الصور الكاذبة تجتاح وسائل التواصل الاجتماعي: من صوّر قبر النبي محمد؟
العربي القديم – متابعات
تعاني وسائل التواصل الاجتماعي من انتشار الصور والأخبار التي تزعم أحداثا ووقائع محرفة، وقد عملت إدارة وسائل التواصل منذ سنوات على سن قوانين وضوابط للحد منها، منها تمكين المتابعين من التبيلغ عما يرون أنه “محتوى إحتيالي” ما يدفع المشرفين لمراجعته للتأكد من صدقية الشكوى، أو إلزام وسائل الإعلام التي تنقل محتوى من السوشيال ميديا على وضع موقع الصورة أو الفيديو الذي يفترض أن الحدث وقع فيه، ما يشكل وسيلة تحقق جغرافية هامة تساعد على تفحص مزاعم أي مادة غير موثوقة.
وقبل أيام حصد مقطع فيديو يزعم ناشروه أنه يظهر الحُجرة النبوية الشريفة التي يقع فيها قبر النبيّ محمّد صلى الله عليه وسلم في حرم المسجد النبويّ في المدينة المنوّرة… ملايين المشاهدات، وخصوصا أنه أرفق بعبارة تفيد أنه يصور لأول مرة.
خدمة تقصّي صحّة الأخبار باللغة العربيّة، التي تتيحها وكالة فرانس برس لمشتركيها بالمجان، والتي تهتم بكشف الأخبار المزورة كشفت أن هذا الادعاء كاذب
إذ يظهر الفيديو حُجرة مرصعة بالأحجار وفي فنائها قبر مغطى بكسوة خضراء. وعلّق الناشرون بالقول “للمرة الأولى تصوير قبر الرسول من الداخل 2024″. إلا أن الوكالة أوضحت أن الفيديو مُصوّر في ضريح شيخ صوفيّ في مدينة عقرة شمال العراق. حيث مكّنت تقنية البحث عن صور ثابتة من الفيديو، من العثور على مقطع منشور على يوتيوب يقول ناشره إنه لـ”مرقد الشيخ عبد العزيز الجيلاني” في العراق، وهو فقيه ومعلّم صوفي عاش في العراق في القرن الثاني عشر للميلاد. وهو ابن المعلّم الصوفيّ الشهير الشيخ عبد القادر الجيلاني، الذي ما زالت الطريقة الصوفية المنسوبة له “الطريقة القادريّة” منتشرة في كثير من أنحاء العالم الإسلامي.
والمعروف أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم دفن في بيته، على مقربة من المسجد الذي بناه في المدينة بعد هجرته إليها من مكّة. ومع توسيع المسجد تباعاً أصبح البيت والقبر داخل حرم المسجد المعروف باسم المسجد النبويّ، أو الحرم النبويّ، في المدينة المنوّرة. والقبر في حجرة مغلقة من المسجد النبويّ، تدعى “الحجرة الشريفة” وهو محجوب عن الزوّار وعن عدسات التصوير.
وآخر من دخل الحجرة النبوية قبل نحو 600 عام كان نور الدين السمهودي المتوفى عام 911 للهجرة. الذي وصفها في كتابه بالقول: “أرضيتها رملة حصباء حمراء ندية ليس لها غبار، وتنزل أرضية الحجرة النبوية عن أرض المسجد النبوي بمقدار ذراع أي حدود 60 سم تقريباً، كما أن القبور لا تكاد ترى تسنيمها أي ارتفاعها عن الأرض وقد قاموا في تلك الفترة بإزالة السقف الموجود على الحجرة وجعلوا سقفا من خشب الساج متداخل مع بعضه البعض، مثل الشبك المربع الموجود على الحجرة، وبنوا فوق الخشب قبة صغيرة ارتفاعها 8 أمتار تقع مباشرة تحت القبة الخضراء”.
وتابع السمهودي في كتابه (وفاء الوفاء): “تمت إضافة نافذة ثم أغلقت الجدران حتى وقتنا الحالي، وأضيف لهما جدار ثالث، وكان ذلك عام 881 هـ، وكان ذلك آخر دخول للحجرة النبوية”.