فنون وآداب

نحو إعادة هيكلة المؤسسات الإعلامية الرسمية

بعد سقوط نظام البعث والأسد أصبحت الصحف الرسمية أكثر سوءا في غياب الطبعات الورقية التي توقفت قبل سنوات، وفشلت الإصدارات الرقمية في الحصول على ثقة القراء

صبري عيسى – العربي القديم

منذ انقلاب 8 آذار عام 1963 وإيقاف الصحافة الحرة وإلغاء امتيازات الصحف الخاصة، ومصادرة مطابعها، وتأسيس صحافة رسمية بديلة تنطق بلسان حكومات البعث المتعاقبة، حتى يوم سقوط البعث والأسد، لم يعرف السوريون صحافة تنطق باسمهم وتعبر عن مناحي حياتهم، وتعكس حاجاتهم الأساسية لمعرفة أخبار بلدهم والعالم، فقد اعتمدت السلطات المتعاقبة اختيار رؤساء تحرير يدينون بالولاء  لها ولخطابها ونواهيها وأوامرها، وحتى يحافظ رؤساء التحرير على مواقعهم كانوا يتجاهلون حياة الناس ومعاناتهم، مع تجاهل هؤلاء انتشار مظاهر وصفقات الفساد حتى أصبحت سورية من اكبر دول العالم في ارتفاع معدلات الفساد بحسب إحصاءات منظمة الشفافية الدولية غير الحكومية المعنية بقياس نسب الفساد سنويا في دول العالم، وعقد رؤساء تحرير هذه الصحف تحالفات من تحت الطاولة مع اركان الفساد ورموزه، فقاطع الناس هذه الصحف التي كان رؤساء تحريرها يحجبون ارقام التوزيع والمبيعات الحقيقية ويعتبرونها أسرارا لا يجوز تداولها  !

بعد سقوط نظام البعث والأسد أصبحت الصحف الرسمية اكثر سوءا في غياب الطبعات الورقية التي توقفت قبل سنوات، وفشلت الإصدارات الرقمية في الحصول على ثقة القراء، وبعد اعتماد رؤساء تحرير لا يمتلكون رصيدا كافيا من الخبرة، وفشلت محاولات المصالحة بين القارئ السوري وصحافته، ووفرت وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات واليوتيوب البديل الذي يوفر للسوريين معرفة كل ما يتعلق بحياتهم ومستقبل بلادهم !

أمام هذا الواقع بقيت الهيكلية التي تنظم المؤسسات الإعلامية كما هي قبل 8 كانون اول 2024 ، ومن غير المعقول ان موقعا اخباريا إعلامياً كموقع جريدة  الثورة، أو جريدة الحرية التي كانت تحمل اسم (تشرين) لعدة عقود، تزدحم بعشرات الكوادر التحريرية ولكل منهما هيئة تحرير كبيرة يقود العمل في كل منهما، رئيس تحرير ومدير تحرير واثنان كأمناء تحرير إضافة إلى رؤساء أقسام وكوادر كبيرة، تتبع كل قسم في تضخم عددي أكبر من حاجة أي وسيلة إعلامية تقتصر على موقع على النت يعجز عن منافسة أي موقع لصفحة فردية على الفيسبوك !

سوء اختيار الحكومة للكوادر العاملة من مدراء ورؤساء تحرير، مع استبعاد بعص المهنيين في الإعلام الرسمي، رفع من معدلات الأخطاء الكارثية بوجود وزير إعلام فشل في تسويق سياسات حكومة الحرية  

يفكر البعض بإعادة الإصدار الورقي لكل من جريدة (الثورة) وجريدة (الحرية)، وأنا متأكد ان هذا لا يمكن بسبب أن كلفة النسخة الواحدة ستتجاوز العشرة الاف ليرة سورية، إضافة الى استحالة الطباعة المؤسستين بعد تحول مكنات الطباعة فيهما إلى خردة، مع توقف مصانع الطباعة في العالم عن إنتاج مطابع رول لصحف توقفت عن الإصدار الورقي في كل انحاء العالم!  

لذا اقترح عل الحكومة وضع مبنى صحيفة الثورة بطوابقه السبعة في الاستثمار، مع ان شكل المبني ومخططه يصلح ليكون فندقاَ او مشفى استثماريا عاماً، يحقق ريعا كبيرا يدعم موازنة الحكومة ويساعدها في إعمار البلد المدمر، ونفس الحال ينطبق على مبنى صحيفة تشرين الذي يتمتع بمساح طابقية كبير تصلح لتكون اكبر مول يخدم أهالي منطقة كورنيش الميدان الكبيرة !

بعد توقف جريدة (البعث) أصبح من الممكن انتقال جريدتي (الثورة) و(الحرية) إلى مبنى وزارة الاعلام وتخصيص طابق لكل جريدة منهما… إذا أردنا أن نحارب الهدر والتضخم

زر الذهاب إلى الأعلى