أرشيف المجلة الشهرية

شهداء  الثورة في سلمية: ناجي على جبهتي داعش والأسد  

كنت أحلم بقبر صغير يغمرني على تلة لطيفة بقرية اسمها فريتان شرق مدينتي السَلَمية

نوار الماغوط – العربي القديم

مدينة سلمية، برصيدها الفكري العريق وإرثها الثقافي المتنوع، كانت واحدة من أبرز المراكز التي احتضنت أصوات الثورة السورية، منذ انطلاقها عام 2011، وقد دفع أبناء المدينة ثمناً باهظاً نتيجة لمواقفهم المناهضة للاستبداد، إذ تعرضوا للاعتقال والتعذيب والتصفية الميدانية، وقد عُرفت سلمية بدورها السلمي في الثورة، حيث خرجت مظاهراتها بهتافات تنادي بالحرية والكرامة. كانت المدينة، بتنوعها الفكري، تهدف إلى بناء مستقبل ديمقراطي يعكس قيم الحرية التي طالما آمنت بها، لكن رد النظام كان وحشيًا، إذ شنّ حملة قمع شرسة ضد المتظاهرين، شملت الاعتقالات التعسفية والتعذيب والتصفية.

ناجي الجرف: الموت بكاتم صوت

ربما كان اسم ناجي الجرف المولود في عام 1977 في مدينة السلمية، أكثر الأسماء التي تتردد اليوم لدى الحديث عن شهداء سلمية… فقد اهتم الإعلام الغربي بتسليط الضوء على خبر استشهاده في عز صعود وسيطرة تنظيم داعش الذي شكل معركة كبرى مع الغرب آنذاك، توارى خلالها اسم الأسد وانتهاكاته قليلا.

 كان رئيس تحرير جريدة “حنطة”، التي جاء في تعريفها أنها تصدر عن مؤسسة حنطة للدراسات في سلمية، وصدر العدد الأول منها في تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2012 إلا أن أول افتتاحية وقعها ناجي باسمه كانت في العدد الرابع الصادر في نيسان 2013 وفيها كتب عن الذكرى الثانية لانطلاق الثورة قائلا:

” اكتسى وجع السوريين في الأسبوعين الماضيين ثوباً كرنفالياً مترافقاً مع ذكرى العام الثاني لانتفاضة الشعب السوري على نظامه. ألوان عدة زينت هتافات وساحات المدن والقرى السورية التي خرج أغلبها عن سيطرة نظام دمشق، الذي ورغم كل ما مر عبر العامين الماضيين لم يقتنع أن الآلة العسكرية لا يمكنها أن تقمع شهبا، أراد أن يعبر نهر الموت إلى ضفة الحياة مهما كانت الضريبة”.

 أدار ناجي الجرف كذلك مؤسسة “بصمة سورية” التي كانت تنتج مواد إعلامية ثورية، كما عمل بجرأة على فضح انتهاكات النظام وتنظيم “داعش”، عبر عمله الإعلامي. وعمل الجرف مع مجموعة “الرقة تذبح بصمت” التي نشطت سرا منذ نيسان/ أبريل 2014 في المدينة، والتي توثق انتهاكات التنظيم بعدما بات معقله محظورا على الصحافيين إثر سيطرة داعش على المدينة… ثم أنتج فيلم “داعش في حلب”، والذي تجاوزت مشاهداته العشرة ملايين

قتل ناجي بطلقة من مسدس كاتم للصوت في مدينة غازي عينتاب في عمر (37 سنة)،  وكان قبل ذلك قد تلقى تهديدات من تنظيم الدولة الإسلامية وأخبر السلطات التركية بها، ثم كتب على صفحته في الفيس بوك قبل أيام من قتله:

“لوقت قصير كنت أحلم بقبر صغير يغمرني على تلة لطيفة بقرية اسمها فريتان شرق مدينتي السَلَمية بالقرب من قبر جدي، اليوم حتى هذا الحلم أمسى بطراً وترفاً”.

ويذكر مقربون منه أنه كان من المفترض أن يصل إلى باريس بعد حصوله وعائلته الصغيرة على تأشيرة لجوء إلى فرنسا… لكن رصاص داعش سبقه ليصنع نهاية تراجيدية لناشط وإعلامي آمن بحق الناس في الثورة وناضل من أجل حرية التعبير.

