أيها العرب لا تتغيروا.. ابقوا عرباً حتى نهاية العالم
أيها الحكام العرب ابتعدوا عن أحلام المجد الفارغة قليلاً، وكونوا واقعيين للحظات.. كفوا عن الصراخ والنباح، كفوا عن اتهامنا وشتمنا، ووصفنا بأبشع العبارات.. كفوا عن قتلنا وتهجيرنا، فكلكم شارك بهذا الفعل المشين حسب قدرته.. كلكم ساعد على رسم اتجاه بوصلة هذا الزمن الأصفر الذي توقّف يوماً، عند جسد بوعزيزي المحترق، ومن ثم عاد أسود!
لقد أهملتم العقل والجوهر، واستأثرتم بالقشور والفتات والهلام. خطابات إنشائية، وأناشيد عن انتصارات وهمية، لكن النتيجة ركام من النكبات والنكسات المؤلمة. حاربتم بسيوف من خشب، وآمنتم أنها صنعت من الفولاذ الدمشقي. نسيتم التاريخ والأدب والفن والموسيقى، وقدمتم منابرنا وصالاتنا ومسارحنا وإذاعاتنا وقنواتنا، لمجموعة من المرتزقة الغوغائيين الذين ينمون ببطون الأوطان كالديدان الشريطية… يأكلون، ويأكلون، ويأكلون، ولا ينتهون!
أغلقوا فضائياتكم ومنصاتكم، ومواقعكم الرسمية، والشبه رسمية، كي توقفوا مستودعات كلامكم المصابة بآلاف الأمراض والفيروسات، وبكتريا الثقافة الوطنية المتسرطنة.. أوقفوا كذب مقدميها، وأحاديثهم التي تشبه طاعون البقر، وحمى قلاع مشاريع النهضة المزورة…
أيها العرب حطموا حواجز اليأس، والتعب والخوف التي تختبئون وراءها، كي تتجنبوا عبء، وظلم ما يحدث في أراضيكم التي أصبحت مبذرة للعمامات السوداء القادمة من عفونة التاريخ الفارسي!
أَأصابكم دوار البحر أيها الحكام العرب، وتغلغلت دوائره بعقولكم وأدمنتموه؟ فدوار البحر يمكن التظاهر بأعراضه، مثله مثل أي مرض آخر، فهل أنتم مصابون حقيقيون بهذا الداء، وقد هزلت أجسادكم، ووهنت عزائمكم، وفقدتم الحماس، والمبادرة والشجاعة؟!
يذكر بعض المؤرخين أن عدداً من القادة البحريين كانوا يحققون انتصارات رائعة، بغض النظر عن كونهم مصابين بدوار البحر.. كانت عزيمتهم، وثباتهم وحماسهم ووطنيتهم وإيمانهم يقلل من تأثير ضعفهم الجسدي.. تعطشهم للنصر كان يفوق كل تصوّر وادعاء!
الثوار السوريون، ورغم الحصار والجوع والقمع والترويع والتنكيل، وكثرة قطعان الأمن، والشبيحة، والميليشيات الطائفية العابرة للحدود، والمدججة بأحدث أنواع الحقد، والكراهية الواقفة على أفواه شوارعنا ومنازلنا، وعلى طحين أرغفة خبزنا، حققوا انتصارات رائعة تشرفنا، وترفع رؤوسنا التي تعوّدت الانحناء والخنوع والرضوخ…
رغم صنعكم وهماً اسمه إسرائيل، أصبح مع الأيام سمّاً يتدفق في أوردة معاهدات التطبيع اليومية، ورغم خياناتكم، وهزائمكم المستمرة، وسمسرتكم على مفاتيح فلسطين، ورغم متوالية القتل اليومية سار ثوار الحياة فيها، وبطريقهم أغلقوا أجفانهم بشدة حالمين بوطن حرّ، وحياة كريمة، وأشياء أخرى جميلة ورائعة.
اعرفوا أيها العرب أن هذا العالم مبني على الظلم، ولا مكان فيه للعدالة؛ لذلك لا تتغيروا، حتى و”إن أماتوا زهرةً في جوفكم، فبُستانكم مازال حياً” – حسبما قال شيخنا المبدع جلال الدين الرومي!
ابقوا عرباً، حتى نهاية العالم.. لا تتغيروا أمام أحد، وغير أحد، فها هو الروائي الإسرائيلي دافيد غروسمان يعترف قائلاً: “إن أعنف سلاح استعمله العرب ضدنا هو ألا يتغيروا!”.. افخروا وافرحوا أيها الثوار العرب.. أنتم الوحيدون الذين لم يتغيروا، ولم تنكس رؤوسهم إذعاناً وخذلاناً أمام عار أعوامنا.
أيها البعيد توقّف للحظة، وتذكّر أن كروموزومات الحجر التي تكاثر المنازل هي هي، لن تتغير إلى آخر خراب في دوراتنا الدموية، وتضاريس التراب في متاريس أرواحنا المنيعة.. لن يمروا… لن يمروا أبداً!
👍🌹
تحياتي دكتور علي