فيلم (نزوح) لسعاد كعدان: هل نستطيع الحلم تحت القصف؟
العربي القديم – أحمد صلال
يروي فيلم (نزوح) للمخرجة السورية سعاد (سؤدد) كعدان، الذي أنتج مؤخراً، قصة أسرة سورية يرفض والدها مغادرة شقة العائلة، رغم تهديد الحرب. كوميديا تراجيدية، حيث يصبح الإنكار عملاً من أعمال المقاومة.
“لا يوجد شيء في المنزل، كل شيء على ما يرام!” قصف أدى للتو إلى تمزيق واجهة المبنى، وتدمير جزء من الأثاث، ودفن كل شيء في الغبار، ولكن لا شيء يساعد، معتز الذي قام بدوره الممثل السوري سامر المصري أن يغادر. فهل يفقد هذا الأب الذي يعيش مع زوجته هالة الممثلة كندا علوش، وابنتهما زينة في ريف دمشق عقله؟ يتربص الموت في هذا الحي المهجور، لكنه يرفض مغادرة المنزل، مما يجبر عائلته على فعل الشيء نفسه: “أفضل أن أموت على أن أعامل كلاجئ”.
الشعر مقابل الواقع
في اللغة العربية، كلمة “نزوح” تعني “النزوح”، “الحركة”، “الخروج”. ويمكن أن زينة تحلم أن تصبح صيادة سمك، أمام أعيننا، تتأمل السماء، وهي تتحول إلى أمواج، وتشكل الطيور حصىً ترتد في تفكيرها حول السحاب، وبصنارة صيدها الصغيرة ترمي شباكها في الأثير. فيلم سعاد كعدان مليء بالصور الشعرية التي تتناقض مع المأساة التي تعيشها هذه العائلة المحكوم عليها بالحرب. الأم، وهي العمود الوحيد المعقول في الأسرة تراقب هذا المشهد بتحفظ، خوفًا من أن الإنكار الذي يساعدهم على البقاء لفترة من الوقت، سينتهي به الأمر إلى الموت بالنسبة لهم.
دمعة المنفى
هل نحن حقاً ملزمون بإطاعة الواقع، والاستسلام لقوانينه الصارمة، عندما يكون من الصعب للغاية التعايش معها؟ هذا هو السؤال الذي تطرحه هذه العائلة الدمشقية، آخر من احتفظ بمكانته في هذا الحي الشبحي، ولكن أيضاً مخرج نزوح، يعلم جيداً أن تصوير الحرب في سوريا، دون إظهار الدبابات، أو الجثث، أو ذكر اسم بشار الأسد أمر غريب، إن لم يكن خطأً أخلاقياً. ولذلك فإن كعدان ماكرة، من خلال شخصية عامر، جار زينة في عمر زينة، والذي يقوم بتصوير فيلم وثائقي عن القتال في مكان قريب، كما أنه سيسلم ميكروفونه لزينة لجمع شهادتها، عندما يعرض عليها مقتطفًا من فيلمه، تحتج الفتاة قائلة: «أطفئي. لا أريد أن أشاهد فيلمًا يموت فيه شخص ما. » رد عامر: «فيلم عن سوريا لا يموت فيه أحد، هل موجود؟» نعم، واسمه نزوح.
وبينما تتطور صداقة رومانسية بين المراهقين اللذين يجدان نفسهما في الخفاء على سطح المبنى، يظهر الواقع من جديد بشكل آخر. يقوم أحد أقارب العائلة بدعوة نفسه لهذه العائلة، لطلب الزواج من زينة التي لم تصل بعد إلى سن البلوغ. نحن نفهم أن خطيب زينة مقاتل في صفوف الجماعات المتمردة المسلحة، مما يعرضها ليس فقط للزواج المبكر، بل للترمل المؤكد. بالنسبة للأم هالة، هذا كثير جدًا. ضد نصيحة زوجها، ولحماية ابنتها من هذا التهديد الأبوي الأصم من القنابل، ولكنه مدمر بنفس القدر، قررت الفرار، والانضمام إلى مخيم للاجئين، وأوروبا نصب عينيها، حيث تعيش إحدى بناتها بالفعل.
في نزوح، يعود الشكل البصري، وهو التمزيق. يتم تحديد المستويين الأول والثاني، بواسطة عنصر من عناصر الديكور (جدار حجري، لوح، أوراق شجرة) والذي يقطع الشاشة بشكل غير مرن. وبالتالي فإن العرض يمثل ما قبل، وما بعد، ويعكس المصير الصعب الذي ينتظر العائلة، على الرغم من إحجام معتز الكوميدي المأساوي، من خلال ترك عنف الحرب بعيدًا عن الكاميرا، ولكن من خلال إظهار الانفجارات الحميمية التي تسببها في الشخصيات، تمكن سعاد كعدان، من نقل كل الرعب والسخافة، دون الاستسلام للملائكية. إذا كانت الكاميرا لا تستطيع أن تفعل شيئًا ضد القنابل، فإن قوتها تكمن في مكان آخر: جعل السفر بعيدًا عن سوريا الدموع، والأحلام التي أخذها المنفيون الذين أصبحوا جيراننا، معهم في رحلتهم.