العربي الآن

صامدات: قصص مروعة عن تعذيب النساء في سجون الأسد ونماذج ملهمة للأمل

مريم الإبراهيم – العربي القديم

في قلب الصراع السوري المستمر، تتجلى قصص النساء اللواتي تأثرن بالحرب، وصمدن أمام الصعاب. يصبحن رمزا للأمل والقوة، تقود هذه الرحلة الشجاعة أسماء عبد الرحمن المصري، التي تأسست بفضلها رابطة “صامدات” في ريف إدلب لدعم النساء السوريات المصابات.

 من بين القصص المؤثرة، تبرز حكايات فاطمة أيمن حسين وسوسن، وهما شاهدتان حيتان على المعاناة والأمل في آنٍ واحد.

أسماء: طلقة قناص غيرت حياتها

أسماء، المهجرة من حماة إلى إدلب، عانت من كسر وتفتت عظم الساق بعد إصابتها برصاصة قناص، وخضعت لعدة عمليات جراحية معقدة.

 ورغم هذه التحديات الجسدية والنفسية، لم تستسلم أسماء، بل حولت إصابتها إلى دافع لتحقيق الأمل والمساهمة في تحسين حياة النساء الأخريات.

 تقول أسماء: “نسعى من خلال الرابطة لإخراج المرأة المصابة من قوقعة الخجل وزرع الابتسامة على وجوههن”.

تقود أسماء بجهود جبارة فريقًا من المتطوعين الذين يعملون بلا كلل لمساندة النساء المصابات، مستهدفين تحسين حياتهن وإعادة الأمل إليهن.

فاطمة: بين الحرب والفقدان

من بين القصص التي ترويها نساء “صامدات” أيضا، قصة “فاطمة أيمن حسين”، الفتاة ذات الستة عشر عاماً من ريف حلب، والتي أصيبت في ساقها نتيجة قصف الطيران على قريتها.

 بعد فقدان والديها، تحملت فاطمة مسؤولية رعاية إخوتها الثمانية، وهي تعيش الآن في مخيم “الفرقان” بحربنوش. تعاني فاطمة من صدمة مستمرة وصعوبة في التعبير عن مشاعرها وألمها النفسي. يواجه فريق “صامدات” تحدياً كبيراً في محاولة رسم الابتسامة على وجه فاطمة، ويعمل الفريق جاهدا على تقديم الدعم النفسي والجسدي اللازم لها، آملين في تحسين حالتها وإعادة الأمل إلى حياتها.

سوسن: آثار التعذيب والصمود

تسلط أسماء الضوء أيضًا على قصة “سوسن”، التي تعرضت للتعذيب الشديد خلال اعتقالها في سجون نظام الأسد، وأصيبت بجروح وندوب نفسية عميقة جعلتها عاجزة عن الحركة والكلام.

 اعتقلت سوسن عام 2018 وخرجت من المعتقل عام 2023 في حالة شبه ميتة سريرياً بعد أن تعرضت لشتى صنوف التعذيب على يد جلادي الأسد. بعد العثور عليها ورعايتها من قبل امرأة محلية، تم نقلها إلى الشمال السوري المحرر.

 تعكس قصة سوسن الوحشية التي تتعرض لها النساء في سجون ومعتقلات نظام الأسد، والألم الذي يعانين منه في صمت. تستمر سوسن في معاناتها الجسدية والنفسية، وتحتاج إلى رعاية مكثفة ودعم نفسي كبيرين.

قصص فاطمة وسوسن هي مجرد أمثلة على آلاف القصص المؤلمة التي تعيشها النساء المصابات في الشمال السوري المحرر. الحرب والصراعات تترك آثاراً لا تُمحى على الأرواح، وتتطلب جهوداً كبيرة لتوفير الدعم النفسي والجسدي لهؤلاء الضحايا. إنقاذ فاطمة وسوسن وغيرهن من النساء هو واجب إنساني على كل فرد قادر على ذلك.

متطوعون اختيروا بعناية فائقة

يعمل فريق “صامدات” بشكل وثيق مع الجهات المعنية، من الساعة العاشرة صباحًا وحتى الثالثة عصراً، على مدار أربعة أيام في الأسبوع. يدير هذا العمل 15 متطوعاً، يحمل كل واحد منهم قصة خاصة به، قصة تحدٍ وأمل.

 تتم عملية اختيار المتطوعين بعناية فائقة، حيث يحصلون على دورات تدريبية متخصصة تشمل الجولات الميدانية، والإحصاء، وقيادة الكمبيوتر، ومهارات التواصل، والتعامل مع ذوي الإعاقة، والتمريض، والإرشاد النفسي. يمنح هذا التدريب القدرة على تقديم الدعم المتكامل للنساء المصابات، حيث يواجهون معهن تحديات الحياة بقلوب قوية وأيدٍ حانية.

الرابطة ليست مجرد مكاناً للدعم النفسي، بل تحرص على تقديم الدعم الشامل. تسعى لمساعدة المصابات عبر إجراء جراحات مناسبة، وتركيب الأطراف الصناعية، وتطوير قدراتهن من خلال تعليمهن مهنيًا مناسباً. تخصص رواتب للمصابات غير القادرات على إعالة أنفسهن، يستمر العمل بجهود ذاتية من كل متطوع في منطقته، رغم عدم وجود تمويل كافٍ وغياب وسائل المواصلات.

تحديات قائمة

التحديات لا تزال قائمة، فلا يوجد تمويل لدعم جهودهم، ويعتمدون على الاجتهاد الشخصي من المتطوعين. من الضروري أن تتعاون الجهات المعنية لتسليط الضوء على هذه الفئة المستضعفة وتقديم الدعم اللازم لها.

 تقول أسماء: رسالتنا واضحة وعظيمة: “نحن كمتطوعون لدينا الثقة المطلقة والإيمان بعملنا، نسعى لتحصيل حقوق المرأة المصابة وإيصال معاناتها، ونعمل جاهدين لتحقيق الدعم الكافي لترك بصمة جميلة في حياة كل امرأة شوهت ملامحها أو مشاعرها.”

في النهاية، تستمر الرابطة في رحلتها، تحمل شعلة الأمل في قلوب النساء المصابات، لتضيء دروبهن وتعيد لهن الابتسامة والأمل بمستقبل أفضل.

 في حربنوش، ريف إدلب في الشمال السوري المحرر، يتجدد الأمل كل يوم بفضل جهود هؤلاء المتطوعات، وبفضل كل من يؤمن بحق المرأة في حياة كريمة وعادلة.

زر الذهاب إلى الأعلى