العربي الآن

زيارات الشرع: دبلوماسية الظلال وخفايا الحضور في تركيا والإمارات

ما نراه علناً قد لا يكون إلا غطاءً لتحولات أعمق، وخيارات سياسية يتم هندستها بهدوء

سامي زرقة – العربي القديم

في توقيت إقليمي بالغ الحساسية، جاءت زيارة أحمد الشرع إلى كل من تركيا والإمارات ومشاركته في منتدى أنطاليا الدبلوماسي، لتفتح باب التأويل واسعاً حول خلفيات هذه الجولة، وأهدافها غير المعلنة.. وعلى الرغم من أن الحضور بدا، على السطح، كمشاركة طبيعية في فعالية دولية، إلا أن مَن يقرأ بين السطور يدرك أن وراء هذه الخطوات ما هو أبعد من الصورة التقليدية للزيارات الدبلوماسية.

الإمارات: رسائل غير معلنة في لقاءات مغلقة

انتهت الجولة في الإمارات، حيث التقى أحمد الشرع بعدد من الشخصيات السياسية والاقتصادية، في لقاءات لم تُعلن بشكل رسمي.. ما أُعلن عنها لم يتعدَ كلمات مقتضبة عن “تعزيز العلاقات” و”بحث القضايا ذات الاهتمام المشترك”، بينما الواقع يشير إلى مشاورات أعمق تتعلق بإعادة تشكيل الحضور السياسي للشرع على الساحة العربية، واستكشاف خيارات العودة إلى الفضاء العام.

الإمارات، التي تنتهج سياسة خارجية مرنة وتحرص على تموضع عقلاني في الملفات الإقليمية، تبدو كمن يفتح الباب لفاعلين من الطراز القديم – ولكن بشروط جديدة. فهل كان هذا “اجتماع اختبار” قبل منحه هامش أوسع للحركة؟

تركيا: علاقات تتجاوز العنوان

قبل أبوظبي وفي أنقرة تحديداً، كان أحمد الشرع في جغرافيا سياسية مغايرة، لكن بنفس الحمولة.. في تركيا، جاءت مشاركته في مؤتمر أنطاليا كجزء من منصة واسعة تستقطب رموزاً فاعلة في السياسة والدبلوماسية. إلا أن الحضور لم يكن فقط للمشاركة، بل للتفاوض في الخفاء.

مصادر إعلامية مطلعة تحدّثت عن اجتماعات جانبية جمعت الشرع بمسؤولين أتراك، وكذلك شخصيات أوروبية، فيما يبدو أنه محاولة “لإعادة تدوير حضوره” كشخصية سياسية قابلة للعب دور معين في المرحلة القادمة.

تركيا، التي تمر بتحولات داخلية وتعيد صياغة علاقاتها الخارجية، قد تكون مهتمة بخلق قنوات خلفية مع شخصيات من مناطق النفوذ العربي، لا سيما تلك التي تملك خبرة أو رمزية معينة في ملفات شائكة.

أنطاليا.. منصة لتصفية الرسائل

في قاعات مؤتمر أنطاليا، وقف أحمد الشرع أمام جمهور دولي واسع.. كان حضوره ذا دلالة رمزية عالية.. فالمؤتمر، بحد ذاته، ليس مجرد لقاء أكاديمي أو سياسي، بل مساحة تجريبية لإعادة التموضع، واستعراض الشخصيات أمام عدسات صانعي القرار الدوليين.

حضور الشرع هناك أعاد للأذهان أسلوب “الدبلوماسية الرمادية” التي تمزج بين الخطاب الناعم والطموح الشخصي الواضح.. البعض رأى في مشاركته محاولة لقياس المزاج الدولي، واختبار إمكانيات الانخراط مجدداً في لعبة السياسة.

محاولة للعودة.. ولكن بأي مشروع؟

المثير في هذه الزيارة ليس مجرد التحركات، بل الرسائل الضمنية التي بعثها الشرع عبر اختياره للدول والمنابر.. الإمارات وتركيا تمثلان قوتين إقليميتين على طرفي توازنات معقّدة، ما يطرح تساؤلاً: هل يتحرك الشرع بشكل فردي، أم أن هناك قوى تدفع به كـ”ورقة تفاوض” في مرحلة إعادة الترتيب؟

كما يبرز سؤال جوهري: ما المشروع الذي يحمله أحمد الشرع؟ هل هو مجرد عودة رمزية لمشهد سياسي فقد الكثير من زخمه، أم أنه يسعى لصياغة دور جديد في مشهد عربي يبحث عن توازنات ما بعد الانهيارات الكبرى؟

في الخلاصة: جولة أحمد الشرع بين أبوظبي وأنقرة، ومشاركته في مؤتمر أنطاليا، ليست سوى صفحة أولى في فصل جديد من قصة لم تُحكَ بعد بالكامل.. ما نراه علناً قد لا يكون إلا غطاءً لتحولات أعمق، وخيارات سياسية يتم هندستها بهدوء خلف الكواليس..

فهل سنشهد عودة كاملة؟ أم أن هذا الحضور مجرد ومضة في زمن سياسي سريع التحول؟

الأسابيع القادمة فقط ستحمل الجواب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى