مسلسل نظرة حب: دراما رومانسية بثوب مهترئ
أحمد صلال- العربي القديم
لا شيء في مسلسل «نظرة حبّ» (كتابة رافي وهبي، وإخراج حسام علي، وإنتاج «إيبلا») يشعرنا بأنّنا أمام عمل متفرّد في الموسم الرمضاني أو ما بعده.. حين تتوفر لك فرصة مشاهدة أعمال فاتك مشاهدتها في زحمة اللهات الدرامي الرمضاني… فتتأمل خيراً بأن المشاهدة الهادئة قد تحظى بصيد يستحق الاهتمام… فإذا بالعمل يسير ببطء درامي لناحية النص الذي لا يشبه أبداً انطلاقته الأولى في الحدوتة الدرامية المتشابكة والناجحة… إذ سرعان ما يعتريه البطء والترهل!
في سياق رومانسي غير مثير، فشل صناع مسلسل”نظرة حب” في اجتياز الموسم الدرامي لهذا العام، كما يمكن أن نتحدث عن الفشل في تقديم الجديد شكلاً ومضموناً ومغايرة على كافة الأصعدة، وأخذ الدراما المشتركة المولعة بالقفز على الواقع الاجتماعي، إلى مكان غير”محبوب”.
من خلال ما قدمه المؤلف الدرامي رافي وهبي في مسلسل (نظرة حب)، تتجلى فكرته في صراع الذات البشرية مع نفسها ومحاولتها خلق علاقة مع المحيط الذي غلب عليه طابع التطرف والاضطراب في تداخلات العالم الغريب، إذ تمثلت شخصية بحر مثلما يفترض الحوار والسيناريو والصورة في إنها شخصية تعاني مكابدات وصراعات الحياة وتلطخ ماضيها بوصمة عار بقيت حجرعثرة في طريقها وهي لا تساوي حذاء دفع ثمنها طوال حياته. إذ بقي بحر وهو شاب في الثلاثينيات من عمره، على صراع دائم مع ما لحق به من آهات نتيجة زلة شباب وصفت على أنها عار ارتكبته زوجته بالهرب مع ابنها إلى أوروبا.
تركز الدراما على الصّراع بين الخير والشر والحب ولكن بطريقة متشعبة ولا تأتي بجديد على الدوام نتيجة هذا التشعب الذي يستهلك أفكاراً وحالات مطروقة، ولكن يمكننا أن نشيد بالتركيز على الصدامات النفسية وربطها بتسلسل الأحداث، فالخط الدّرامي هنا يجب أن يكون مترابط يشد مع الأحداث دائماً للأمام بتقدم حثيث ومحسوب بدقة تجعل المشاهد يرتبط بالعمل حتى آخر حلقة وهو ما افتقدناه في دراما 2024ولا يحسب أيضاً لبحر.
صورة سينمائية
من الناحية التقنية والإخراجية فالعمل جاء بصورة سينمائية غير متفوق على كثير من مسلسلات هذا العام من حيث اختيار زوايا التصوير والكادرات والإضاءة بمستوى يضاهي المستوى المطلوب . لم يستطيع المخرج حسام علي أن يحقق نقله نوعية فيما يخص المسلسلات الرومانسية والبوليسية وخلق حالة سيكولوجية تدمج معها المشاهد ليتوحد مع أبطال العمل ويعيش أجواء الغموض والخوف والقلق. وأن يجعل كل ممثل يحقق المطلوب من الدور In Cast بلغة السينما فالكل لم يقوم بدوره في بطولة غير جماعية وصلت للعمل إلى بر الفشل.
ربما العيب الأبرز أو مشكلة المسلسل التي أرهقت المشاهدين، تمثلت في هندسة الصوت، فأصوات الفنانين غير واضحة ناهيك عن ارتفاع نسبة الموسيقى التصويرية على الحد المقبول قياسا بأصوات الممثلين، وهو عيب لا يتحمله مهندس الصوت أو المونتير وحسب بل المخرج أيضاً، ضابط كل العمليات الفنية بطبيعة الحال…. كما أنّ الموسيقى في حد ذاتها ترتكز على ثيمة مكرّرة ومستهلكة لا يشعر المشاهد أنّها متميزة أو تخصّ المسلسل. وأيضاً كثرة مشاهد القتل وطرق التعذيب وبعض الألفاظ التي أثارت حفيظة الجماهير، لكن بوجه عام يمكن القول إنّ العمل لايستحق المشاهدة والوقت الذي أمضاه المشاهد في انتظار انتهاء الفواصل الإعلانية الطويلة، إنه وقت مهدور في عمل، لا يضيف ولا يرتقي بفكر ولا يحاكي ذائقة… وبهذا يكاد يكون من الأعمال التي لا تجذب الجمهور لمشاهدتها
البطل الأوحد
في طبيعة الحال إن بناء المسلسل الأقرب إلى الحالة المونودرامية من حيث التركيز على البطل الأوحد، يعتمد على ممثل واحد هو باسل خياط، غير أن العلاقة التي أوجدها مؤلف النص الدرامي هي إن الشخصية الواحدة استطاعت أن تخلق علاقات متعددة مع شخصيات وهمية أو مبتكرة جسدتها نفس الشخصية وبنت معها علاقة ترابطية. فالصوت شخصية تنوعت في تفاعلها وعلاقتها مع الشخصية الرئيسة المتمثلة ببحر إذ جاء الصوت الجهوري القادم من خارج القلب ليضفي على المنظر أجواء الخوف والرعب والضياع.
إن علاقة الحب بين بحر (باسل خياط) وقمر (كارمن بصيبص) المستحيلة بسبب فقر بحر وهروبه من الحرب في سورية، وحياة “قمر” المليئة المرفهة كونها ابنة أحد زعماء السياسة اللبنانين… هي علاقة تنسج على تيمة الحب في مواجهة الفوارق الطبقية… وهو موضوع مستهلك أكلت الدراما المصرية عليها وشربت لعقود طويلة وإن ألبسوه لباس معاناة الحرب في سورية… ولعل “نظرة حب” بحسه الإخراجي الباهت لا يضيف جديدا على هذا الصراع العاطفي الطبقي المفلس!