مسؤول تثقيف أيديولوجي يوزع صكوك الاعتدال على السوريين
السنة الذين تشيطونهم لو كانوا فعلاً كما تغمز، لما عاشت الأقليات بينهم

كاظم آل طوقان – العربي القديم
بصرف النظر عن حضوره في اجتماعات أنصار البراميل والمكابس، بأميركا (التي كانوا يصفوها بالإمبريالية والشيطان الأكبر)، يكفي أن تستمع إلى وليد فارس لتدرك حجم السخف والفجاجة في إحاطة له عقب الاجتماع.
ففي كل مرة يتحدث فيها عن “المكونات السورية”، يتوقف عند “السنّة” ليستدرك: السنّة المعتدلين، في إشارة ضمنية، توحي بأن السنّة “وحوش بالفطرة”، ,ولكن هناك استثناءات معتدلة… يتجاهل ببساطة حقيقة صارخة: أن الغالبية المشيطنة، أي السنّة، انتُزع منها شهداء أكثر من عدد مكونات أو طوائف أو قوميات كاملة، أولئك القتلى ذبحوا تحت سطوة تحالف أقليات لم يتردد في استخدام الكيماوي، والمكابس، والحرق، والدفن الجماعي، كما في حفرة التضامن، ولليوم مازلنا نكتشف مقابر جماعية للمفارقة كل ضحاياها من السنة دون أن يُحرّك ذلك ساكنًا في خطابه “المعتدل”.
تخيّلوا شخصاً يحاضر بالمدنية والأخلاق وقد شارك في الحرب الأهلية اللبنانية، وكان مسؤول التثقيف الأيديولوجي لمقاتلي “القوات اللبنانية”، وبحسب واشنطن بوست في أحد أعدادها لشهر نوفمبر/تشرين الثاني 2016، فإن وليد فارس استمر في أداء هذه المهمة، وسرعان ما أصبح من المقربين من جعجع الذي كان يريد تحويل القوات اللبنانية من مجرد مليشيا إلى” جيش مسيحي”، ووجد في وليد فارس ضالته، لقدرته على غرس هذه الأفكار في عقول قيادات الحزب.
بل وله كتاب يفيض بالاستعلاء والمذهبية، إليك بعضاً من أفكاره التي تنضح بالرقي والمدنية والاعتدال:
اقرأ أيها المسيحي
.لتعرف أنك آرامي سرياني، غير عربي، ولست مجبرا على الاستعراب لتبقى سيدا في أرضك.
.لتعرف أن لبنان وطن الآراميين ووطن الشعب المسيحي.
.لتعرف أن العروبة هوية قومية للعرب، لا للمسيحيين المشرقيين.
.لكي تتخلص من عقدة الذمية التي تجعلك تظن أن لا حق لك في بلادك إلا من خلال إرضاء المسلم.
يتغاضى فارس عن جرائم أمجد يوسف، وسهيل الحسن، وعصام زهر الدين، وأمثالهم، ويتجاهل دور الطيران الروسي، الذي أُضفيت عليه هالة القداسة حتى يكون ذبحنا مباركاً، ثم بكل برودة، يُصنّف السوريين وفق مزاجه، ويحمّل الضحية تهمة “التطرف”، بينما يعفي الجلاد.
شعبٌ عفا عن جنود تنظيم الأسد في قلب المعركة، وقال لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء. شعب لم يرتكب انتقامًا طائفيًا، بل سمح حتى للفلول الذين أيدوا جرائم النظام، بالتظاهر في الساحات، فغُدر به مرارًا.
يا سيد وليد، لم تعد في سوريا فصائل مشتتة. بل الحمد لله باتت اليوم ترفع راية الدولة السورية الواحدة ، عدا استثناءات محدودة يعلو فيها صوت وراية المناطقية والمذهبية والانفصال نعم ذاتهم من تتخندق معهم أنت الآن
السنة الذين تشيطنهم لو كانوا فعلاً كما تغمز، لما عاشت الأقليات بينهم، بل على العكس استقبلوا الأرمن وشيعة لبنان وحزب الله ولم يشهد التاريخ أن انتقمت الأكثرية من الآخرين أو أجبرت أحداً على معتقدها أو تدخلت في لباسها بل على العكس، حينما حكمت الأقلوية المتطرفة، قتلت وهجرت واعتقلت مئات الآلاف من أبنائها، وزعتها في المنافي وقيعان البحار ومخيمات الشتات، ووطنت ميليشيات مذهبية ماضوية متطرفة تهدد بالانتقام من هذه الأكثرية وإبادتها، نشرت التشيع الفارسي حتى قبل الثورة بعقود، وهي ذاتها، أي الأقلوية تدخلت بلباس الآخرين عندما انتزعت مظليات سرايا الدفاع حجاب الدمشقيات جهاراً نهارا في حادث لم ينس من ذاكرة دمشق رغم مرور أكثر من أربعة عقود على وقوعه.
كان حرياً بك توفير نصائحك لنفسك وفي مكان آخر ، يطالب اليوم بالمشرقية، في إحدى بلدياته يوماً رفع راية داعشية من نوع آخر تقول ؛ ممنوع دخول السوريين والمحجبات والكلاب، نحن في سوريا ذابت عندنا الفصائلية ولا يرفع في بلادنا سوى علم واحد بينما هناك ثمة من يرفع لليوم رايات الخميني، وحزب الله، و”جنود الرب”، وتراهم أنت… رموزًا للاعتدال ربما