العربي الآن

ما هي آفاق المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران؟

هناك انقسامات عميقة بين تيارات النظام الإيراني تعوق اتخاذ قرارات موحدة وتضعف موقف النظام

تُعتبر المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة إحدى أبرز القضايا ذات التأثير العميق ليس على الساحة الدولية وحسب، بل أيضًا على صعيد النظام الإيراني نفسه. فمنذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018، دخلت العلاقات بين البلدين مرحلة جديدة من التوتر، واصطدمت الجهود الرامية إلى إحياء الاتفاق أو التوصل إلى تفاهمات جديدة بعقبات عدة. اليوم، تدور محادثات غير مباشرة عبر وسطاء في سلطنة عُمان، لكنها تظل واقعة تحت تأثير الانقسامات الداخلية في إيران وكذلك الضغوط الاقتصادية والإقليمية. فأي تأثيرات تنعكس على النظام الإيراني ومستقبله السياسي؟

جديد المفاوضات

في الآونة الأخيرة، كثّفت الأطراف جهودها لاستئناف المفاوضات النووية بحيث عقدت جولات غير مباشرة في مسقط بين ممثلي إيران والولايات المتحدة بهدف تهدئة التوتر ومنع التصعيد. لكن الخلافات الجوهرية لا تزال قائمة، فالأميركيون يطالبون بعودة الإيرانيين الكاملة إلى التزامات الاتفاق، بينما تشترط إيران رفع العقوبات بالكامل كشرط مسبق.

هذا الجمود، مقرون بالتطورات الإقليمية كالهجمات في الخليج والصراع في اليمن يقلل من فرص تحقيق إنفراجة قريبة. ومع ذلك، تدفع الضغوط الاقتصادية الناتجة عن العقوبات النظام الإيراني إلى الاستمرار في المفاوضات وإن كانت بشكل هش ومؤقت.

الانقسامات الداخلية

من الواضح أن هناك انقسامات عميقة بين تيارات النظام الإيراني. فالجناح المعتدل يرى أن المفاوضات حاجة ماسة بهدف تخفيف الضغوط الاقتصادية وتجنب الصراع العسكري، بينما يعتبر الجناح المتشدد أن أي حوار مع الولايات المتحدة يشكل خيانة لمبادئ الثورة. هذه الانقسامات إنما تعوق اتخاذ قرارات موحدة وتضعف موقف النظام داخلياً وخارجياً.

التأثيرات السلبية على النظام

أدت المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران حتى الآن إلى تأثيرات سلبية كبيرة على النظام الإيراني:

– تعميق الانقسام الداخلي: يرى المتشددون أن المفاوضات تهدد هوية النظام الأيديولوجية، بينما يعتبرها المعتدلون وسيلة للبقاء ما يهدد التماسك الداخلي.

– تزايد الضغوط الشعبية: يعاني الشعب الإيراني من أزمات اقتصادية بسبب العقوبات، ويتزايد الاستياء بسبب بطء التحسن. لذا يخشى النظام من أن تؤدي التنازلات إلى غضب شعبي، بينما قد يؤدي الفشل في المفاوضات إلى احتجاجات واسعة لا تحمد عقباها على الصعيد الشعبي.

مستقبل المفاوضات

تواجه المفاوضات النووية تحديات كبيرة للأسباب الآتية:

– انعدام الثقة: يسود تشكيك متبادل بين الطرفين ما يعوق التقدم في المفاوضات.

– الضغوط الداخلية: يسعى المتشددون إلى عرقلة أي اتفاق ما يحد من مرونة النظام.

 -التوترات الإقليمية: الصراعات في المنطقة تضيف تعقيداً إضافياً خصوصاً في سوريا وسقوط نظام بشار الأسد ومجيء حكومة موالية للمحور العربي بقيادة الزعيم السني أحمد الشرع.

على المدى القصير، قد تحقق المفاوضات تهدئة مؤقتة، لكن فرص التوصل إلى اتفاق شامل تبدو ضئيلة بحيث يسعى النظام إلى تحقيق مكاسب محدودة لتخفيف الضغوط، لكن ذلك قد يزيد من الانقسامات الداخلية والاستياء الشعبي.

إذاً، تكشف المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران عن هشاشة النظام الإيراني. انقسامات داخلية، ضغوط اقتصادية وانعدام للثقة مع الولايات المتحدة تجعل من النجاح المحتمل للمفاوضات على المدى البعيد هدفًا صعب المنال. وبينما يستمر النظام في السعي إلى تخفيف الضغوط، قد تؤدي هذه الجهود إلى تعميق الأزمات الداخلية ما يمهد لاضطرابات قد تهدد استقراره على المدى الطويل وهو ما يخشاه مرشد الجمهورية علي خامنئي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى