فنون وآداب

تكريم فرج بيرقدار في ألمانيا: الشعر وأهوال تدمر وصيدنايا

العربي القديم – كولن | غسان المفلح
22.09.2024 كان العنوان ليلة شرقية في منتدى الطعان الثقافي في كولن*. كانت القاعة مليئة بالجمهور. ابتدأت الليلة بمسرحية” غياب مكتمل الحضور” من اعداد وإخراج الفنان السوري فراس الراشد وتمثيل لارا زنادري وأنور السيد. كان العرض مفاجئا لغالبية الجمهور. الذي بقي مشدودا طوال ساعة كاملة وهي مدة المسرحية. النص مشغول بعناية. نص يعالج بطريقة بسيطة الهجرة والهجر والفقد والحب. جوا كافكاويا وسوداويا اكتشاف الحب في لحظة الموت، بلغة عربية فصحى لم تكن ثقيلة على الاذن ولم تربك النص والعرض ولم تربك الممثلين. المسرحية تحتاج لكتابة مادة خاصة عنها.

من العرض المسرحي

ثم انتقلنا لمحور تلك الليلة الجميلة والمعدة بإتقان متفان. وهو تكريم الشاعر السوري فرج بيرقدار**. هذه الفقرة الرئيسية التي بدأت بتقديم السيدة سميرة الطعان للفقرة المحور. ثم بعد ذلك تم تقديم شهادتين بفرج بيرقدار.
الأولى من الصديق المعتقل السابق بسام جوهر، الذي حدثنا بخمس دقائق عن فرج بيرقدار في سجن تدمر الاسدي. حيث كانا معا مع بقية قيادة حزب العمل الشيوعي في سورية. عن فرج المناضل من أجل الحرية والشاعر بالان معا في ذلك السجن الرهيب والفظيع. خمس د تلخص التراجيديا السوري التدمرية.

ثم أتت شهادتي في فرج:

 “من يعجز عن حب امرأة يعجز عن حبك يا وطني” هذه العبارة الشعرية من شعر فرج بيرقدار الذي عرفتني على فرج في بداية الثمانينيات ثم قصيدته الطويلة “جلسرخي” وهو المناضل الإيراني الذي قتلته أجهزة المخابرات الإيرانية أيام الشاه. عرفتني على شاعر لم أكن أعرفه، ولم أكن اتخيل أن نجتمع معا في حزب واحد وسجن واحد (سجن صيدنايا) لمدة تسع سنوات تقريبا. سجنا شاهد مجازر وإعدامات مرعبة للسوريين الذي خرجوا عام 2011 لطلب الحرية.

الكاتب غسان المفلح بين الحضور

كان محور شهادتي كيف لفرج أن يجمع الشاعر مع المناضل الحزبي والقيادي في حزب سوري سري في عهد الأسد الاب.
ثم بعد ذلك ألقى فرج كلمة مختصرة وبعضاً من أشعاره المكتوبة في تدمر وما بعد السجن أيضا. حيث روى فرج كيف تم حفظ قصائده من رفاقه هناك في تدمر كي تبقى في ذاكرة التاريخ السوري، لعدم توفر أوراق واقلام في ذلك السجن الصحراوي. وقامت السيدة سميرة والسيد هيثم طعان والشاعر محمد زادة بتقديم التقدير والتكريم لفرج.

https://www.facebook.com/kulturverein.altaan/videos/1036142167834804

قبل الانتقال للحديث عن الفقرة التالية من تلك الليلة التي أتعبت هيثم وسميرة كمنظمين، كان مشاركا ومعبرا عن رغبته في تكرار مثل هذه الامسيات في بلدان الاغتراب. الجمهور المتنوع متفاعلا بطريقة جميلة ولافتة. من خلال مراقبتي هذا الجمهور متنوع الأعمار والمنبت من دول عربية كثيرة، كان فيه أيضا طيفا سوريا واسعا.

علي الحسن وعلي مراد: تجارب تستحق الاهتمام

الفقرة التالية كانت مع شاعر سوري آخر قدمَ من فيينا، إنه علي الحسن. سبق ان كتبت عن تجربته في مسرحة الشعر، في مسرحة قصائده العامية الجزراوية والرقاوية على الأخص والفصحى أيضا. كان يحمل اطلالته مع قصائده. القى قصيدته التي كتبها عام 2014. تلك القصيدة التي صورت مأساة القتل العام الاسدي للشعب السوري لأنه طالب بحريته. اقتلاعه وتدمير بيوته وتشتيته. أطفال يلعبون لعبة الكرات الزجاجية الصغيرة التي كانت معروفة في سورية، لكنها مع علي لم تكن كرات زجاجية، بل كانت عيون أطفالنا كسوريين. تجربة علي تستحق الاهتمام أكثر والكتابة عنها منفردة أكثر.
ثم الشاعر السوري علي مراد قصائده باللغتين الكردية والعربية. في هم كردي وسوري وانساني واضح.
الشاعر الفلسطيني خالد الشوملي الذي القى قصائده في الحب وفلسطين والانسان.
الشاعر العراقي المتميز مفيد البلداوي صاحب تجربة في قصيدة التفعيلة أيضا.
وختم فقرة الشعر شاعرنا المتميز وعضو مؤسس في منتدى الطعان الشاعر السوري محمد زادة وقرأ قصائده.
هذه التجارب الشعرية المتميزة تحتاج لمواد خاصة بها في الحقيقة.
وختمت الأمسية برقصة مولوية للشاب المصري احمد كفرين وتبعها أمسية موسيقية غنائية غنية لموسيقيين ومطربين سوريين شباب. كانت أيضا مكان تفاعل رائع من قبل الجمهور. كانت ليلة شرقية عامرة بجهود القائمين على منتدى الطعان مشكورين.