شهداء آخرون

على الرغم من صعوبة الحصول على قوائم دقيقة بأسماء هؤلاء الشهداء، بسبب التعتيم الإعلامي والمخاطر المرتبطة بجمع المعلومات، إلا أن بعض المصادر الحقوقية، والتقارير الإعلامية أشارت إلى أسماء بعض الشهداء من سلمية، الذين قضوا في سجون النظام السوري، أو نتيجة التصفية الميدانية، ومن بين هؤلاء الشهداء:

جمال الفاخوري: يُعتبر من أوائل شهداء السلمية، حيث استشهد خلال مشاركته في المظاهرات السلمية. وتم تشييعه مساء يوم الثلاثين من حزيران/ يونيو 2012  في موكب طاف شوارع السملية، ورفع فيه علم الثورة
علي القطريب: استشهد خلال تشييع جنازة الشهيد جمال الفاخوري، حيث واجه النظام المشيعين بالرصاص.
ملهم رستم: طالب جامعي، استشهد في الرستن بريف حمص، أثناء نقله للأدوية والمساعدات الطبية إلى تلك المدينة. وكانت آخر مشاركة للشهيد ملهم رستم في مظاهرة 08-06-2012  في جمعة التجار والثوار يدا بيد حتى الانتصار
حيان محمد محمود: طبيب اختصاص جراحة قلب من أبناء مدينة السلمية، وُلِد عام 1986، عمل بإنسانية ومهنية، لكنه لم يسلم من بطش النظام السوري. في 16 تموز/ يوليو 2012، اعتُقل حيان من داخل مشفى المجتهد بمدينة دمشق، ورغم مرور السنوات، لا يزال مصيره مجهولًا.
كريم نصرة: ناشط معارض، تم اغتياله في مزرعته، وكان من رفاق ملهم رستم، وأحد ناشطي المظاهرات في سلمية.
خالد القصير: استشهد في السجن، بعد اعتقاله نتيجة تقرير أمني، وكان يرسم لوحات مؤيده للثورة السورية.
أنس الجرف: استشهد في السجن، وكان ينقل المعونات إلى مدينة الرستن أثناء حصارها.

المقدم خضر جبر: أودع في سجن صيدنايا، ولم يُطلق سراحه إلا بعد إصابته بالسرطان.

عدنان ونوس: اعتقل مع ابنه، وأُفرج عن ابنه، بينما بقي هو في المعتقل، واستشهد نتيجة إهمال طبي، وكان يعاني من مرض في القلب.

أيمن علي الدعاس: استشهد في السجن نتيجة شدة التعذيب.

حذيفة محمد علاء طنجير: استشهد في دير شميل، بسبب الضرب المبرح على ظهره، مما تسبب في تلف الكلية.

أحمد زهير الجندي: استشهد نتيجة قذيفة، أثناء محاولته إنقاذ جرحى في مدينة دمر.

معتقلون ومختفون في عداد الشهداء

وهناك عدد كبير من المعتقلين والمختفين قسرياً، وكل واحد منهم  له قصة اعتقال مختلفة، ومن الأسماء التي استطعنا الوصول إليها:

نعمان النعوفي، علي عامر ميوس، علي شمة، عمر شمة،  عمار شمة، أنس الجرف، إسماعيل السنكري، أحمد عناد ميوس، علي الجرف، طارق السنكري وأخوه علي، عادل صادق برازي وإسماعيل حموده، ومعهم  زكي كورديللو  وابنه مهيار، مراد استانبولي، عادل حمد، علي إسبر، باسل علي محمود، أيهم بدور، علي الجندي

الأسماء المذكورة أعلاه تعود لشهداء من مدينة سلمية، أما بالنسبة للريف، فالأعداد أكبر، لكن للأسف لم يتم توثيق الحالات بشكل كامل.

  _________________________________________

 من مقالات العدد الثامن عشر من (العربي القديم) عدد الاحتفال بالنصر، الخاص بشهداء ثورة القرن – كانون الأول/ ديسمبر 2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى