مقامات أمريكية |العظات بين٢٠١٤و٢٠٢٥ ودور رجل الدين
ما هو الدور الذي سيلعبه رجال الدين في سورية الجديدة؟
د. حسام عتال – العربي القديم
في عام ٢٠١٤، شبّه خطيب صلاة العيد محمد شريف الصواف، في مسجد الخير بدمشق، رئيس النظام بشار الأسد (والذي أدى الصلاة بالمسجد نفسه) بـأنه ”خالد بن الوليد وعمر بن عبد العزيز ونور الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي والظاهر بيبرس”. وخاطب محمد شريف الصواف الرئيس بالقول “إن الله أقامك مقام أولئك العظماء الذين وحدوا الأمة وردوا كيد أعدائها ونصروا دين الله وأعلوا قيم الرحمة والتسامح؛ فامض لما أقامك الله وتسلح بالعزم واستعصم بالإيمان واستقوِ بإرادة الشعب”.
وفيما أظهرت كاميرات التلفزيون بشار الأسد خاشعاً (أو هكذا يبدو)، جلس على يمينه وزير الأوقاف محمد عبد الستار السيد، وعلى يساره مفتي الجمهورية أحمد بدر حسون.
وتابع الصواف من المنبر مهاجماً ما وصفه بـ”الربيع العربي المزيف” ووسائله من قنوات إعلامية و”عملاء”، والذي أدى إلى “تطاحن أبناء الأمة وأبعادهم عن أهدافهم”، ومؤكداً أن “المؤامرة على سوريا سقطت”.
وأضاف أن “المسخ المشوه هو الحركات إلا رهابية التي تدعي أنها تحمل المشروع الإسلامي”، تتألف من ”الأعراب الجدد وأحفاد الخوارج وأعداء الحضارة والذين يشوهون بأعمالهم من هدم للمساجد وقطع للرؤوس صورة الإسلام”.
وانتهى إلى استنتاج أنه بعد مرور ١٣٠٠ يوم على اندلاع “الأزمة ” في سوريا، أن هذا الوقت كان كفيلاً بـأن ”يكشف الغشاوة عن العقول والتخلص من مس الشيطان والغفلة عن أوامر الله”.
ثم ننتقل إلى عام ٢٠٢٥ (وتحديداً الأحد الماضي) وبعد أن قال الرئيس الاميركي ترمپ أن المهاجرين هم خطر على المجتمع وهم مجرمين، وأصدر عدة قوانين تحدد من الهجرة لأمريكا، خطبت فيه (ماريان بد) وهي أسقف الكنائس واشنطن، في الكنيسة التي ارتادها لقداس الأحد، فقالت له وهي تنظر إليه وهو جالس في الصف الأمامي:
“باسم الإله، أطلب منك أن ترحم الناس في بلدنا. نحن خائفون الآن. الأشخاص الذين يقطفون محاصيلنا وينظفون مباني مكاتبنا، الذين يعملون في مزارع الدواجن ومصانع تعبئة اللحوم، الذين يغسلون الصحون بعد أن نأكل في المطاعم ويعملون في نوبات الليل في المستشفيات. قد لا يكونون مواطنين أو يحملون الوثائق اللازمة، ولكن الغالبية العظمى من المهاجرين ليسوا مجرمين. إنهم يدفعون الضرائب، وهم جيران طيبون. إنهم أعضاء مخلصون في كنائسنا ومساجدنا ومعابدنا اليهودية والسيخية والهندوسية. أطلب منك الرحمة، يا سيادة الرئيس، على أولئك في مجتمعاتنا الذين يخشى أطفالهم أن يتم أخذ آبائهم بعيداً، وأن تساعد أولئك الذين يفرون من مناطق الحرب والاضطهاد في أراضيهم على العثور على التعاطف والترحيب هنا.”
هذان مثالان عن الدور الذي يمكن أن يلعبه رجال الدين في المجتمع، ويلقي الضوء على علاقتهم بمراكز النفوذ. ويمتد ليلقي ضوءاً على دور العلمانية في المجتمع وهو، كما نعيشه فيه أمريكا، يختلف عن الفكرة السائدة في البلدان العربية. العلمانية بشكلها الممارس هنا تضع مسافة بين الدين والدولة، فتحرر الدين من قيود علاقته بالسلطة، ويصبح بذلك نداً للسلطة وليس تابعاً لها. ونتساءل الآن: ما هو الدور الذي سيلعبه رجال الدين في سورية الجديدة؟ هل سيكون امتداداً للصواف والسيد وحسون، أم أنه سيرتقي ويكون فعالاً في تعزيز المصالحة، وتحقيق العدالة، وإرشاد القادة للطريق القويم إن انحرفوا عنه؟