تعريب الدراما التركية: هل تشبهنا؟!
يُحقق تعريب الدراما التركية نجاحاً جماهيرياً، إلا أنه يطرح تحديات كبيرة تتعلق بالحفاظ على الهوية الثقافية العربية وتعزيز الإبداع المحلي

سامي زرقة – العربي القديم
رغم جماهيريتها الكبيرة، يطرح تعريب الدراما التركية إشكالية كبيرة تتأرجح بين الانتشار الجماهيري وتحديات الهوية الثقافية، فقد شهدت السنوات الأخيرة تزايداً ملحوظاً في تعريب المسلسلات التركية، حيث تسعى شركات الإنتاج العربية إلى إعادة تقديم هذه الأعمال بنسخ عربية تتماشى مع اللغة والثقافة المحلية.. هذا التوجه أثار جدلاً واسعاً بين مؤيدين يرون فيه فرصة لتعزيز الإنتاج الدرامي، ومعارضين يعتبرونه تهديداً للهوية الثقافية العربية.
الانتشار والتأثير
بدأت ظاهرة تعريب المسلسلات التركية بشكل بارز مع أعمال مثل “عروس بيروت” المقتبس من “عروس إسطنبول”، و”ستيليتو” المأخوذ عن “جرائم صغيرة”، و”الثمن” المستند إلى “ويبقى الحب”.. هذه الأعمال لاقت رواجاً كبيراً بين الجمهور العربي، خاصة مع توفرها على منصات مثل “شاهد” وقنواتMBC، ما دفع شركات الإنتاج إلى الاستمرار في هذا النهج رغم الانتقادات.
الهوية الثقافية في مهب الريح
أحد أبرز الانتقادات الموجهة لتعريب الدراما التركية هو تهميش الهوية الثقافية العربية.. فالمسلسلات المعرّبة غالباً ما تحتفظ بالحبكة الأصلية دون تعديل يُذكر، ما يؤدي إلى تقديم قصص وسلوكيات قد تتنافى مع القيم والتقاليد العربية.. كما أن تصوير هذه الأعمال في تركيا واستخدام مواقع تصوير تركية يُضفي طابعاً غير عربي على المسلسل، ما يعمق الفجوة بين المحتوى والجمهور المستهدف.
الربح على حساب الجودة
الدافع الاقتصادي يُعد من الأسباب الرئيسية وراء تعريب المسلسلات التركية.. فشركات الإنتاج تسعى لتحقيق أرباح سريعة من خلال استغلال شعبية هذه الأعمال، من دون الاستثمار في تطوير نصوص جديدة تعبر عن الواقع العربي.. هذا التوجه يُسهم في تراجع الإبداع في الدراما العربية، ويُقلل من فرص تقديم محتوى يعكس القضايا الاجتماعية والثقافية المحلية.
تأثيرات اجتماعية ونفسية
تعريب الدراما التركية لا يقتصر تأثيره على الجانب الثقافي فحسب، بل يمتد إلى التأثير على سلوكيات الجمهور، خاصةً فئة الشباب.. فالمسلسلات المعرّبة غالباً ما تُروج لأنماط حياة وسلوكيات قد تكون غريبة عن المجتمعات العربية، ما قد يؤدي إلى تغييرات غير مدروسة في القيم والتوجهات الاجتماعية.
وبينما يُحقق تعريب الدراما التركية نجاحاً جماهيرياً، إلا أنه يطرح تحديات كبيرة تتعلق بالحفاظ على الهوية الثقافية العربية وتعزيز الإبداع المحلي بما يحمله من معطيات وخصوصية اجتماعية وفنية تنبع من تلك الهوية وتتلون بها.. إذ من الضروري أن تُوازن شركات الإنتاج بين تحقيق الأرباح وتقديم محتوى يُعبر عن الواقع العربي ويُسهم في تطوير الدراما المحلية.