فنون وآداب

سوريون ينعون الملحن العراقي كوكب حمزة الذي وصف بوتين بـ "وريث الفكر النبيل"

كتب محمد منصور

نعت نقابة الفنانين العراقيين الملحن العراقي كوكب حمزة الذي وافته المنية أمس الثلاثاء في الدنمارك، عن عمر ناهز الـ 80 عاماً.

 وكان حمزة المولود في محافظ بابل عام 1944 ، من الملحنين العراقيين البارزين الذين رفدوا الأغنية العراقية المعاصرة بروائع غنائية أسهمت في انتشارها عربيا، حيث نعته كذلك منظمة الحزب الشيوعي العراقي في الدنمارك بالقول:

“بألم واسى شديدين، تنعي منظمة الحزب الشيوعي العراقي في الدنمارك رفيقها الفنان الكبير كوكب حمزة، الذي غادرنا مساء هذا اليوم  2 / 4 / 2024 في مستشفى كوبنهاكن المركزي. وبرحيل الفنان كوكب حمزة، يكون العراق قد خسر قامة فنية رفيعة وموهبة موسيقية متميزة، كما خسر انإانا مناضلا من أجل حرية وكرامة شعبه، لم يحنِ هامته إلى طاغية ولم يطوع وتره إلى مستبد”

سوريون يستعيدون ذكرياتهم معه

وشارك العديد من الفنانين والكتاب السوريين، في رثاء الملحن العراقي الذي طاف في الاتحاد السوفياتي وجمهورياته أيام المد الشيوعي، كما أقام في دمشق نحو عقد من الزمان بين نهاية سبعينيات وثمانينات القرن العشرين، مستعيدين ذكرياتهم المشتركة معهم، فكتب الفنان التشكيلي موقف قات:

“عشنا في غرفة واحدة بموسكو خلال دراسة اللغة الروسية في السكن الطلابي. كان عندما يمل من الدراسة يأخذ الناي ويخرج من الغرفة إلى الكوريدور  ويجلس على طرف النافذة المطلة على الشارع ويبدأ العزف، الثلج والصقيع في الخارج وصوت الناي الدافئ في الداخل يملأ المكان. خلال دقائق كان الطلبة العرب يخرجون من غرفهم واحدا بعد الآخر وكأنما روح كوكب كانت تدعوهم  للإيمان بدين جديد يتحلقون حوله ويستمعون الى موسيقاه الحزينة كحزن العراق. لروحك الجميلة الرحمة والسلام ولعائلتك ومحبينك كل العزاء”

واعتبر الروائي السوري عبد الرحمن حلاق في منشور له على صفحته على فيسبوك،/ أن ” كوكباً من سماء العراق انطفأ”. مضيفاً: “وداعاً كوكب حمزة الصديق الجميل والملحن المبدع، سلّم على إسماعيل”.

وكتب الصحفي السوري بسام جميدة: ” لا أعرف منذ متى استمعت إليه وهو يدندن على عوده، ولكنني أحفظ هذه الأغنية بصوت المبدع حسين نعمة.. “يا نجمة”. “وياطيور الطايرة” بصوت سعدون.. وغيرها من الابداعات العراقية. كوكب حمزة صاحب الألحان المميزة والصوت الشجي، يغادرنا بعد أن زرع في أرواحنا ألحانه ودندناته التي فيها الكثير من حزنه وغربته، وكذلك أوجاعنا..الرحمة لروحك كوكب حمزة أيها العراقي الأصيل”

وآخرون يستعرضون مواقفه السياسية

لكن خلاف هذا الرثاء، يشعر الكثير من السوريين بالعتب على حمزة الذي زار دمشق مطلع العام 2022 وظهر على شاشة تلفزيون النظام، متناسياً جرائم الأسد بحق السوريين، كما يشعر الكثيرون بالاستهجان من مواقفه السياسية الأخرى، وخصوصا التي شكر فيها بوتين على جرائمه في أوكرانيا، واصفا إياه بـ “وريث الفكر النبيل” رغم كل جرائمه المشهودة في سوريا، ومباركاً حربه ضد أوكرانيا التي كان قد تابع دراسته للموسيقى في جامعتها، حين كانت جزءا من جمهوريات الاتحاد السوفييتي، فكتب في منشور له يقول:

«اليوم فقط بدأت أتحرر من الخوف، من مشاريع الصهيونية العالمية والماسونية، شكراً بوتين وريث الفكر الإنساني النبيل، شكراً لك يا ابن بوشكين وليرمنتوف ودستيافسكي».

تحديث الأغنية العراقية

وكان كوكب حمزة قد تخرج من معهد الدراسات الموسيقية في بغداد عام 1964، وعين مدرسا في مدرسة المربد في البصرة، ثم عازفاُ في فرقة البصرة الموسيقية، وهومن الذين برزوا في نهاية ستينات القرن الماضي، حيث سعى لإخراج الأغنية العراقية من رتابتها، حيث يصفها بالقول: “إنها – باستثناء أغنية (لا خبر) لفاضل عواد – كانت مخنوقة بالمقام والموّال والبستة” ويضيف في حوار صحفي معه نشر عام 2004: “بدأت بالتفكير بخلق أغنية عراقية حديثة تواكب الأغنية العربية” وكان أول أغنية وضعها أغنية “مر بيّه” التي غنتها المطربة العراقية غادة السالم عام 1969، ويعترف بأنها ” لم تنجح بسبب التشكيلات الموسيقية التي وضعتها فيها” لكن نجاحه الحقيقي تحقق مع حسين نعمة، في (يا نجمة) التي اعترف أنها مأخوذة من لحن فلولكلوري قام بتطويره بأدوات حديثة، مزاوجاً  بين الأغنية العراقية والموشح الأندلسي. ثم تكرس نجاحه مع فاضل عواد في (شوق الحمام)، وفؤاد سالك في (وين يا المحبوب). و(القنطرة بعيدة)، و(بساتين البنفسج) و(مكاتيب) و(يا طيور الطايرة) و(من تمشي) لسعدون الجابر.

كما تعاون كوكب حمزة مع أصوات عربية عدة كالسورية أصالة نصري، والمغربية أسماء المنور في (دموع إيزيس) من كلمات الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم، والكويتي عبد الله الرويشد في (يا صاحبي) من كلمات الأديب الكويتي اسماعيل فهد اسماعيل،

ووضع الموسيقي التصويرية لبعض المسلسلات التلفزيونية السورية، ومنها مسلسل (الحيار) تأليف لؤي عيادة وإخراج سمير سلمون، وإنتاج التلفزيون السوري عام 1987

وغادر كوكب حمزة العراق في عام 1974 في مستهل انطلاق موجة ملاحقة الشوعيين في العراق، حيث استقر في الدول الأوروبية وتحديداً في براغ وموسكو، ثم توجه للمغرب وبعدها إلى سوريا، وعاد في زيارات متقطعة إلى العراق بعد إسقاط نظام الرئيس صدام حسين، عام 2003 قبل أن يرحل في العاصمة الدنماركية كوبهاغن.

زر الذهاب إلى الأعلى