العربي الآن

استدعاء الجعفري وسوسان: وزارة الخارجية مرآة الدولة وإقالة السفراء تحت بند الاستثناء

كانت وزارة الخارجية في الماضي منبراً للمبدعين والمثقفين ورجالات سوريا الكبار

أحمد شحادة جابر* العربي القديم

استأثر قرار وزير الخارجية أسعد الشيباني استدعاء السفيرين بشار الجعفري وأيمن سوسان إلى الإدارة المركزية وسحبهما من سفارتي سوريا من موسكو والرياض، بالكثير من الجدل والاهتمام، وخلافاً لرأي البعض في أنه لا يجوز ذلك وأن عودتهما يجب أن تكون من خلال مرسوم جمهوري.. فأعتقد أنه ينطبق عليهما وعلى من سيلحق بهما مستقبلاً، حالة الاستثناء التي تمر بها سوريا.. لأن الوضع في سوريا ليس وضعاً عادياً ليتم التعامل معهما بالإجراءات القانونية والدبلوماسية العادية المتبعة.. سيما وأنهما متورطان بسفك الدم السوري من خلال الكذب والتحريض وتبني جرائم النظام البائد بشكل وقح وتضليل العدالة، كما نذكر في مرافعات السفير بشار الجعفري حين كان مندوب سوريا في الأمم المتحدة، التي أنكر فيها مجازر الكيماوي، واعتبر حصار مضايا وتجويع الناس حتى الموت ادعاءات باطلة… وسوى ذلك من المرافعات المحفوظة في سجل العار الإنساني والديبلوماسي.

واجهة الدولة ومرآتها

إن كثرة الجدل حول حال سفاراتنا في الخارج اليوم، واهتمام الناس بتنقلات السفراء الذين عينهم نظام الأسد البائد ولازالوا على رأس عملهم، يقودنا للحديث عن أهمية وزارة الخارجية ودورها…. فوازرة الخارجية والمغتربين هي الوزارة المسؤولة عن علاقات سوريا الخارجية والتعبير عن السياسة الخارجية السورية وحماية مصالح الدولة السورية ومصالح المواطنين السوريين بالخارج، فضلاً عن تمثيل الدولة السورية لدى الدول الأخرى والمنظمات الدولية.

وتعتبر وزارة الخارجية من الوزارات السيادية؛ ففي كل الدول والوزارات السيادية هي الخارجية والداخلية والدفاع والاعلام والمالية .و تعتبر وزارة الخارجية ايضاً واجهة الدولة ومرآتها لذلك يكون امتحان القبول فيها من أصعب الامتحانات على الإطلاق .. ويندب للعمل فيها من يكون على درجة عالية جداً من العلم والثقافة والشكل .

ولا تمتلك وزارة الخارجية مديريات كباقي وزارات الدولة، حيث تعتبر السفارات والقنصليات في الخارج بمثابة مديريات … وقد بلغ عدد السفارات والقنصليات السورية في الخارج حوالي 65 بعثة عدا عن القناصل الفخريين.

السفارات والقنصليات والقناصل الفخريون

السفارة دائماً تكون في عاصمة البلد، أما القنصلية فتفتح في مدن كبرى يكون فيها جالية كبيرة ونشاط تجاري كبير بين سوريا وتلك الدولة مثال (استنبول ـ دبي ـ جدة) ويختلف عدد الموظفين في كل سفارة وقنصلية تبعاً لنشاط البعثة .حيث تتكون البعثة أحياناً من :

ـ السفير وتكون مدة خدمته بالبعثة 5 سنوات تقصر وتمدد بالتشاور بين رئيس الدولة و وزير الخارجية طبقاً لمقتضيات المصلحة العامة.

ـ الدبلوماسي وتكون مدة خدمته بالبعثة 5 سنوات ويكلف بملفات العلاقات الثنائية أو الاقتصادية أو القنصلية .

ـ المحاسب وتكون مدة خدمته في البعثة 3 سنوات ويكلف بتنظيم محاسبة البعثة بشكل كامل .

ـ ملحق إداري وتكون مدة خدمته في البعثة 3 سنوات ويكلف بمساعدة موظفي السفارة في أعمالهم .

