القبض على تيسير عثمان يخرج الأفاعي الطائفية من جحورها
منذ القبض على محفوظ طفقت شهادات لسوريات وسوريين يستحضرون قصص تعذيبهم على يد الضابط المذكور و"للصدفة"، جميعهم من السنّة فقط!

كاظم آل طوقان – العربي القديم
مذ تم القبض على القيادي في تنظيم الأسد، تيسير عثمان محفوظ وجد شبيحة النظام المخلوع، مندوحة للتعبير عن انحطاطهم، فلم يتبرؤوا من عصابة كانوا وما زالوا يؤيدونها، بل استثمروا ذلك للدفاع عنها بالقول: انظروا إن محفوظ ليس من مكون معين بل هو “سني” للمفارقة، هم لا يحددون هوية غالبية المجرمين الذين يُقبض عليهم، وهذا دليل أن النظام (كما يضيفون) ليس طائفياً، متناسين كنه الموضوع وهو إجرام عصابة كان أحد أدواتها “محفوظ”، الذي لو لم يثبت درجةً عالية من الإجرام لما أ صبح حارس بوابة في سلك البراميل.
ولو افترضنا أنه “ضبط” وهو يصلي لتم ذبحه في مكانه أو تسريحه، كما حدث بحق كثيرين، ولكم تخيل النتيجة ذاتها وما هو أشنع لو اعترض على إبادة منطقة سنية واحدة كدوما أو جوبر أو القابون أو انتقد همزاً أو لمزاً ميليشيا الحوثي أو حزب الله أو الحشد أو ولاية الفقيه، أو امتعض من “أسواق غنائم أهل السنة” التي أقامها الهمج إمعاناً في الطائفية والانتقام، أو اغتصابهم للحرائر أو تغييبهن كما هو حال رانيا العباسي وعائلتها مثالا لا حصراً، لا بل إنه ومنذ القبض على محفوظ طفقت شهادات سوريات وسوريين يستحضرون لحظات تعذيبهم على يد الضابط المذكور و”للصدفة”، جميعهم من السنة ولم يخرج أحد من مكون سوري آخر يروي شهادة له أنه تعرض للسجن أو للتعذيب أو للقول له: “أنا ربك ولاك”، هذا كلام مهما كانت هوية الجلاد لا يوجه إلا إلى السنّة!
ولعل أبرز الشهادات برزت من عنصر بالأمن العام، شاءت الأقدار الإلهية أن يقابل فيها معتقل الأمس مجرم اليوم، ويروي كيف أجبره حينما كان طفلاً بعمر الـ ١٦ ربيعاً على الإفطار في نهار رمضان، وهذا تصرف بمثابة “ورقة اعتماد وولاء” معروفة سابقاً تتماهى مع ممارسات مماثلة لعصابة البراميل بحق كل من يصوم أو يصلي في مؤسسات الدولة الأمنية أو العسكرية سابقاً، وبهذه المعطيات ستعرفون فعلاً حقيقة البعد العقدي والإيديولوجي في العصابة التي لا مانع لديها من توظيف رتوش إجرامية من هناك وهناك للقول إنها ليست طائفية
ومع التسليم بما قالوا، بمعنى أن المجرم “سني” فهذا ينفي تهم “الطائفية والإبادة والتطهير” التي يروجون لها اليوم، متهمين الأكثرية والسلطة الجديدة بممارستها، حيث أن ما يجري (بشهادتهم) عمليات ملاحقة لمجرمي حرب الأسد في عموم البلاد بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى، حيث لوحظ حجم الفرحة الشعبية في القبض على مجرم “سني” وهو ما لم يسترعي ملاحظة صحفي ينبش بالسلبيات هنا، أو مرصد فبركات متربص هناك!
والملاحظ أكثر أنه لم يخرج أحد من “امتداد” تيسير محفوظ، وبمعنى أعمق، لم يخرج أحد من السنة، ليصرخ ويطالب بالحماية من موزمبيق أو غيرها، كما يحدث حينما يجرى ملاحقة بقية مجرمي حرب البراميل ومقاصل الإعدام.
واللافت في اعتقال “تيسير”، أنه فضل حكم القضاء على أن يجري تسلميه للشعب، ذلك أنه يعرف حقيقة ما اقترفت يداه بحق السوريين فضلاً أنه يقر بنزاهة جهاز قضائي لا يظلم فيه أحد، وهو عكس منظومة الاستبداد الطائفية التي لا تعرف للعدل عنواناً ولا للإنسانية عهداً ولا للحقوق أي اعتبار. والملاحظ أيضاً أنه جرى تصوير عملية اعتقال “محفوظ”، وبثها عبر الإعلام، وهذه خطوة تخبر من مازال في قلبه شك، عن مدى إجرام الأسد، كما أنها تقطع الطريق على من يتربص بعمليات ملاحقة الفلول، فعملية الملاحقة المذكورة اليوم تتم بشكل سلس يلاحق فيهم المجرم وحده، بينما في زمن الاستبداد كان يجري ملاحقة المتظاهرين السلميين بالبراميل والكيماوي لأننا في زمن: لم يعد يمت لعصور الظلم والظلمات الذي كنا نعيشه بصلة.