أرشيف المجلة الشهرية

طرابلس الشام: المدينة المُعتقلة

ميخائيل سعد – العربي القديم

استغرقت الرحلة من سجن فرع المخابرات العسكرية في عنجر إلى سجن المخابرات العسكرية في طرابلس الشام، حوالي ثماني ساعات، فقد كان على سيارة الجيب العسكرية التي تقل أربعة معتقلين، الذهاب إلى حمص، ثم التوجه إلى طرابلس، دون أن نعرف لماذا تم اختيار هذا الطريق الطويل. كانت أعيننا ”مطمشة“، وأيدينا مربوطة خلف ظهورنا، وكنا نعرف أسماـء المدن، والمناطق التي تجتازها السيارة، من خلال تعليق السائق، وعنصرَي المخابرات المرافقَين لنا بسلاحهما الكامل، والجاهز لإطلاق الرصاص. عرفنا أننا وصلنا إلى طرابلس، من خلال تعبيرات الفرح التي أطلقها عناصر المخابرات. تذكرت ما كان يرويه لي مصطفى، المعتقل الطرابلسي الشاب الذي كان في مهجعنا، في فرع فلسطين بدمشق، عن مدينته طرابلس، هذه الحكايات كانت كل ما أعرفه عن المدينة التي كانت تعتبر توءم مدينة حمص السورية. سألحق هذه المادة بمقال كنت قد كتبته عن مصطفى قبل سنوات، يعطي صورة عن وضع طرابلس، وسكانها تحت الاحتلال السوري للمدينة.

السجن

كان فرع المخابرات العسكرية السوري، يحتل المدرسة الأمريكية التي أسستها الإرسالية التبشيرية البروتستانتية الأمريكية في بداية القرن العشرين، وقد جعل من القاعة الرياضية المغلقة سجناً، ضم حوالي أربعين سجيناً، عندما كنت فيه بداية عام ١٩٨٩. كانت المدرسة تستقطب طلاباً من خلفيات ثقافية ودينية متنوعة، مما يساهم في خلق بيئة تعليمية غنية. والمضحك المبكي أن السجن قد حافظ على ثقافة التنوع، فكان فيه اللبناني والسوري، والفلسطيني، ودينياً، المسلم السني، والمسيحي، والشيعي، ومن طبقات اجتماعية متنوعة. وكان يبدو واضحاً أن المخابرات العسكرية السورية، قد ”تفوقت“ على الأمريكيين في إدارة التنوع البشري، كان يشوه هذا الإنجاز الأسدي العظيم غياب العنصر النسائي، فسياسة الأسد، رغم ادعائها العلمانية، كانت ضد السجون المختلطة، حرصاً منها على الأخلاق العامة.

لن أتكلم هنا عن وضع غرفة السجن، ففي ملحق آخر تحت عنوان ”هل فكرت بالمستقبل يا أحمد“، وصف كامل عن السجن وظروف العيش فيه، ولكن هنا سأتكلم عن مدينة طرابلس الشام المعتقلة، كما رأيتها في أبناـء المدينة المعتقلين. دعونا قبل الخوض في تصنيف المعتقلين، نطلع علـى تعريف موجز للمدينة المعتقلة، ومتى يمكننا القول إن هذه المدينة مُعتقلة؟

”يمكننا القول: إن مدينة ما مُعتقلة، عندما تكون هناك قيود شديدة على حرية الحركة والتنقل داخلها، أو عندما تتعرض لإجراءات قمعية من قبل السلطات، مثل فرض حظر تجول، أو إغلاق الطرق، أو وجود نقاط تفتيش عسكرية.

أيضًا، يُعتبر تعبير “مدينة مُعتقلة” دلالة على ظروف معيشية صعبة، مثل نقص الموارد الأساسية، أو القمع السياسي، أو عدم قدرة السكان على التعبير عن آرائهم بحرية.