ويمكن أن يرتفع عدد الموظفين إلى خمسة او ستة ..وإذا لم يكن هناك سفير في البعثة فيترأس الموظف الأعلى رتبة البعثة ويسمى القائم بالأعمال ,

السفير لا ينتدب للعمل في أي بلد إلا بعد ان يرسل اسمه للدولة المراد إرساله إليها للاستمزاج، وبعد موافقة قيادة تلك الدولة عليه يصدر مرسوم جمهوري بتسميته سفيراً، ويقابل رئيس الجمهورية ليزوده بتعليماته ويسافر ويقدم أوراق اعتماده أمام رئيس تلك الدولة . أما القنصل والقائم بالأعمال فيسميان بقرار من وزير الخارجية .

ويمكن لرئيس البعثة (سفير أو قائم بالأعمال او قنصل) أن يُعين موظفين من جنسية غير سورية أو من السوريين المجنسين في ذلك البلد ويطلق عليهم المستخدمين المحليين، أما القناصل الفخريون فهم في الغالب تجار يقيمون في دول لا يوجد تمثيل دبلوماسي لسوريا فيها يحصلون على تصريح من وزارة الخارجية بممارسة المهام القنصلية .

أما الملحقيات العسكرية فينتدب موظفوها بالكامل كتابعين لوزارة الدفاع والاجهزة الأمنية وحرس القصر الجمهوري .. ويكون مقرهم طابق أو جناح في مبنى السفارة السورية.. وجل عملهم هو مراقبة موظفي السفارة والمواطنين السوريين في الخارج، وقد عمد النظام البائد في الفترة الأخيرة على ندب ملحق أمني إلى بعض السفارات من أجل الارتقاء بالعمل الأمني في الخارج، ويمكن أيضاً في حالات نادرة إرسال ملحق ثقافي .

وزارة الخارجية بين الماضي والحاضر

يعتبر عوني عبد الهادي أول وزير للخارجية في فترة المملكة السورية العربية عام 1920، وفاروق الشرع صاحب أطول فترة في المنصب 1984 ـ 2005 ، وفترة وليد المعلم الأسوأ سياسياً وداخلياً حيث تضاعف الفساد بشكل وقح .

كانت وزارة الخارجية في الماضي منبراً للمبدعين والمثقفين ورجالات سوريا الكبار من أمثال سعد الله الجابري وجميل مردم بيك وخالد العظم وصلاح الدين البيطار وعبد السلام العجيلي ومن الأدباء والشعراء الذين عملوا في الديبلوماسية السورية كديبلوماسيين وسفراء نزار قباني وعمر ابو ريشة وبديع حقي ود. صباح قباني… أما في زمن الاسدين فقد تفاقم الفساد والمحسوبيات فيها، وأصبحت مرتعاً لأبناء المسؤولين والضباط، وأصبح الشغل الشاغل لأي موظف هو متى سيأتي دوره للعمل في السفارة وما هو المبلغ الذي سيوفره هناك.

ملف نزار قباني

في عام 2007 كلفت مع بعض الزملاء في الوزارة بتنظيم الملفات الشخصية للموظفين وإدخالها إلى الحاسوب.. وكانت الصدمة عندما نزلت الى الارشيف فقد كان عبارة عن غرفتين من الصفيح القديم والرطوبة قد أكلت الكثير من الملفات .

وخلال العمل صادفت ملف الشاعر الكبير نزار قباني فقلبت فيه فوجدت رسالة بخط يده إلى محاسب الوزارة يطلب منه اقتطاع 10 ليرات من راتبه في الشهر التالي لأن المحاسب احتسب له بالخطأ فترة إجازة رسمية على أنها إجازة مرضية. هكذا كانت أخلاقيات موظفي الخارجية قبل اغتصاب حزب البعث للسلطة في انقلاب الثامن من آذار 1963.

ولا يستثنى غالبية سفراء وممثلي النظام البائد الحاليين من تلك المنظومة الفاسدة حيث أصبح دينهم الكذب وتلميع صورة النظام وإنكار جرائمه، لأنه رأس مالهم في استمرارهم في العمل والارتقاء في السلم الوظيفي، وديدنهم الرواتب الضخمة التي كانوا يتقاضونها مقابل ذلك الكذب.

____________________________________

*موظف سابق في وزارة الخارجية السورية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى