وزارة الإعلام في مواجهة امتحان النزاهة: دعوات لشبيحة وإقصاء لأحرار
وبعيدا عن مشكلة تغييب وجوه وتكريس وجوه... فإن حال وزارة الإعلام يفصح عن إخفاقاتها وعثراتها

ياسر الظاهر – العربي القديم
منذ طفولتي وتحديدا في السابعة من عمري وما بعدها اعتدت أن أزور مع عائلتي وفي كل عام معرض دمشق الدولي حين افتتاح والذي كان موقعه يمتد ما بين كلية الحقوق وساحة الأمويين، فكنا ندخل معظم أجنحته خلال مدة افتتاحه لانمل، فضلا عن مرحنا في ساحاته و مدينة ألعابه، ثم نعود إلى مدينتنا بعد إغلاق أبوابه معلنا عن انتهاء أيامه محملين بهداياه المجانية، وحقائب مشتريات أمهاتنا من أسواقه العديدة والمتنوعة،
مرت بي هذه الصور وأنا أتابع حفل افتتاح المعرض في دور ته الثانية والستين بتاريخ 27/8/2025 في مدينة المعارض على طريق المطار بريف دمشق، وبعد تلك العقود التي مرت صورها في ذهني استوقفتني اليوم صورة الاحتفال الذي حضره رأس الدولة وعددا من مسؤوليها بالإضافة إلى بعض وزراء وسفراء الدول العربية والأجنبية، وممن وجهت لهم الدعوات من وزارة الإعلام المحسوبين عليها من الإعلاميين.
لقد كان حدث افتتاح المعرض وطنيا بامتياز ومفرحا للشعب السوري بعد سقوط نظام العصابة الأسدية وخطوة على طريق تعافي وبناء الوطن، واللافت للنظر أننا شاهدنا العديد من الشخصيات الإعلامية التي كانت تنافح عن نظام الأسد المجرم وتبرر له ما قام به جيشه وجيوش وميليشيات حلفائه من الدول من قتل ونهب وتدمير وهدم واغتصاب للسوريين والسوريات، كماجد العجلاني والتكتوريين وأصحاب الابتسامات والنكات السمجة والسخيفة وغيرهم، وقد يتساءل المرء ببراءة كيف لهذه الشخصيات المؤيدة للأسد القاتل أن تحضر افتتاح هذا الحفل الوطني الاقتصادي والثقافي وتلتقط الصور وتسجل الفيديوهات بكل جرأة وهي من شبيحة الأسد الفار؟ والإجابة على هذا التساؤل بالنسبة للمتابع سهلة وهي أن السيد وزير الإعلام وجه لهم الدعوة بكل احترام ووقار ليتصدروا بل ليحتلوا مكان إعلاميين ثوريين وطنيين عارضوا النظام بأقلامهم وفضحوا جرائمه بحق سورية والسوريين طيلة مدة الثورة وما بعدها، ومنهم رؤساء تحرير لأهم المجلات التي تصدر بسورية بل تكاد تكون المجلة الوحيدة التي صدرت بعد سقوط النظام!
إذاً… لقد تم إقصاؤهم وتجاهلهم من قبل وزارة الإعلام ولم يكن عدم توجيه الدعوة لهم في حفل افتتاح المعرض هو التجاهل الوحيد لهؤلاء الإعلاميين، بل سبقه استبعادهم من الظهور على الفضائيات السورية للحديث عن أحداث السويداء والساحل مثلا وغيرها من القضايا السورية الهامة، أو لتفنيد ما يروج له كارهي السلطة السورية الجديدة وتبيان الحقائق للرأي العام المحلي والدولي، في الوقت الذي يُدعى معارضي السلطة للحديث عن شؤون الحكومة السورية وجلد قراراتها، لمحاولة نقض كل ما تقوم به الدولة من وضع لبنات صالحة لبناء سورية، وزرع بذور التشكيك والتخوين في كل منجز كبر أم صغر!
والمؤسف أن بعضهم رؤساء تحرير منصات إلكترونية تديرها وتمولها شخصية فكرية معروفة بخطابها المعادي للحكومة الانتقالية الحالية، ولبث سموم طائفية دون أدنى رادع أخلاقي أو ضمير، ولو أحصينا من تستضيفهم قناة تلفزيون سوريا التي كان يديرها السيد وزير إعلامنا، من هؤلاء لوجدنا أن الكفة ترجح لهم،
صحيح أن القيادة السياسية السورية أعطت للوزراء صلاحيات مفتوحة من أجل النهوض بالبلد بأسرع وقت ممكن، وتنفيذ برنامج الحكومة في البناء والانفتاح… ولكني على يقين أنها لم تمنحهم حق إقصاء الخبرات والقامات الوطنية الحرة ولا سيما الإعلامية منها على خلفية ثارات شخصية لهم حين كان في مواقع أخرى قبل توزيرهم في الحكومة
إن أداء وزارة الإعلام ووزيرها المتلعثم يحكي عن حاله وحالها، وبعيدا عن مشكلة تغييب وجوه وتكريس وجوه… فإن حال وزارة الإعلام يفصح عن إخفاقاتها وعثراتها في وقت نحن أحوج ما نكون فيه لإعلام وطني نزيه ومنصف وينقل صوت كل السوريين، لا صوت من يرضى عنهم السيد الوزير.