العربي الآن

المنظمة العربية لحقوق الانسان: هامش حرية لفرع السويداء... والمشاركة في الحراك ترجمة لميثاقها

العربي  القديم – إيمان أبو عساف

في ظل الوضع المزري لحقوق اللإنسان في سورية، وفي ظل تغول السلطة في أساليب القمع، والعدوان على حقوق المواطن السوري كإنسان، تأسست المنطمة العربية لحقوق الإنسان في سورية، للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة والسعي السلمي لتعزيزها. وقد اتخذت من العاصمة دمشق مركزاً لها، بحيث يشمل نشاطها الأراضي السورية كافة، من خلال فروعها في المحافظات  والمناطق، وتعرف باسم المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية، لكل المقيمين في الجمهورية العربية السورية، من سوريين وأجانب، ناهيك عن الدفاع عن حقوق السوريين المقيمين خارج الأراضي السورية.

لا أهداف سياسية، أو دينية، أو حزبية

تولي المنطمة التي ترفع شعار: “حرية، كرامة، عدالة، سلام” اهتمامها لقضايا الإنسان  في الوطن العربي والعالم أجمع، وليس للمنظمة أهداف سياسية أو دينية أو حزبية، وترتبط بعلاقات وثيقة  في كل ما يتعلق بالهيئات  الناشطة  في مجال حقوق الإنسان، ولاسيما المنظمة  العربية لحقوق الإنسان في القاهرة.

وتعمل المنظمة على احترام وحدة الأراضي السورية، وتعلن وقوفها بمواجهة أي محاولة للمس بوحدتها باسم حقوق الإنسان، وتسعى لتعزيز وحدة المجتمع السوري وتماسكه،  وتدعيم دولة الحق والقانون، دولة جميع المواطنين.

تعمل المنظمة لتحقيق أهدافها بجميع الوسائل المشروعة، عبر المادة ٣ من قانون تأسيسها، وتقضي بمساعدة  كل مواطن يتعرض لإجراء غير مشروع قانونياً. تسعى المنظمة لإنشاء مكاتب متخصصة، لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان، والتجاوز على حرياته، وحقوقه الأساسية، ويتم تشكيل هذه المكاتب، وتحديد نشاطها بقرار يتخذ من قبل مجلس الإدارة.

هامش من الحرية لفرع السويداء

 تقوم المنظمة بإقامة دورات متخصصة  بحقوق الإنسان، بتفعيل دور القانون، واللجوء إلى القضاء، عند حدوث انتهاكات، وعلى قاعدة هذا التعريف سأبدأ بمتابعة منظمة حقوق الإنسان التي كان مركزها دمشق، ولها فروع في أنحاء الجمهورية العربية السورية، ولكن النزاع السوري عطل نشاطها في أنحاء سورية تقريباً، وبقي فرع السويداء يعمل،  في ظل توافر هامش من الحرية. وهو أمر يعود إلى أن السلطة كانت تتبنى في قمعها حجة حماية الأقليات؛ الأمر الذي جعل العمل نسبياً. ونقول “أكثر حرية”، رغم القبضة الأمنية، والمطاردة  للأعضاء، واعتقالهم أحياناً، ومنعهم من السفر، والاستدعاء الأمني بين فترة وأخرى.

 ولابد من الإشارة الى أن أعضاء المنظمة في السويداء ابتكروا أساليب، للاجتماع  في بيوت المنتسبين، ولما كان الأمر يستدعي نشاطاً عاماً  كانت منظمة (جذور) السورية  جاهزة، لاستقبال كل نشاطات المنظمة، وقد تعرضت صالة جذور أيضاً لملاحقات، وإغلاق واستدعاءات أمنية، بسبب نشاط المنظمة الثقافي فيها.

كما نصت المادة ٣ في ميثاق التأسيس على أن المنظمة، عبر كل الوسائل المشروعة تسعى، لتحقيق أهدافها، لذلك قام فرع السويداء، بإنشاء مكاتب ولجان مختصة، عملت فيها بعض اللجان سراً؛ لأن عملها يخص التوثيق، وتسجيل الانتهاكات في كل الدوائر، والمؤسسات الأهلية والحكومية  والمجتمعية. 

المكتب القانوني وتعميم ثقافة حقوق الإنسان

واستطاعت لجانها الحقوقية الدفاع عن حقوق بعض المعتقلين من أعضائها، وتم الإفراج عنهم. وأما المكاتب التي نشطت في فرع السويداء، فكان أبرزها: المكتب القانوني الذي أسهم في نشر، وتعميم ثقافة حقوق الإنسان،  كما أقام دورات توضح كيفية تفعيل القوانين، واللجوء إلى القضاء بموجبها، عند حدوث أي انتهاكات، ومن أعضاء المكتب القانوني نذكر مثلاً لا حصراً:  المحامي المرحوم الأستاذ (متروك صيموعة)، والأستاذ (عثمان العيسمي)، وغيرهما من الذين تحفظوا على ذكر أسمائهم، لضرورات أمنية.

مكتب الدراسات وجريدته الورقية

كما تأسس مكتب الدراسات، ومن أهم أعضائه: الأستاذ زيدان عبد الملك، والدكتورة لجين حمزة، والأستاذة إيمان أبو عساف وغيرهم.

وقد أصدر مكتب الدراسات جريدة ورقية مُولت من تبرعات الأعضاء، وأطلق عليها اسم (إنسان)، وموقع إلكتروني بنفس التسمية، وتوقفت الجريدة بعد العدد (٣٣)؛ بسبب العجز المادي، وتنوعت مواضيعها،  ما بين الحقوقي كثقافة، وبين الإشارة إلى  الانتهاكات التي يقوم بها النظام، ولم تترك مناسبة عالمية، حسب شرعة حقوق الإنسان، إلا وتعمقت في شرحه وعرضه. 

أما مكتب الإعلام كانت مهمته الإعلان، والتواصل مع الإعلام، وتوزيع البيانات وإصدارها، واستطاع مكتب  تقصي الانتهاكات، من خلال لجنة تقصي الانتهاكات توثيق (١٤٣) حالة قتل تحت التعذيب.

مكتب المرأة والطفل ومكافحة جرائم الشرف

قام مكتب المرأة والطفل، وهو أحد أهم المكاتب الفاعلة في المنظمة، قام بنشاط كبير في مجال ثقافة حقوق الطفل والمرأة. ومن أبرز ما قدمه في هذا السياق، دورات تثقيفية، تناولت جرائم الشرف، وقانون الأحوال الشخصية  في سورية، و زواج القاصرات، والتحرش الجنسي،  والتسرب المدرسي …..الخ.

وطوال فترة نشاط فرع المنظمة في السويداء، كانت المنظمة تتابع مجريات الأحداث، في  كل من الغوطة، وإدلب، وقد أصدر رئيس المنظمة آنذاك الأستاذ مروان حمزة بياناً أدان فيه الاعتداء على ريف الغوطة، وذكر موثقاً أعداد القتلى من النساء والأطفال، وسعي النظام لتخريب البنية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع في الريف الدمشقي، وأشار إلى استعمال السلاح الكيماوي في عملية الإبادة، واصفاً ما يحصل بجرائم حرب، داعياً المجتمع الدولي، لاتخاذ إجراءات قانونية. وتم اعتقال الأستاذ مروان حمزة، من قبل فرع فلسطين، وتم الإفراج عنه بنشاط  المكتب القانوني.

المشاركة الفاعلة في الحراك

بالعودة إلى مشاركة المنظمة في الحراك، نؤكد على دور المنظمة بالتوثيق، ورفع الصوت عالياً، فقد كانت مشاركة ومبادرة على مختلف الصعد، بالمطالبة بحقوق الإنسان السوري، وإن من واجبها الدفاع عن وحدة الأراضي السورية، وإن وقوفها في الحراك، ما هو إلا ترجمة لميثاق تأسيسها الذي قام على حماية حقوق السوريين الاقتصادية، والسياسية، والحقوقية والإنسانية.

وقبل عام، أو عامين من بدء حراك السويداء المشهود، أخذت المنظمة  تكثف نشاطها الثقافي والإعلامي والميداني، بخروجها المستمر، وفي الآونة الأخيرة  كان خروجها منظماً يترافق، مع حمل لافتات مدروسة تكثف المطالب الحقوقية والإنسانية، ولوحظ تنامي نشاط إعلامي متواصل، عبر مواقع وقنوات إعلامية مختلفة، تناولت الحدث السوري تناولاً حقوقياً، وإنسانياً مؤسساً على قاعدة الوعي بالحقوق.  

وعلى عاتق هذه المسؤولية يمضي فرع السويداء بنشاط غير عادي، جوهره تعدد المجالات والنشاطات، وتنوع وشمولية الأهداف، من نشر الثقافة الحقوقية وتأصيلها مجتمعياً، إلى التوثيق الممنهج للانتهاكات، لتعميق الإيمان بأن قدر الإنسان أن يكون حراً كريماً، وأن الانتهاكات بحقه ليست حدثاً عادياً، وإنما تجاوز يجب رصده، وفضح فاعليه ومرتكبيه.

___________________________________________________

صحافــــــة مــــن أجـــــل حقـــــــــــــوق الإنســـــــــــــــــــــــــــان

زر الذهاب إلى الأعلى