بشكل عام، يُستخدم هذا المصطلح، لوصف حالة من السيطرة أو الاستبداد، تؤثر على حياة السكان بشكل كبير“.

هذا تعريف عام للمدينة المعتقلة، منقول عن أحد مواقع الإنترنت، ولكن يعيبه نقصان معرفة طبيعة اعتقال المدن والبلدات والقرى على الطريقة الأسدية، فليس فيه إشارة لتدمير المدينة المعتقلة أصلاً، فمثلاً مدينة حماة عام ١٩٨٢، كانت محاصرة عسكرياً، وسكانها معتقلون في بيوتهم، ومع ذلك تم تدمير ثلث المدينة، وقتل حوالي ٤٠ ألف إنسان فيها، هذا قبل اختراع البراميل المتفجرة التي ألقاها على المدن السورية الثائرة، بعد عام ٢٠١١. مدينة طرابلس اللبنانية، كانت معتقلة، كما كانت مدينة حماة السورية، ولكن النظام الأسدي لم يقتل المدينة المعتقلة أصلاً، كما في حماة، خلال عدة أيام، إنما قتل طرابلس المعتقلة بالتقسيط، فقد حرض الطوائف ضد بعضها، وأصبحت كل طائفة تخشى الأخرى، وتم تهجير بعض سكان الأحياـء المختلطة، فأصبح لكل طائفة أحياؤها الخاصة، فللسنّة الأحياء القديمة وباب التبانة، وللمسيحيين سوق العطارين، وقسم من باب التبانة، وللعلويين بعل محسن، وللشيعة الميناء. كما أن المخابرات قد ألغت القانون والقضاء، وأصبح عناصرها هم القضاة، من أمثلة ذلك أن أحد التجار قتل شخصاً، فقبضت المخابرات عليه، ووضعته في السجن وبدأت في ابتزازه مالياً، على أمل الإفراج عنه سريعاً. كما كان أحد المعتقلين عاملاً في مقهى شعبي، تم اعتقاله وتعذيبه كي يقبل أن يكون مخبراً عندهم، ينقل لهم أحاديث الناس الذين يرتادون المقهى، وهناك معتقل آخر كان موظفاً في الميناء؛ لأنه رفض تزوير وثائق بضاعة، تخص أحد عملاء المخابرات.

أدت الحرب اللبنانية ١٩٧٥-١٩٩٠ إلى انقسام المجتمع لبناني طائفياً، وجاءت ممارسات الاحتلال السوري، لتعمق هذا الانقسام، وهي الخبيرة في هذا المجال، مما جعل كل طائفة منعزلة عن الأخرى. وكان أكثر ما أثار اهتمامي في سجن طرابلس، هو تنوع لهجات أبناء المدينة المعتقلين، فلأبناء كل حي لهجتهم الخاصة، وكان ابن طرابلس، يعرف هوية الآخر الدينية والمناطقية بمجرد سماعه يتكلم.

هكذا عرفت، وتعرفت على مدينة طرابلس من خلال السجناء، وطريقة تفكير كل جماعة منهم، ولم تكن الصورة التي كونتها عن المدينة المعتقلة، تختلف عن المدن السورية التي أعرفها إلا في بعض التفاصيل الخاصة.

في الخاتمة، يمكنني القول: إن ما رأيناه في طرابلس، يمكن أن نراه في كل المدن التي مرّ عليها النظام الأسدي.

ملحق أول: مصطفى الطرابلسي

روى لي الشاب الطرابلسي ابن السبعة عشر عاماً، لماذا هو في فرع فلسطين عام ١٩٨٨، قال: بما أنني لست متعلماً، بحثت عن عمل في الحي، كان الأمر صعباً، وخاصة أنني رفضت عرضاً بحمل السلاح، مقابل راتب جيد؛ لأنني لو قبلت بذلك، فإنني أعلم من أصدقائي أنني لن أستطيع الحضور كل يوم إلى السطح، لكش الحمام والعناية بطيوري. أخيراً وبعد بحث طويل، قبل صاحب سوبر ماركت أن أعمل عنده في توصيل طلبات الزبائن. بعد عدة أسابيع من العمل، دخلت إلى السوبر ماركت سيدة، واشترت كمية كبيرة من الأغراض، وطلبت توصيلها إلى المنزل.

