الرأي العام

تفاصيل سورية | في الواقع والصورة: نحن لسنا على ما يرام!

يكتبها: غسان المفلح


رحلة الخذلان منذ لحظة الاستيقاظ حتى لحظة النوم الذي يخذلك بدوره أيضا. هذا الخذلان ليس نتاج حالة مزاجية أو نتاج رهانات خائبة، بل هو نتاج ميزان قوى يكتسح الوجود التاريخي برمته لمنطقة الشرق الأوسط بكل شعوبها. يكتسح بمعنى أن تفاصيل التاريخ هذا مسيطر عليها. أو مهمين عليها، كما يحب بعضهم التمييز بين السيطرة والهيمنة في حالتنا هذه! لابد من فذلكات متثاقفة.
نحن لسنا على ما يرام مع أمريكا الشر الذي لا بد منه. نحن هنا الآن وبالذات في هذه المقتلة المتحركة بسبب أمريكا، ولن نخرج منها إلا بأمريكا نفسها. هذه المعادلة الدموية حصيلة للنفوذ الأمريكي على المنطقة وفيها منذ ظهور نفطها. ثم تبعتها اسرائيلها. وأنظمة تدار بأكثر من طريقة، ضمن هذا القالب الأمريكي. هذه الأنظمة هي الصورة والواقع الفعلي لهذه الامركة. لكن ماذا نفعل إذا كانت آلة الإبادة المتحركة هذه تصور لنا هذه الأنظمة أنها تقوم بالتحديث والتطوير! الفرد فيها مسحوق ككيان انساني واعتباري بالمعنى القانوني والحقوقي للعبارة.
هذا ليس ندب وإنما محاولة لوضع الامركة في سياقها الواقعي بعيدا عن كل الصور وبكل انواعها.
ما هي الصورة الأميركية في عيوننا؟ في عيون أطفال شعوبنا في هذه المنطقة؟ هي باتمان أم سوبرمان أم العاب الاتاري؟ أم هي جاك ريان في رائعة توم كلانسي. التي مثلت أفلاما ومسلسلا. رجل السي أي أيه الخارق؟ أم هي رامبو في سلسلة سلفيستر ستالوني الشهيرة؟
قمة الخير وانتصاره على الشر الخارجي عموما والداخلي الامريكي خصوصا لمزيد من نكهة الموضوعية. إذا كان الشر الداخلي عضوا فاسدا في الإدارة الامريكية أو في شركة أمريكية ما. من هو الشر الخارجي إذا؟ هل هو الصين روسيا أم هو الإرهاب الإسلامي؟ أو إرهاب آخر، حسب سنن السياسة الامريكية؟ أم كل هذا معا إذا اضفنا إليه كارتلات المخدرات فهي عدو دائم يظهر الأمريكي الخارق عدوا لها؟ أم خلف كل هذه الصورة شعوبا تقتل وتباد بالمعنى النسبي للعبارة؟
سمعت من ماركسي سابق أن أمريكا هي قاطرة التاريخ الآن. هل كان للتاريخ البشري قاطرة لها وجها واحدا يمثل الخير؟ أم مزيجا من الشر والخير تحمله في قطارها لتوزعه على بقية شعوب الارض؟
أمريكا هي السوشيال ميديا التي اسكنتنا في مجتمع الصورة أو مجتمع الفرجة. ما علاقة فنانين مصر مثلا بقاع المجتمع المصري الملاييني؟ ما علاقة جنفير لوبيز بالمجتمع السعودي؟
ما علاقة بدلات التوكسيدو بأطفال سورية وأطفال غزة وأطفال لبنان وأطفال السودان؟ على سبيل المثال. ما علاقتها بأطفال إيران الفقراء في ظل دولة تمتلك أكبر مخزون نفطي وغاز وخلافه من الثروات؟
ما علاقتها بشعوب لم تحصل على حقوقها الأولية؟ ما علاقة كل هذا وغيره بقناة الجزيرة او قناة العربية؟ حيث نتابع اخبار موت شعوبنا، قوافل اللاجئين والنازحين الان من غزة ولبنان والسودان. نتابعها مع مذيعين ومذيعات بأبهى صورة من آخر صيحات الموضة والمكياج؟ يقسمون البيدر نصفين: الاول محسوب على الإسلام السياسي الإرهابي امريكيا والثاني على الإسلام الحداثي أمريكيا أيضا. أمريكا “صديق” النصفين! أي صديق وأي نصفين؟ هنا قاعدة عديد وهناك قاعدة الظهران! ومعهم م ب ز صديق بشار الأسد الحميم، وصديق نتنياهو بنفس اللحظة، وممول بوتين في قتل الشعب السوري.
أما الصين وما أدراك ما الصين، لسان حالها خذوا بضاعتنا ولن نتدخل في أموركم.
 أمريكا ومعها الاتحاد الأوروبي ذيلا لسياستها لسان حالها: ستأخذون بضاعتنا ونغطي على قتل شعوبكم وهذا ليس خيارا. السيادة العليا في بلدانكم لنا. هذا الفارق بين الصين وامريكا. الصين تحاول أن تبتلع العالم أيضاً “ما حدا أحسن من حدا”.
كيف سنكون على ما يرام ومازال شيوخ الإسلام وتنظيماتهم ينصبون باسمه؟ وجعلوا وجودهم في هذه الدنيا كهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي أذاقت المجتمع السعودي ونسائه خصوصا الأمرين. هذه الذقون النظيف منها والكث، المتسخ إيمانا على طريقة جهاديي أفغانستان، قيمون على حياتنا. فكيف سنكون على ما يرام؟
“المايرام” هذه يحكمها ميزان قوى هنا مربض الفرس! لا تحكمها ثقافة وما نعلّك به صباحاً ومساءً. رغم كل هذه الكارثة منطقتنا تعيش أكثرية شعوبها أفضل من بعض شعوب أفريقيا وامريكا اللاتينية. فلكم أن تتخيلوا الصورة في المكسيك والبرازيل وغيرها من الدول هناك.
كيف نصير على ما يرام؟
بصراحة ليس عندي جواب فعذرا منكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى