دور المال السياسي وتأثيره على الثورة السورية
قضية يناقشها: نوار الماغوط
بدأت الثورة السورية في عام 2011 وسط موجة من الاحتجاجات التي اجتاحت العالم العربي، مطالبة بالحرية والعدالة وإنهاء الاستبداد. كانت سوريا تحت حكم نظام الأسد الذي قمع بشدة أي محاولات للتعبير الحر أو المعارضة.
وكما هو الحال في العديد من الثورات، لعب المال السياسي دورًا كبيرًا في تشكيل مسارها. في هذا السياق، لعبت قطر دورًا بارزًا في دعمها، مقدمة دعماً مالياً وإعلامياً كبيراً. قدمت قطر منصات إعلامية ومراكز أبحاث، مما أتاح للمثقفين والفنانين السوريين فرصة التواصل مع الجمهور الدولي . هذا الدعم شمل تمويل المشاريع الفنية والأدبية وتوفير منصات إعلامية، مثل شركة ميتافورا وقناة العربي والعربي الجديد
قبل اندلاع الثورة السورية، عاش المثقفون والفنانون في بيئة قمعية تحت حكم النظام السوري. كانت حرية التعبير محدودة بشكل كبير، والرقابة والاعتقالات تهدد كل من يعبر عن آراء تتعارض مع سياسات النظام. ومع ذلك، تمكن بعض الأفراد والمجموعات من استخدام الفن والأدب كوسائل للتعبير عن آرائهم بطرق مبتكرة ومستترة، محاولين تجنب بطش النظام.
كان لعزمي بشارة، الأكاديمي والمفكر العربي المعروف، دوراً محورياً في دعم وتوجيه العديد من المثقفين والفنانين السوريين خلال الثورة السورية. من خلال منصبه وتأثيره في قطر، قدم بشارة دعماً مالياً ولوجستياً لهؤلاء المثقفين والفنانين. شمل هذا الدعم تمويل مشاريعهم الفنية والأدبية وتوفير منصات إعلامية لهم، ليواصل دوره فى اللعب الثقافي عبرمؤسساته واتضح أنه دعا كثير من المعارضة السورية سواء النظيفة أو سواها إلى الدوحة، ليعملوا في مؤسساته التي يديرها مباشرة، أو التي يدعمها ويمولها جزئياً
1- المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات
2- شركة ميتا فورا للإنتاج الفني
٣ – قناة العربي والعربي 2
4- صحيفة وموقع العربي الجديد
5- قناة تلفزيون سوريا
٦- موقع مدن
٧- موقع زمان الوصل
٨- مكتبة الشبكة العربية للأبحاث والنشر
٩- صالون الكواكبي
١٠- صحيفة زمان
١١- منتدى ياسين الحافظ
١٢ – مركز الدراسات السورية حرمون
١٣ – جيرون، جريدة الكترونية
١٤- موقع الضفة الثالثة
١٥ – موقع ألترا صوت
١٦- موقع عرب ٤٨
17- دار ميسلون للنشر
8١- مجلة رواق ميسلون
19- مجلة قلمون
ماذا تستفيد قطر؟
وبالطبع فقد توقف دعم بعض هذه المنابر لأنها لم تحقق أهداف التمويل كصحيفة (زمان الوصل) لمؤسسها فتحي بيوض التي تسير بتعثر وقد أوقفت منذ سنوات كل تعاقداتها مع كتاب الرأي. وبالرغم أن الدعم القطري كان ظاهريا يبدو ان له دور إيجابي في تمكين المثقفين والفنانين السوريين من التعبير عن أنفسهم ونشر أعمالهم، إلا أنه أثارالعديد من التساؤلات حول استقلاليتهم ومدى تأثير المصالح القطرية على أصالة توجهاتهم. المثقفون والفنانون الذين عملوا في مؤسسات عزمي بشارة يواجهون الآن اتهامات بالانحياز لمصالح شخصية ضيقة، والانصراف عن كل الموضوعات التي لا تريد تلك المؤسسات تسليط الضوء عليها، واتخاذ مواقف محابية ورخوة، مما أثر على مصداقيتهم لدى شرائح من السوريين. هذه التبعية للتمويل الخارجي التي قيدت من حركتهم واستقلاليتهم، وأثرت على قدرتهم على الإجابة عن السؤال الكبير والمهم: ماذا قدمت قطر للثورة السورية؟ ولماذا تدعم قطر وعزمي بشارة مشاريعهم؟ وماذا تستفيد قطر من هذا الدعم؟ هل لأجل عيون الديمقراطية وتحقيق الشعب طموحاته في الحرية؟ أم لأنها تحب الديمقراطية من أجل الديمقراطية بغض النظر عن الزمان والمكان والجغرافيا والديموغرافيا؟!
في تصريحات مثيرة للجدل، وصف وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم المعارضة السورية بأنها كانت تتاجر بالثورة، مشيراً إلى أنها كانت “سلطة” أو “بزنس”. هذه التصريحات أثارت استياءً واسعاً بين السوريين، خاصة وأنها جاءت من شخصية كانت تعتبر داعمة للثورة. صمت الشخصيات المعارضة أمام هذه التصريحات أثار شكوكاً حول استقلالية هذه الشخصيات ومدى تأثرها بالمصالح الشخصية الضيقة، مثل السكن الفاخر والمشاريع الاستثمارية والأرصدة البنكية.
وهنا يذكرنا بغرامشي ونظيرية المثقف المرتشي أن أخطر ما فى المثقف هى قدرته على اكتساب الشخصية الأكثر سوقا ورواجا،وفى الوقت المناسب، ناهيك عن استعداده وقدرته بحكم الثقافة على التلون والتكيف بشكل عام، هنا تعود إلى الذهن مسألة المثقف العضوى الثورى، والمثقف المرتشى والمنسلخ عن طبقته وحتى أمته، بحيث يصبح مصثقفا عضويا بالمعكوس، أي يعمل لصالح نظام الحكم والطبقة التى كان يفترض أن يكون معاديا لها، هذا اللون من المثقفين هو مثقف المرحلة المهزومة ومقتضياتها. وهنا يتعجب المتابع للشأن السوري من هؤلاء الذين لا يزالون يرتبطون ب عزمى بشارة الذي لم يقدم شيئا مفيدا يخص المذبحة السورية، غير الرواتب العالية للعاملين في مؤسساته بالإضافة لتمويل أنشطتهم وندواتهم من سفر وإقامة وضيوف الخ وهي رواتب.. تتجاوز بكثير رواتب وزراء ونواب برلمانات وحتى رؤساء في أوربا. ناهيك عن صندوق العلاقات العامة لكل مؤسسة ويقدر ب خمسة وستين الف شهريا باستثناء التواصل مع الشخصيات السياسية الكبيرة التي يرصد لها سقف مفتوح
معارضة تزداد تشرذماً
رغم المحاولات المتعددة لتوحيد المعارضة السورية، بما في ذلك مؤتمر الرياض الذي جمع الأطراف السياسية والعسكرية على مائدة واحدة في نهاية عام 2015، إلا أن السوريين لم يتمكنوا من الاتفاق على شخصية واحدة يلتف حولها الجميع. غرقت المعارضة السورية منذ البداية في المصالح الضيقة والتفاصيل حول مكان إقامة الاجتماعات، والبحث عن دول مانحة، ومجالس ومنصات وتكتلات و انغمست المعارضة في الصراع على القيادة والهوس بالتشكيلات السياسية والكوتا الطائفية والسياسية والمنصات والاجتماعات، مما أضعف من فعاليتها في مواجهة النظام السوري الذي استمر في التربع على أنقاض البلاد.
من خلال النظر في الدور الذي لعبه المال السياسي، وخاصة الدعم القطري، يمكننا أن نستنتج أن هناك دائماً توازن حساس بين الدعم الخارجي واستقلالية الفكر. الدعم المالي والإعلامي يمكن أن يوفر فرصاً هائلة، لكنه يجب أن يقوده ثوار حقيقيون يريدون إسقاط النظام، لا معارضة تريد بناء مستقبلها العائلي.
دور المال السياسي وتأثيره على الثورة السورية كان ولا يزال موضوعًا معقدًا ومليئًا بالتحديات. دعم قطر والمساهمة البارزة لعزمي بشارة في دعم المثقفين والفنانين السوريين كانت لها إيجابيات وسلبيات، إذ فتحت الأبواب للتعبير الحر، لكنها في نفس الوقت أثارت تساؤلات حول مدى جدية هؤلاء المثقفين والفنانين ومدى تأثيرمصالحم الشخصية على مسار الثورة السورية. يبقى التحدي الأكبر بالسؤال التالي هل كان يمكن الاستفادة من الدعم الخارجي والحفاظ على الاستقلالية والمصداقية والارادة في اسقاط النظام ، هل لها علاقة بالشخصيات التي فضلت مصالحها الشخصية عن انتصار شعب و ثورة أم هي لعبه لعبتها هذه الشخصيات مع الدول الاقليمة و فضلت البقاء تكسبا” , الاجابة عن هذا السؤال هي الدرس الذي يمكن استخلاصه من التجربة السورية.