قرعت الباب، ووضعت الأغراض أمامه، فتحت سيدة جميلة جداً الباب، وقالت لي: ادخل الأغراض إلى داخل البيت.

أمضيت ليلتي عندها، وعرفت منها أن المخابرات السورية، اعتقلت زوجها منذ عام، ولا تعرف شيئاً عنه، وأنّ ضابطاً منهم يتصل كل عدة أسابيع، ليعرف إذا كانت بحاجة لشيء، فترد شاكرة لطفه.

في فترة علاقتي مع المرأة، بدأت في شراء الدجاج الحي من المزارع، وإعادة بيعه لمحلات الفروج، وبدأ وضعي المالي يتحسن، بفضل نصائح السيدة وتوجيهاتها، فقد كانت متعلمة وذكية.

ذات يوم، عدت إلى السيدة، فوجدتها تبكي، وهي في حالة سيئة، وقالت لي: انتبه لنفسك من المخابرات السورية، فقد اتصل الضابط السوري، وطلب مني أن أنام معه، فرفضت، وهددني قائلاً: إنهم يعرفون، بأني آوي في بيتي شاباً خطيراً، وأمير جماعة إسلامية متطرفة، فانتبه لنفسك.

تابع مصطفى، وقد جف حلقه: بعد أقل من أسبوع، كنت عائداً من إحدى المزارع، مع شحنة من الفراريج، فأوقفني حاجز للجيش السوري، وطلب الهوية، وفتش الكميون، ثم اعتقلني، وأرسلني إلى فرع مخابرات طرابلس، الذي حولني بدوره إلى فرع طرطوس الذي حولني إلى فرع فلسطين.

البارحة عندما رأيتني عائداً من غرفة التحقيق، كنت قد اعترفت بما يريدون، فلم أعد أستطيع تحمل الكرسي الألماني، البارحة كانت المرة السادسة، وقلت لهم: نعم، إنني بعثي عراقي.

أستاذ ميخائيل: هل تعرفت على متعة كش الحمام؟

وبما “أنك بتقرأ، وبتكتب: شو يعني بعثي عراقي؟”.

قلت له: لا شيء عزيزي مصطفى. ودخلت إلى التواليت لأغسل وجهي من آثار دمعتين، سقطتا رغماً عني…

الملحق الثاني: هل فكرت بالمستقبل يا أحمد؟

في مطلع ١٩٨٩ كنت ضيفاً على مدرسة الأمريكان في طرابلس، ليس كمدرس، أو كصحفي، ولا كناشر، وإنما كسجين سياسي، تم نقله من فرع فلسطين في دمشق، إلى مملكة غازي كنعان في عنجر، ومن ثم تم إرسالي إلى طرابلس، حيث مقر فرع المخابرات العسكرية السورية وسجنه المؤقت. استدعاني في اليوم التالي لوصولي رئيس قسم التحقيق، وأنا ”مطمش“ العينين، مربوط اليدين خلف الظهر، وطلب مني بصوت هادئ الإجابة عن أسئلته، مما شجعني على الطلب منه، أن يرفع الطماشات عن عينيّ، وفك قيودي، إذا أراد الحصول على إجابات مريحة وحقيقية عن أسئلته. كان لكلامي وقع حسن عند المحقق، فطلب من العسكري أن يفعل ما طلبته، ثم قال للعسكري أن يخرج.