_________________________________

هوامش:

* منتدى الطعان الثقافي:  ظهرت في السنوات الأخيرة في ألمانيا، النشاطات والفعاليات الثقافية العربية بشكل كبير وملحوظ، واتجه المثقفون والمهتمون لترسيخ الهوية العربية لتبقى راسخة في المهجر من خلال الصالونات والمهرجانات الأدبية، والكثير من الأمسيات المتنوعة ومنها من لم يجد سبيلاً للنجاح والتميز، ومنها من لاقى نجاحاً وإستمرارية. ومن بين تلك الصالونات الأدبية التي كان لها حضور قوي ومتفرد منتدى الطعان الثقافي الذي تأسس سنة 2017 في مدينة كولون الألمانية، يدير المنتدى مجموعة من المبدعات والمبدعين في مختلف المجالات الثقافية والعلمية، وتقوم فكرة المنتدى على أساس “بدل أن تلعن الظلام أشعل شمعة ومعاً يمكن إنجاز الكثير” .تقام في المنتدى الأماسي الثقافية، و توقيع إصدارات مجاميع موسيقية وأدبية من العراق والمغرب ومصر وسوريا وإيران ويجمع كذلك مختلف التوجهات والقوميات والانتماءات، والقائمين على المنتدى الأستاذة سميرة داعلي والمهندس هيثم الطعان. سميرة داعلي مغربية مواليد أوائل السبعينيات انخرطت في العمل الجمعوي و الحقوقي في وسط الثمانينات، خربجة كلية الحقوق في و العلوم السياسية، وخريجة المعهد العالي لفن الإدارة للتكنولوجيا التطبيقية كتقني متخصص، كانت عضو فاعلة و مؤسسة في العديد من المنظمات و الجمعيات الثقافية و الحقوقية بشكل تطوعي و في الحركة النسائية المغربية كذلك، عملت كمدرسة للغة فرنسية في المجال الجمعوي و الثقافي و الحقوقي وهي خلاصة تجربة أكثر من 20 سنة في عدة مجالات ، في 2016 كانت نقطة تحول و انطلاقة جديدة و هي سنة وصولها إلى ألمانيا حيث خاضت تجربة مختلفة مع المهندس هيثم الطعان في العمل الثقافي. أما هيثم هاشم الطعان والذي سمي المنتدى باسمه فهو من مواليد العراق مدينة الموصل 1961، عام 1983حصل على بكلوريوس هندسة ميكانيك وعام 1989 اعتقلت لأسباب سياسية وأمضى أربع سنوات في معتقل أبو غريب. لجأ إلى ألمانيا عام 1995 وحصل على اللجوء السياسي، بالإضافة إلى العمل المهني كان ناشطاً في مختلف الجمعيات كمؤسس أو عضو إدارة منها جمعيه الطلبة العراقيين، والمنتدى العراقي في كولون، وجمعية المهندسين العراقيين في ألمانيا، وأيضاً الديوان الشرقي الغربي، حصل على شهادة وسيط لغوي و مستشار اندماج سنة 2019 وقام مع زوجته وصديقته سميرة داعلي بتاسيس منتدى الطعان الثقافي.
** فرج بيرقدار: شاعر وصحافي سوري من مواليد حمص 1951حائز على إجازة في قسم اللغة العربية وآدابها / جامعة دمشق.
حائز خمس جوائز عالمية، وأربعة عشر عاماً في سجون المخابرات السورية. شارك بعد الإفراج عنه في كثير من المهرجانات والملتقيات العربية والعالمية، ولكن لم يتح له أن يقرأ قصائده في أي مؤسسة ثقافية سورية.
– دعي للإقامة في ألمانيا ثمانية شهور في ضيافة مؤسسة هاينرش بول وذلك في عام 2001.
– دُعي من قبل مؤسسة (شعراء من كل الأمم) للإقامة في هولندا لمدة عام، اعتباراً من 24/9/2003, وقد حاضر خلال هذا العام في قسم اللغة العربية بجامعة ليدن.
– في 27/10/ 2005 سافر إلى السويد بدعوة (من مدينة ستوكهولم ونادي القلم السويدي) لمدة عامين ضيفاً تحت لقب “كاتب المدينة الحرة”، وقد قرر بعد ذلك البقاء في السويد.
صدر له خمس مجموعات شعرية وكتاب عن تجربة السجن. كما صدرت عدة ترجمات لبعض كتبه ولجانب من شعره إلى الفرنسية والإنكليزية والهولندية والألمانية والاسبانية والكاتالونية والسويدية والليتوانية.
• عضو اتحاد الكتَّاب في السويد وعضو شرف في نادي القلم العالمي، رغم أنه لم يتح له “شرف” عضوية اتحاد الكتّاب في بلده الأم.

زر الذهاب إلى الأعلى