سوريا الجديدة بمواجهة روسيا وإيران: من هو الدائن ومن هو المَدين؟
من الخطأ والخلط إطلاق مصطلح "الديون البغيضة" على مايدعون من ديون إيرانية روسية على الدولة السورية
إبراهيم الصالح – العربي القديم
انتشر في الأيام الاخيرة الحديث عن ما تسمى ديون إيران وروسيا على سوريا، وخاصة بعد تصريح السيد أسعد الشيباني وزير خارجية الإدارة المؤقتة في مؤتمر دافوس.
ونشر بعض الحقوقيون والاقتصاديين ردود على ذلك ويرز مصطلح “الديون البغيضة”. تعقيباً على ذلك سأحاول توضيح حقيقة المصطلحات وحقيقة الوقائع فيما يتعلق بهذه القضية.
من الخطأ والخلط إطلاق مصطلح “الديون البغيضة” على ما يدعون من ديون إيرانية روسية على الدولة السورية، لأن الديون البغيضة هي الأموال وما يقوم مقامها من مواد التي يقترضها نظام دولة لأغراض لا تخدم مصالح الشعب العامة.
مثال أن يقوم رئيس دولة ما بالإقتراض من أجل بناء قصور خاصة به، أو شراء سفن خاصة أو أسطول سيارات خاصة به أو لمشاريع لا تعود بالنفع على شعب تلك الدولة. وهذا التعريف لاينطبق على قضية ماتسمى الديون الايرانية الروسية
لأن حقيقة الوقائع بعيدة كل البعد عن ذلك. لماذا؟!
لأن روسيا وإيران لم تقدما أموالاً أو مواد للنظام السوري بل أن ما تدعيه من ديون هي التالي: محروقات للآليات العسكرية –ذخائر ومواد مستخدمة للتصنيع العسكري- قطع غيار للأسلحة – مليشيات مع إطعامها وتسليحها –كوادر مساندة لتلك المليشيات وماكينات إعلامية موازية لآلة القتل.
لذلك والحال هذا من الأصح الحديث عن ديون وتعويضات حرب للشعب السوري بمواجهة نظام الاسد وروسيا وإيران ورجال الاعمال والجهات الداعمة لهم. وهذا ما استقر عليه القانون الدولي والقوانين الوطنية والقانون الطبيعي بأن كل متسبب بضرر يتوجب عليه تعويض المتضرر، واليوم نحن في سورية نقف أمام أرقام مهولة من الأضرار البشرية والمادية التي تسببت بها تلك الأطراف للشعب السوري، وحتى الآن لم تتم دراسة ميدانية لحجم تلك الأضرار مع توقعات بأنها تفوق حيث قدرت سلطات الأمم المتحدة في عام 2020 قيمة الأضرار بـ400 مليار دولار امريكي والحقيقة الرقم يفوق ذلك بأضعاف كثيرة.
واستناداً لهذا التوصيف يتوجب على الدولة السورية القادمة أن تلاحق تلك الأطراف التي شنت الحرب على الشعب السوري أمام الجهات الدولية، وإلزامها بدفع تلك التعويضات، قبل الحديث عن أي إعادة للعلاقات الدبلوماسية أو التجارية والضغط بكافة الوسائل الشرعية لتعويض المتضررين.
وفي تاريخ العلاقات الدولية هناك أمثلة كثيرة على إلزام الدول بــ “تعويضات حرب” كما ورد في إتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907
وما جرى مع أطراف الحرب العالمية الثانية والحكم على جميع الاطراف المتسببة بضرر بتعويضات للاطراف المتضررة. كما نصت القاعدة 150بمايلي: تلتزم الدولة المسؤولة عن إنتهاكات القانون الدولي الإنساني بالتعويض الكامل عن الخسائر والآذى الذي تسببت به الإنتهاكات.
وهذا ماحدث بنهاية غزو العراق للكويت بإلزامها بتعويضات كبيرة تم سدادها كاملة تحت قوة الفصل السابع.
كذلك إيران ذاتها طالبت العراق بتعويضات عن حرب الثماني سنوات أو ما تعرف بحرب القادسية التي قادها صدام حسين بمواجهة إعتداءات إيران، ومارست عبر تلك الحجج الحكومة الإيرانية ضغوطاً على الحكومات العراقية المتعاقبة ومارست الإبتزاز بكثير من الملفات.
لذلك والحال هذا نكرر التأكيد بأن روسيا وإيران إضافةً لنظام الأسد ورجالاته مسؤولين بالتساوي عن الأضرار الهائلة التي تسببوا بها للشعب السوري مادياً وبشرياً وتقع على أي حكومة سورية والجهات الحقوقية متابعة هذا الملف امام الجهات الدولية والإقليمية والامتناع عن إقامة أي علاقة مع هذين الدولتين قبل التعويض والاعتذار الرسمي للشعب السوري عن ممارساتهم على مدى الحرب الإجرامية.
_______________________________________________________________
*محام سوري، دبلوم في القانون الجنائي الدولي