كان المحقق شاباً بحدود الأربعين، جميلاً ورشيقاً وهادئاً، دون أن يعني ذلك أنه غير قاتل، كما قال أثناء الحديث. تعارفنا، وعرفت أنه من قرية حصين البحر، حيث الصديقان حيدر حيدر، وسعد الله ونوس. وعرف أن هناك مكيدة ضدي مرتبة بين بعض تجار الكتاب في دمشق، وبين رئيس فرع فلسطين آنذاك مظهر فارس. أمضينا أربع ساعات في مكتبه، تغدينا، وطلب لي باكيت دخان من حسابه، وقال لي إنه كان يعمل في الملحقية العسكرية في السفارة السورية في باريس، وأن رئيس الفرع في طرابلس هو حمصي سني، وقد كان مع غازي كنعان منذ أن كان في حمص. في نهاية اليوم عرض عليّ نص الكتاب المرافق لي، والصادر عن رئيس فرع فلسطين، وتركني أقرؤه، وقد جاء فيه:

نرسل إليكم الموقوف ميخائيل بن عطية سعد، للتحقيق معه بتهمة التعاطف مع حزب القوات اللبنانية، وإعادته إلينا بعد تأكيد التهمة المشار إليها.

التوقيع العميد مظهر فارس.

كتب رئيس قسم التحقيق في طرابلس تقريره عن التحقيق معي، نافياً فيه التهمة الموجهة لي، وكان لصالحي بالكامل. وقال لي إنه بناء على ما كتب، يجب أن أعود إلى عنجر، ثم إلى دمشق خلال يومين، عندما يعود رئيس الفرع من حمص ويوقع التقرير. قبل أن أخرج من مكتبه طلب من العسكري وضعي في أفضل مكان في القاووش.

مرت الأيام والأسابيع بطيئة بانتظار العودة إلى سوريا، ومما خفف من وطأة القلق، أنه في أحد الأيام، فتح الباب، ودخل أربعة عساكر لقضاء عقوبتهم المسلكية معنا؛ لأنه لا يوجد مكان آخر في مدرسة الأمريكان، ليكون سجناً خاصاً بعناصر المخابرات. كان الجنود شرسين مع المعتقلين، ويطلبون منهم أن يخدموهم، وكان استخدام (البوكس)، أو الكف مسألة لا تستوقف العسكري أو حتى السجين، فهو سلوك شبه عادي في المجتمع، فكيف ونحن في سجن المخابرات السورية، حتى اللبنانيون والفلسطينيون الذين كانوا معنا في القاووش، كانوا قد تأقلموا مع السلوك السوري.

ولما كنا في الزاوية الأكثر نظافة في القاووش، فقد أحتلت عناصر المخابرات الأماكن الأفضل بيننا، ووضعوا بطانياتهم وحاجاتهم فيها، وكان بقربي العسكري أحمد، الذي كان الأشرس بين المجموعة في تعامله مع الموقوفين. كنت أراقبه بشكل خاص، للهجته الحمصية، منتظراً اللحظة المناسبة للاحتكاك به، وجاءت منه، قال: أنت من وين؟ قلت: من حمص. وكان للكلمة تأثير السحر وكافية؛ لأن يقفز أحمد واقفاً على قدميه، وينظر إليّ متأملاً، ثم قال: من وين؟ قلت: من بستان الديوان. فاحمر وجهه وقال: من وين؟ قلت من زاوية الغسانية. أنا صاحب مكتبة دار الكتاب، هل تعرف المكتبة؟ صمت طويلاً، وتغير لون وجهه ما بين الأحمر والأحمر القاتم، ثم صرخ بأقرب الموقوفين إلينا، أن يبتعد ببطانياته عنا.

مرّ بعض الوقت، لم يعد يوجه نظره نحوي. مساءً جلس بقربي، فسألته: أنت حمصي، هذا واضح من لهجتك، ولكن من أي حي؟  قال دون أن ينظر في عيني: من باب الدريب.

قلت له: يعني نحن جيران.

