تحقيق جامعة إدلب: انحراف عن منهجية الاستقصاء ومغالطات وأخطاء المهنية
عاصم إبراهيم – العربي القديم
حلت الذكرى الثالثة عشر لانطلاق الثورة السورية، ومعها يكتسب التعليم قوة متجددة في تنمية المجتمع بوصفه ركيزة حيوية وأداة للتغيير والتطوير، الجامعات في المناطق المحررة وُلدت من رحم الثورة ويظهر اليوم أثرها العميق، إذ تخرج سنويًا آلاف الخريجين ليكون لهم دورهم الفاعل في بناء المجتمع، وتضم بين جنباتها أكثر من 30 ألف طالب، مبشرة بمستقبل مُشرق يتسم بالحيوية والابتكار.
المؤسسات التعليمية، بما تضطلع به من دور محوري في الحفاظ على استمرارية الثورة ومبادئها، تتقدم نحو تحقيق المطالب العظيمة التي خرج بها الشعب السوري منذ أكثر من عقد، مُرسخة في أساس شبابها قيم الحرية والكرامة.
اقرأ أيضا:
تلفزيون سوريا يرفض “فكر الأدلجة”: تحقيقات مضللة تفضح محتواه وتستهدف طلاب الثورة
اطلعت على تحقيق نشره مؤخرا في موقع تلفزيون سوريا حول جامعة إدلب، اختلطت فيها الحقائق بالآراء الشخصية لدرجة أسقطت الموضوعية من حسبان المقال، لم تضر المغالطات المتّخذة في بناء الحجج بالمادة المقدمة فحسب، بل أظهرت انحرافًا عن منهجية الاستقصاء التي يُفترض أن تُتبع في مثل هذه الكتابات، ولقد وقفت على الكثير من المغالطات والأخطاء المهنية فيه، وبدى واضحا الخلط بين رأي الكاتب وبين نتائج التحقيق والتي خالفت المدخلات التي قدمها كاتب المقال نفسه، مثال ذلك عندما أكد الكاتب أن المناهج الدراسية عرضت على لجنة قام هو باختيارها وخلصت اللجنة إلى أن المناهج تخلو من أي أخطاء أو إيديولوجيات، وأن المناهج الشرعية تعطى على المذهب الحنفي ثم عقب قائلا :
“إلا أن السردية في الأدلجة تنطلق من علوم شرعية سليمة يحتاجها كل مسلم، تتوافق مع دينه وفطرته، ومن فكرة تحويل الشباب المسلم إلى شباب صالح”، وهذه محاولة التفاف على نتائج اللجنة و تغطية الحقائق الثابتة بالآراء الخاصة والمسبقة.
كما أنها تنقل أجزاء من الوقائع بشكل مبتور و دون التحقق الكافي من صحتها، بالإضافة إلى إتيانها بآراء شخصية تم تقديمها على أنها حقائق لا تقبل الجدل، وذلك بغياب الأدلة القاطعة والمراجع الثابتة التي تعزز الرأي النقدي، أو النتائج المراد الوصول إليها. كما لم يذكر المقال مصادره بشكل واضح، مما أضاف طبقة ضبابية حول مصداقية المعلومة وجودتها.
في إعادة النظر بالمقال الذي قُدم، أقول : يجب أن نتبع خيوط الدليل ونمهد الطريق أمام البيانات الثابتة والتحري الدقيق و نلجأ للمصادر المباشرة ونستنطق الأرقام والتقارير، معززين تفسيراتنا بالمؤشرات العينية التي تقودنا إلى خلاصات تعكس الواقع من دون توجيه نحو الآراء الخاصة والتصورات المسبقة.
بقدر ما أقدر حرية التعبير، أحث الكاتب على الغوص أعمق لاستكشاف حقيقة الأمور بنزاهة وبأسلوب يعكس الوقائع بدقة، واشجعه على الحقيقة من خلال زيارة المناطق المحررة والجامعات القائمة للحصول على صورة أوضح من أرض الواقع. وإن أبناء الثورة السورية يفخرون بجامعاتها التي تُعد معاقل علمية، التي لطالما كانت مقاعدها مفتوحة لكل من يطلب العلم والمعرفة، مهما كانت انتماءاته الفكرية أو الاجتماعية، وفروعها تفيض بطاقات شبابية متقدة من خلفيات فكرية وثقافية متعددة، تجسد مدى ثراء وتنوع المجتمع، في هذه الصروح العلمية يزرع الأمل ويروى العطش للمعرفة، وتمدهم الثورة بالسلاح الأقوى: العلم والإيمان بالقيم، هؤلاء الطلبة المتحلين بزاد العلم وحصن المبادئ، هم منارات الغد التي ستقود المجتمع نحو آفاق الحرية والتحرير.