تجربة شخصية
في سياق متصل مع هذه المقالة أود ان أشارككم تجربتي حول هذا الموضوع
في الأشهر الأولى من الثورة السورية، تلقيت مكالمة غير متوقعة من صديق عزيز في إسطنبول، يدعوني للمشاركة في تأسيس حزب جديد يهدف إلى المساهمة في الحركة السياسية لمناهضة نظام الأسد. كان صديقي يؤمن بكفاءتي العلمية والإعلامية، وأعرب عن حاجتهم لشخص يمتلك خبرة في معالجة القضايا الإعلامية وتدريب الكوادر البشرية التي تخدم قضية السوريين في التحرير من النظام السياسي السابق وبناء نظام ديمقراطي حر. وقد رشحني لمنصب المكتب الإعلامي في الحزب، تاركًا لي حرية القرار في الانضمام أو عدمه.
كانت هذه الدعوة مفاجأة كبيرة لي، حيث لم يسبق أن رشحني أحد لمثل هذا المنصب من قبل. في الماضي، كانت الترشيحات التي أتلقاها مجرد أوهام وكلمات مديح خادعة، تُستخدم لإخفاء أسماء معينة تم اختيارها مسبقًا. كانت تلك الترشيحات تمنحني شعورًا مؤقتًا بالارتياح، لكنه سرعان ما يتلاشى ليحل محله الغضب والإحباط عندما يتم اختيار شخص آخر. لقد كانت تلك التجارب تعلمني أن أكون حذرًا وألا أثق بسهولة.
عندما عرض علي صديقي هذا المنصب، أخبرته بصراحة أنني بعيد كل البعد عن الأحزاب ذات التوجه الإسلامي. فرد علي قائلاً: “المرحلة القادمة تحتاج إلى تعاون جميع التيارات، وأنت كشخص علماني تحترم جميع الأديان والثقافات الإنسانية مرحب بك بقوة معنا”. كانت هذه الكلمات تدعوني للتفكير بعمق في المرحلة المقبلة وأهمية التعاون بين مختلف الأطياف السياسية.
في ظل هذا الموقف، اتصلت بصديق مناضل محترم يشترك معي في نفس الرأي السياسي والإيمان بحركة التاريخ التي تقود الشعب نحو الانتصار على الظلم. قال لي بالحرف الواحد: “أنت الآن في وضع استقطاب سياسي، والمرحلة القادمة خطرة. وباعتبار الحزب الذي دعيت للعمل معه قريب من الإخوان، فأنت ستكون صيدًا ثمينًا لهم… وهذا ما نسميه بالمال السياسي. حذار ثم حذار من المال السياسي”.
هذه الكلمات أثرت فيّ كثيرًا وجعلتني أفكر بجدية في العواقب المحتملة للانضمام إلى الحزب. بعد ذلك، تحدثت مع الأمين العام للحزب وشكرته على دعوته وترشيحي، متمنيًا له النجاح والتوفيق. لكنه كرر دعوته مع مزيد من التفاصيل حول تركيبة الحزب الدينية والطائفية. ومع ذلك، اعتذرت عن قبول الدعوة.
ما كان مؤسفًا حقًا هو أن الصديق الذي استشرته ونبهني من خطورة المال السياسي يخشى من التفاعل مع منشوراتي على وسائل التواصل الاجتماعي، بينما يشارك منشورات لأشخاص ملوثين بالمال السياسي للإخوان المسلمين.
مقال جميل ومفيد
يذكرني بقول لينين يجب التفريق جيداً بين أقوال السياسيين وأفعالهم.
وسبقه قبل، ١٤٠٠ عاماً الآيه الخالده “كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون ”
وهذا الذي تراه في بذخ عزمي بشاره وأتباعه مقابل تشرد ومجاعة وعري ومهانه الشعب السوري كله وفي كل مكان دون حلول
هو الفرق بين الأفعال والأقوال لا أحد يريد أن يخسر ما كسبه
من الارباح الناجزه من فرق الأقوال والأفعال
وشعارهم من المحيط إلى الخليج من أين تؤكل الكتف إلى حين لا يبقى لا كتف ولا فخد ولا يبقى إلا العورات
المال السياسي بدأ يُفسد المعارضة من أول يوم بالثورة لو في ذاكرة سورية للشرفاء وتقديرًا للشهداء الذين قضوا على مذبح الوطن…من واجبهم توثيق هذه الاموال….ومحاكمتهم جميعا ..هم شركاء ال الأسد ومخلوف في تدمير البلد
GbDPLOpqaI
aosOnyIkTtgErJ