قال: أنا بعرضك، عندما تخرج من هنا، لا تقل ما شاهدته مني هنا، في الحارة.

سألته: كم بقي من خدمته الإلزامية؟ فقال: بقي عليّ ستة أشهر.

سألته: ماذا كان يعمل في الحياة المدنية قبل الجيش؟

قال: لا شيء، كنت قد تركت المدرسة بعد الابتدائية، وعملت في سوق الهال، وحداد، وشو ما كان، حتى أتيت إلى العسكرية، واختاروني لأكون في المخابرات.

قلت له: وبعد انتهاء العسكرية، ماذا ستفعل؟

قال: أفكر أن أبقى هنا في طرابلس، فهنا، على الأقل، قد أجد عملاً، بالإضافة إلى أنني أحب فتاة طرابلسية.

قلت له: ألا تعرف يا أحمد أن أغلب الموقوفين هنا هم طرابلسية؟

قال: أعرف وين المشكلة؟

قلت له: سأسألك، ماذا لو أن أحد الطرابلسية الذين ضربتهم وتضربهم الآن، صادفك في الشارع مع زوجتك الطرابلسية، وعرف أنك لم تعد في المخابرات، هل تعتقد أنه سينسى أنك ضربته، عندما كان بين يديك، وماذا ستكون ردة فعله، عليك وعلى زوجتك؟ وهل تعتقد أن المخابرات السورية ستدافع عنك، بعد أن تكون قد أصبحت مدنياً، وهل أنت متأكد أن الصبية التي تحبك، ستبقى على حبك بعد أن تترك المخابرات؟

أصيب أحمد بالخرس، وهو يصفن بما قلته، ثم قال: ماذا يجب أن أفعل؟

قلت له: بقي أمامك يومان في القاووش، وستة أشهر في الخارج، عليك أن تحسن علاقتك مع الجميع، كي تضمن احترامهم لك كإنسان.

بعد خروج أحمد من القاووش بيومين، جاء إلى النافذة الوحيدة والعالية جداً، وصاح على أكثر الموقوفين شباباً وعضلات قائلاً له: ضع الأستاذ ميخائيل على كتفيك، وارفعه إلى النافذة. اقترب وجهه من شبك النافدة، وقال: خذ هذه الزجاجة. قلت له: ما هذه الزجاجة؟ قال: نصّية عرق، أكيد أنت مشتاق للعرق؟ قلت له: شكراً يا عزيزي أحمد، أنا لست في المكان المناسب لشرب العرق، ثم ماذا لو أن معلمك، عرف بقصة العرق، ألا يخرب بيتك؟ قال: أي والله يا أستاذ، بس أنا حبيت أن تكون مبسوط، لا تتصور قديش كانت نصيحتك لي مهمة. قلت له: اذهب، واستبدل العرق بدخان، وسأقبل هديتك…

بعد أيام، تم ترحيلي إلى سجن عنجر، ومنه إلى سجن بيروت في البوريفاج، إلى أن وقعت حرب عون مع السوريين، وهرب إلى السفارة الفرنسية.

بعد أن خرجت من السجن، قال لي أبي: إن شاباً لطيفاً اسمه أحمد، من باب الدريب، قد مرّ إلى هنا عدة مرات، وسأل عنك، وقال إنه سيعود، لكنه أوصاني أن أقول لك إن كلماتك أنقذته، وإنها محفورة في قلبه.

سافرت، ولم ألتقِ أحمد، أو أعرف ماذا حدث له، فقد دمر جيش الأسد حمص القديمة كاملة، بما فيها حي بستان الديوان، وحي باب الدريب.

سألتقي أحمد يوماً ما في حمص المحررة من الكابوس الأسدي.

_________________________________________

 من مقالات العدد السادس عشر من (العربي القديم) الخاص بطرابلس الشام – تشرين الأول/ أكتوبر 2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى