أرشيف المجلة الشهرية

الأب باسيليوس نصار: جثة على رصيف بحراسة قناص!

القناص الذي تمركز بالقرب من المكان كان يمنع وصول أي أحد لإنقاذه.

سيلفا كورية – العربي القديم

باسيليوس نصار، اسم خلدته ذاكرة الثورة السورية، رغم مرور أكثر من اثني عشر عاماً على اغتياله.

الكاهن  الأرثوذوكسي  الذي لم يتجاوز الثلاثين من عمره (مواليد 1/1/1982 في كفربهم جنوب غربي مدينة حماة)، اغتيل برصاص قناص بالقرب من حي الجراجمة في حماة.

في ذلك الشتاء القارس… اغتيل ذلك المهندس الشاب الذي سجل في كلية الهندسة الزراعية في جامعة حلب، والتحق بمعهد القديس يوحنا الدمشقي بجامعة البلمند وتخرج منه بشهادة البكالوريوس بدرجة امتياز عام 2004، والذي امتلأ وطنية وعزماً وعلماً، فأسس مدرسة القديس كوزما لتعليم الموسيقا الكنسية، ومثّل الأبرشية في مؤتمر في سويسرا، وكانت له نشاطات رعوية لم تتوقف.  

تقول الشهادة المسجلة التي ذكرها الأب بندلايمون العيسى  الشاهد على الجريمة، بأنه في تمام الساعة الواحدة من يوم الأربعاء الخامس والعشرين من كانون الثاني ٢٠١٢، جاءت سيدة إلى مطرانية حماة، تخبرهم بأن أحد افراد الرعية قد توفي، وهو ملقى على الرصيف لساعات بدون مساعدة.. وعلى الرغم من أن مطران الرعية، قد أمر بالانتظار، لكن الكاهن نصار، أصر على الذهاب، وهو المشهود له بالتواضع والمساعدة، والمعايش لنبض الشارع الحموي الثائر.

الجثة الملقاة على بعد أقل من خمس دقائق مشياً على الأقدام من المطرانية، احتاج الوصول إليها ما يقارب الساعة، فالقناص الذي تمركز بالقرب من المكان كان يمنع وصول أي أحد لإنقاذه.

يؤكد الكاهن العيسى المرافق للأب نصار في ذلك اليوم، بأنهم أطلقوا نداءات عدة مطالبين بإعطاء هدنة،  لكن الرصاص لم يتوقف مستهدفاً إياهم هذه المرة بشكل مباشر… لقد كان مطلقو الرصاص يعرفون هدفهم تماماً.

 إطلاق الرصاص، استمر ما يقارب الساعة، وهم محتمون بجدار قريب، إلى أن تمكن أحد الجيران من فتح باب منزله وإدخالهم بعد فوات الأوان، فالكاهن باسيليوس، كان قد أصيب إصابة مباشرة، وفارق الحياة على الفور.

لم تنجح مخابرات نظام الأسد في تمرير الجريمة، رغم المحاولات العديدة، وكان يوم تشييعه وداعاً مهيباً، حُمل نعشه على الأكتاف، في ظل غياب تام لأي صور للديكتاتور بشار الأسد،  أو حضور أي من ممثليه الرسميين.. وداع شعبي  يتسق مع رسالته الداعية إلى الوحدة الوطنية والتآخي بين السوريين، كما نعته صفحات الثورة وتنسيقياتها معتبرين أنه شهيد الحرية والكرامة.

  _________________________________________

 من مقالات العدد الثامن عشر من (العربي القديم) عدد الاحتفال بالنصر، الخاص بشهداء ثورة القرن – كانون الأول/ ديسمبر 2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى