قرار يحاصر المواطن: هل بات استيراد سيارة مستعملة رفاهية؟
القرار قد يسهم في خلق سوق سوداء لاستيراد السيارات بطرق غير شرعية، أو عبر التلاعب بأوراق التصنيع

علي الجاسم – العربي القديم
أثار القرار الأخير الصادر عن وزارة الاقتصاد والصناعة في سوريا، والذي حمل الرقم (462)، موجة من الجدل والاستياء بين المواطنين، خاصةً ذوي الدخل المحدود، بعد أن نص على وقف استيراد السيارات المستعملة، باستثناء بعض الفئات، مع تقييد زمني لموديلات السيارات الجديدة المستوردة بألا تتجاوز سنة الصنع عن السنتين عدا سنة الصنع.
في ظاهر القرار، يبدو أن الهدف هو تنظيم قطاع السيارات وتحقيق “مصلحة عامة”، لكن في الواقع، ينطوي على أضرار مباشرة وغير مباشرة تمس حياة المواطن البسيط الذي لم يعد قادراً حتى على شراء دراجة نارية مستعملة.
من سيدفع الثمن:
في بلد يعاني من أزمة معيشية خانقة، بعد 14 عام من الحرب والعقوبات الإقتصادية،والحصار المفروض يعتبر الكثير من السوريين أن اقتناء سيارة مستعملة هو حلم ضروري لكل عائلة، لا ترفاً، في ظل سوء المواصلات وغياب النقل العام المنظم.
وبوقف استيراد هذه السيارات، يصبح الخيار الوحيد هو السوق المحلية، التي سرعان ما ستشهد ارتفاعاً جنونياً في الأسعار نتيجة تضاؤل العرض.
ليس هذا فحسب، بل إن القرار قد يسهم في خلق سوق سوداء لاستيراد السيارات بطرق غير شرعية، أو عبر التلاعب بأوراق التصنيع، وهو ما يعيد إلى الأذهان تجارب سابقة عانى فيها المواطن من الفساد وغياب الرقابة.
من الرابح الأكبر؟
يتساءل مراقبون عن الجهات التي ستستفيد من هذا القرار، في ظل استثناء “الرؤوس القاطرة والآليات الزراعية والحراثات” من المنع، وهي فئات مخصصة لأصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين، بينما حُرم المواطن العادي من حقه في امتلاك وسيلة تنقل تلائم دخله (إن وجد).
سلبيات القرار على الصعيد الاجتماعي
لم تراعِ الحكومة في قرارها الظروف المعيشية القاسية التي يعيشها غالبية السوريين، خصوصًا أولئك الذين لا يملكون وسيلة دخل، ولا يجدون وظائف ليستطيعوا تحقيق أبسط شروط الحياة الكريمة، ولا يعرفون رفاهية السيارات الفارهة. لقد جاء القرار ضربة جديدة للطبقة الفقيرة والمتوسطة التي تكافح من أجل البقاء.
ختاماً في وقت تتحدث فيه الجهات الحكومية عن دعم الإنتاج وتشجيع العودة، فإن قرارات كهذه قد تدفع بالمواطنين لمزيد من اليأس، وتعزز القناعة بأن الدولة تسنّ قراراتها بما لا يلامس الواقع المعيشي، بل يزيد من اختناق الناس في ظل ظروف اقتصادية منهكة وتعاني من آثار وتبعات 14 عاما من سنوات الحرب السابقة.
فهل يعاد النظر في القرار؟ أم أن استيراد سيارة مستعملة أصبح حلماً مؤجلاً في زمن الضيق؟