JOY Awards وباقي حفلات الرياض: واجهة ترفيهية أم رسائل سياسية موجهة للخارج؟!
العربي القديم – نوار الماغوط
تعود الحفلات الموسيقية أو المنافسات الرياضية إلى العصر الروماني نحو 300 سنة قبل الميلاد. واستمرت وتتطورت في عصر الرومان في زمن نيرون حيث أنشأوا تلك الحلبات من مدرجات صخرية كبيرة يمكنها أن يأمها آلاف من المتفرجين. وكانت جزءا دارجا من الحياة في عصر الرومان واستمرت حتى نحو 500 بعد الميلاد وصولًا للقرون الوسطى بعد سقوط الامبراطورية الرومانية، وكانت في ذلك الوقت تقام الحفلات في الحانات وغيرها من المحلات الشعبية التي يجتمع فيها الناس بكثرة، إلى أن تطورت الحفلات إلى نوع موسيقي أرفع، وبدأت تقام في منازل النبلاء والبرجوازيين في فرنسا!
بالرغم معارضة رجال الدين لهذا النوع من الحفلات الذي يعتبرونها منافية لأخلاق الدين والكنيسة، فقام ملك فرنسا المدعوم من الكنيسة بإنشاء الأكاديمية الملكية للموسيقى للحد من هذه الحفلات، وتطوير الموسيقى الروحية والدينية حتى لا يبتعدوا الفرنسيون عن طقوس الكنيسة وطاعة الملك لأن القرب من الكنيسة هو ولاءٌ للملك وأي ابتعاد عنهما يخيف رجال الدين والملك… لكن بعد نجاح الثورة الفرنسية انتشرت الحفلات الموسيقية الجماهيرية وتلاشت الحفلات الدينية، في المدن التي تحررت من سلطة الملك والكنيسة حين دخلت أوروبا عصرا جديدا من الحياة الاجتماعية والسياسية.
كان لابد من هذه المقدمة ليعرف القارئ العلاقة العكسية بين الروحي والديني وبين الشعبي والجماهيري.. ويأتي مناسبة هذا الحديث بعد أن شهدت العاصمة السعودية الرياض يوم السبت الفائت الحدث الأضخم في منطقة الشرق الأوسط، حفل صناع الترفيه؛ حفل توزيع جوائز JOY Awards في نسخته الرابعة، ضمن فعاليات موسم الرياض، والذي يحتفي بصناع الترفيه في العالم العربي والعالم في مجال الفن والسينما والدراما والموسيقى والرياضة.
وقد توافد على الرياض النجوم العرب من فنانين وموسيقيين وإعلاميين، بل ومشاهير ونجوم العالم، الذين توجهت لهم الدعوة لحضور الحدث. وكان لافتاً الحضور المصري والسعودي والسوري للحفل على حساب بقية الدول العربية.. كتونس والجزائر والمغرب وليبيا والعراق والاردن وفلسطين واليمن… ناهيك عن لبنان الذي لم يحضر نجومه بالكثافة التي اعتادوا عليها طمعا بالحظوة الخليجية التي يعتاشون عليها.
وقد وجهت تحيات في كلمات المكرمين لدولهم مثل السعودية ولبنان وسوريا بينما الغالبية من الفائزين أهدوا فوزهم لأمهاتهم
وشهد الحفل تقديم جوائز فخرية لعدد من النجوم، من بينها جائزة الإنجاز مدى الحياة للفنان السعودي علي المدفع، والفنانه السورية منى واصف والفنان المصري عادل إمام، بجائزة استثنائية تحمل اسم «جائزة زعيم الفن العربي»،
وأكد المستشار تركي آل الشيخ أنّ «هذه الجائزة الاستثنائية، خاصة بالفنان عادل إمام فقط، إذ تُقدم مرة واحدة في تاريخ Joy Awards».
وقدمت «جوي أووردز» جائزة الإنجاز مدى الحياة للممثل أنتوني هوبكنز، والموسيقي لانغ لانغ، والممثل الكوميدي الأميركي مارتن لورنس، والمخرج والممثل الأميركي كيفن كوستنر، والمخرج العالمي زاك سنايدر.. إلى جانب الفنانة السورية الكبيرة منى واصف
وكانت مفاجأة الحفل، ظهور المطربة المصرية الكبيرة نجاة الصغيرة المسنه التي توارت طويلاً عن الأنظار، وقُدمت لها جائزة فخرية خاصة.
ربما يذكرنا هدا الحفل الفني الباذخ الإعداد والإخراج والسخي بالإنتاج الاعلامي والبهرجة والأضواء، بمهرجانات مماثلة كمهرجان كان والأوسكار ومن المؤكد ستصغر مهرجانات عربية كمهرجان القاهرة السينمائي الدولي ومهرجان دمشق السينمائي الدولي واخرى دولية كمهرجان برلين والبندقية وشنغهاي ولكن ربما الفرق بين مهرجان يوم السبت الماضي وبين تلك المهرجانات أن مهرجانات الرياض جاءت لتسلية الملوك والأمراء العرب ويشاهدها جمهور الأغنياء والمقربين للملك، مع ثلة من عامة الشعب في الصفوف الخلفية لزوم ضخامة الأعداد
لم تعكس JOY Awards نتاجا معرفيا أصيلا لها علاقة بالدولة المضيفة، ولم يقدم المعادل الموضوعي للمنافسة على جوائز توزع على نجوم لن تضيف إلى رصيدهم أو تنقص منه لا على المستوى الموسيقى والمستوى السينمائي او التلفزيوني او الغنائي..
وقد غاب عن هيئة الترفيه وصناع هذه البهرجة الباذخة، دعوة صناع الفن وأصحابه الاساسيين قبل المطرب وقبل الممثل وهو الكاتب والمخرج المبدع…… ويبقى السؤال الأكثر تداولا بين المثقفين على وسائل التواصل الاجتماعي هل هذه الحفلات الفنية في السعودية هي انفتاح ترفيهي اجتماعي يعبر عن تطلعات شعوبها أم هي رسائل سياسية واقتصادية موجهة للخارج ولنيل رضاه؟