استفهام حول صاحب الشركةـ، وبكل الحالات ليس هذا موضوعنا فذلك من مسؤولية الجهات المعنية في الدولة، لكن ما أردت الإشارة له الحديث عن بناء (1000) استوديو في المدينة الإعلامية المزمع انشاؤها، ما حقيقة هذا الرقم؟ هل هو للخداع البصري؟ أم للخداع المالي؟ أم الجهل؟ أم الثلاثة معا؟ فهوليود الأمريكية ليس لديها هكذا عدد من الاستديوهات، ومصر العريقة بالسينما على مدى مائة عام ليس لديها سوى عشرات الاستديوهات، واعتقد أن مدينة الإنتاج الإعلامي في مصر لديها حولي 12 استديو، فلماذا ذكر هذا الرقم، حقيقة لم أجد سببا أو مبررا، منظقيا، ومطلوب من السيد الوزير توضيح المسألة، خاصة أن هناك حديث عن إعادة بناء المدن القديمة فهل بهذه العقلية يعاد بناء المدن السورية العريقة؟ وهل يعرف السيد الوزير تاريخ المدن السورية عمرانيا وحضاريا؟.
لا بد أيضا من التذكير بسلوك الوزير في قضية “نور سليمان” التي أثارت ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل حولي الشهرين، على اعتبارها صحفية استدعتها وزارة الداخلية، للتحقيق معها حول منشوراتها الطائفية المشينة، فما كان من السيد وزير الإعلام إلا أن طلب من زميله وزير الداخلية، اطلاق سراحها، وهذا السلوك يذكرنا بسلوك مسؤولي النظام البائد، في حين يحلم السوريون أن يعيشوا في دولة جديدة يحكمها القانون لا الوساطات، وما يثير السخرية أيضا، كيف لوزير إعلام أن يشجع الصحفيين على الشتائم، وخطاب الكراهية، ولا يقبل محاسبتهم، حقيقة إن هذا الوزير يقدم نموذجا سيئا للإعلام والوزارات ويجب محاسبته وابعاده عن هذه الوزارة التي يجب أن تمثل وجه سوريا الجديدة لا نسخة عن نظام البائد.
أيضا قبل أيام كان للسيد وزير التربية قرار بتغيير أسماء المدارس، وكأن مشكلة التعليم في سوريا هي أسماء المدارس، ويبدو أنه لم يلحظ وجود مئات الالاف من الأطفال خارج المدارس، والملايين تنتظرهم مدارس بلا تجهيزات، أو مدارس لا يوجد فيها الحد الادنى من الشروط التعليمية والإنسانية، ودون أن أدخل أي صف في أي مدرسة ضمن المدن السورية المنكوبة، أعتقد أن مقاعد الدراسة متهالكة وغير صالحة للاستخدام، وأن النظام البائد لم يجدد أي تجهيزات مدرسية أو مخبرية منذ عقود، إضافة إلى الأبنية المتهالكة لمئات المدارس، فيما يماثلها من المدارس التي تهدمت كليا أو جزئيا في معظم أنحاء سوريا، وكذلك بالنسبة للطواقم التعليمية التي عانت منذ عقود من سياسة النظام البائد، دون أن ننسى المناهج التعليمية التي تتطلب تطويرا بما يتناسب مع التقدم العلمي والتكنولوجي ولن نحلم بالتأكيد أن توفر الوزارة أجهزة الكترونية للطلاب فذلك حلم بعيد المنال.
في ذات السياق إن تراجع الوزير عن تغيير اسم مدرسة تحمل اسم الكاتب المسرحي السوري سعدالله ونوس، يثير السخرية أيضا، ويشير إلى الارتجالية في اتخاذ القرارات، وسلم الأولويات، وحقيقة لا نعرف خلفية القرار بتغيير اسم سعد الله ونوس هل هو أيدولوجي مثلا؟ أم أن السيد الوزير لا يعرف من هو سعدالله ونوس؟، ولا ندري حقيقة ما هو الاسم البديل لسعدالله ونوس؟، هل كان مثلا أحد رواة الحديث المشكوك في مصداقيتهم؟.
إضافة إلى ذلك وضمن نشاطات الوزير التعليمية يبدو أنه حريص على التعليم الشرعي، فهو على ما يبدو يعتزم إحياء وافتتاح المزيد من المدارس الشرعية، ولا بد في هذا السياق من التذكير أن حافظ الأسد بنى آلاف الجوامع لأبعاد أبناء الأكثرية السورية عن العلم والمعرفة والاكتفاء بتحفيظ القرآن وأداء الصلاة في الجوامع، وجعلهم أتباع لرجال مشبوهين، وهذا ما حدث على نطاق واسع خلال الستة عقود من حكم النظام البائد فهل السيد الوزير يريد إحياء مشروع حافظ الأسد مرة أخرى.
من بين وزراء الصدفة أيضا وزير الثقافة الذي أثار ويثير الكثير من الضجيج في تصريحاته الإعلامية غير المسؤولة، والتي لا تناسب مطلقا مع كونه مثقف قبل أن يكون وزيرا، فالسيد الوزير الذي يصر أن يبتعد عن عمله كوزير ثقافة اصطحب معه مؤخرا منشدا دينيا إلى كنيسة في دمشق، ما أثار أيضا سخرية السوريين، فهل السيد الوزير كان يريد أن يعلم المسيحيين الإنشاد الديني وهم الأسبق في ذلك؟، أم ماذا كان يريد؟ وقبل ذلك دشن الوزير عمله الوزاري في زيارة أحد رجال النظام البائد الذي ألبسه عباءة فهل هذه الثقافة التي يريد تعميمها السيد الوزير، أم يريد أن يعلمنا التواضع من خلال تناول فطوره على أحد الأرصفة، فيما يتحفنا باستمرار بالتقاط الصور مع شخصيات مشبوهة، حقيقة لا أعرف أي ثقافة سيعمم هذا الوزير.
لا أدري من رشح هؤلاء الوزراء وقدمهم لرئيس الجمهورية السيد أحمد الشرع، إذ بات من الواضح أن بعضهم غير أكفاء ولا يستحقون أن يكونوا موظفين عاديين وليسوا وزراء، ربما يكونوا أكفاء بقضايا ليس لها علاقة بمصلحة سوريا والسوريين، فسوريا بحاجة لمسؤولين على قدر عالٍ من المسؤولية، ووزراء أكفاء يضعن الخطط للنهوض بسوريا، وتحقيق مطالب وآمال السوريين التي دفعوا أثمانا باهظة من دماء أبنائهم من أجل إسقاط حقبة الأسد برمتها، ما دفعه السوريون غال جدا ولا يقابل بحكومة على هذه الشاكلة، وبات واضحا أن نهج وسلوك وتصريحات بعض الوزراء يمثل انتكاسة للثورة السورية ولآمال السوريين، والمستقبل الذي يريدونه لأبنائهم ووطنهم، فهل سنشهد تعديلا وزاريا لتصحيح ما أفسده وزراء الصدفة.