فنون وآداب

معارض للكتاب والثقافة التي لا تنتمي إلينا

رأي كتبه: إبراهيم الصالح
كم هو مؤسف حالة الابتذال والتفاهة التي طفت على السطح في هذه الثورة . مع أنه يفترض أن تنتقل الثورات بالمجتمع إلى مستويات أعلى بالفكر والمدنية والتطور العلمي والعمراني وليس إلى القاع.
ما يثير القرف الحديث عن معارض للكتاب بحضور مستثقفين وإعلانيين وهيصة هي أقرب إلى احتفالية عرض أزياء منها إلى فعالية ثقافية حقيقية تحتفي بالكتاب.
يقودني هذا الواقع إلى ذكريات منذ العام ١٩٩٦ حيث كنت ذاك الطالب في ثانوية البحتري وكنت أمتلك من الهمة بأني يجب ان ابدع في كل شيء يجب أن لا أكون مجرد طالب فقط. ولم تكن المناهج الدراسية تشبع رغبتي. كنت أهرب من الثانوية إلى المركز الثقافي العربي في الباب والذي يفصل بينهما سور المدرسة فقط.
هناك في المركز الثقافي اعتاد المستخدم ومدير المركز رحمهما الله أن أكون الشخص الذي يدخل إلى المكتبة واتجول بين الرفوف بكل حرية وكأنني أحد موظفي المركز .كنت أبحث في الروايات المترجمة اغاثا كريستي .مدن الملح عبد الرحمن منيف وأحاديث العشيات للدكتور عبد السلام العجيلي وكثير من كتب التاريخ المتفردة بعناوينها. وما إلى هناك. في تلك الفترة كتبت عدة حلقات لبرنامج إذاعي (ظواهر مدهشة )كان يعده الدكتور طالب عمران .
كتبت عن تاريخ مدينة الباب عن السوق المسقوف ذاك السوق الذي كان له رائحة لايمكن أن تجدها بمكان آخر هي مزيج من التوابل ورائحة الجبن ورائحة الزعتر التي تفوح من محل ابو إبراهيم الشامي وجلسات الود بين أصحاب المحلات الضيقة وزبائنهم من الريف على مصطبات ضيقة لكنها كانت بوسع المدى. كتبت عن الجامع الكبير وعلاقته بالظاهر بيبرس وألتقطت صور للمدينة من جبل الشيخ عقيل وطبعتها عند المصور تحسين. كانت يومها الثقافة اشبه ماتكون بالماء مهما شربت منها لا ترتوي. ولأني كنت متمرد قام المدير الثانوية يومها بفصلي وغالب طلاب شعبتنا لنقدم امتحاننا ك أحرار في مدينة حلب كانت المفاجاة والخسارة له بأننا جميعاً نجحنا وكان ترتيبي الثاني لننتقل بعدها إلى الجامعة ليبدأ بعدها الإحباط مع تغيرات مصيرية منها ظهور بشار على الساحة السياسية وحرب العراق وإنتكاسة بدأت تتعاظم إلى يومنا هذا.
اليوم نحن في حيرة . حيرة بين الصمت على حجم التشويه الذي طال سورية بكل شيء وبين ذكريات نرى بأنها تشكل الأرضية لوطن عظيم يجب أن يعلم حقيقته أبناء اليوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى