الرأي العام

بغداد عاصمة محتلة.. ليست مكانا لقمة عربية

أسامة المصري – العربي القديم

تصريحات قادة الميليشيات العراقية ضد الرئيس السوري، تظهر  حجم الهزيمة التي تعرضوا لها بعد فرارهم  من سوريا مع الأاسد، فيما هذه الميليشيات ارتكبت ابشع المجازر بحق السوريين، قدمت السطات الرسمية الدعم لنظام الأسد على مدى سنوات الحرب، بينما كانت أراضي العراق مرتعا ومعبرا للحرس الثوري الإيراني لنقل السلاح وعناصر الميليشيات من أفغانستان وباكستان الى سوريا ولبنان، فوجئت السلطات العراقية بإسقاط الأسد ولم ترحب بالسلطة الجديدة، وعبرت هذه السلطات عن موقفها للأمريكيين مطالبة بإبقاء قواتهم في العراق، خشية التحولات التي جرت في سوريا، معتبرة إن السلطة الجديدة في سوريا وليدة القاعدة وداعش.

وبعد ان وجهت الحكومة العراقية الدعوة لسوريا لحضور القمة العربية المقبلة التي ستعقد في بغداد، تعالت أصوات  قادة الميليشيات العراقية بالقبض على الرئيس السوري أحمد الشرع في حال وصوله إلى بغداد، فقيس الخزعلي أحد أهم عملاء إيران كان صريحا ووقحا بمطالبته باعتقال الشرع فيما المسؤول الأمني لميليشيات حزب الله العراقي هدد الحكومة العراقية والرئيس السوري معا، أما حزب الدعوة الذي يتزعمه نوري المالكي ـ أخطر عملاء ايران ـ  فقد طالب المالكي القضاء العراقي بالتأكد من السجل القضائي للرئيس السوري، فيما قدم نواب الميليشيات في البرلمان العراقي شكوى للقضاء العراقي ضد الرئيس السوري.

فأي دعوة وأي مؤتمر قمة عربية يمكن أن يعقد في بغداد التي تحكمها الميليشيات الإيرانية، ولا يملك رئيس وزرائها محمد شياع السوداني أي سلطة، فيما بغداد تقبع تحت الاحتلال الايراني ليس عبر ميليشياتها الموالية لها وتأتمر بأوامرها، وإذا كان السوداني يتمتع بالسيادة والسلطة فلنسمع منه تصريحا على الأقل يرفض ما جاء به قادة الميليشيات ونواب البرلمان العراقي بحق الرئيس السوري، وإذا أراد القادة العرب أن يكون لمؤتمر القمة العربية المقبل نتائج على قدر التحديات التي تواجههم، وبشكل خاص فلسطين، وبالدرجة الثانية سوريا ولبنان واليمن، والعراق ذاته، فمن غير المقبول عقد القمة العربية في العاصمة العراقية بغداد التي يسيطر عليها بشكل كامل نظام الملالي، وما تعانيه المنطقة العربية هو نتيجة للتدخل الايراني السافر في عبر الميليشيات، التي مهمتها إسقاط الدولة وحماية المصالح الإيرانية فكيف ستعقد قمة عربية في عاصمة منتهكة السيادة من قبل الحرس الثوري الإيراني وقادتها يخضعون  للولي الفقيه ويأتمرون بأوامره.

عقد مؤتمر قمة للقادة العرب يجب أن يكون في عاصمة تتمتع بالسيادة وليس عاصمة محكومة بميليشيات تفرض ما تريد على رئيس الوزراء السوداني، لقد أعلن مسؤولون إيرانيون مرارا أنهم يسيطرون على أربع عواصم عربية قبل سقوط نظام الأسد وقبل هزيمة حزب الله في لبنان، ولم يرد أي مسؤول عراقي على هذه التصريحات بل لم يستنكرونها، والأسوأ من ذلك فإن العديد من المسؤولين يتباهون في تبعيتهم للولي الفقيه، ورئيس الوزراء السوداني عندما سئل عن التصريحات الإيرانية في لقاء متلفز لم يتجرأ على الرد، بل قال نحن نتعامل مع دولة ومؤسسات يقصد إيران متناسيا أن من قال ذلك هو المرشد على خامنئي بالذات، أضف إلى ذلك فإن قادة ميليشيات إيران في العراق أعلنت مرارا وتكرارا عدائها للأمة العربية وهددت باستهداف دولا عربية وأساءت إلى رموز هذه الدول إن كانت شخصيات سياسية أو معنوية، ومؤخرا قام جنود عراقيون بالدوس على العلم السوري الجديد إلى جانب العلم الإسرائيلي. 

الميليشيات الإيرانية تمتلك أسلحة يمكن أن تستهدف طائرة أي رئيس أو زعيم عربي إذا أعطت إيران الأوامر لهذه الاذرع التي يتلقى قادتها تعليماتهم من طهران بشكل مباشر، وحتى السيد السوداني في آخر زيارة له إلى طهران لمناقشة الطلب الامريكي بحل الميليشيات، واجه رفض المرشد الايراني بالصمت ودون اعتراض، بل وطالبه المرشد خامنئي بالإبقاء عليها وتعزيزها لأهميتها للأمن الإيراني بحسب ما قال خامنئي، وبالطبع السوداني لا يستطيع القول (لا ) للولي الفقيه أولا بسبب التبعية الدينية، وثانيا سياسيا لأن من وضع السوداني في رئاسة الوزراء هي الميليشيات التابعة لإيران،  فهو على صعيد أمنه الشخصي لا يستطيع حماية نفسه إذا أراد أن يخطو ولو خطوة واحدة مخالفا لتعليمات بل لأوامر المرشد الإيراني أو ميليشياته العراقية، فكيف يستطيع السوداني ضمان امن القادة العرب إذا كان ولاء معظم قادة جيشه للولي الفقيه، وليس للوطن.   

 أخيرا بات مطلوب من السلطات السورية أن تتحرك للرد على هذا التطاول تجاه سوريا والتحرك دبلوماسيا للرد على هذه التصريحات من شخصيات مجرمة وعميلة وكذلك التحرك لإقامة دعوى أمام القضاء الدولي، ضد الحكومة العراقية التي فتحت أراضيها لتستخدمها إيران ضد السوريين وكذلك ملاحقة قادة الميليشيات، لارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق السوريين، وكذلك فإن عقد مؤتمر قمة عربية في هذه  الظروف يجب أن يكون في عاصمة عربية كدمشق أو بيروت دعما للاستقلال الثاني لهاتين العاصمتين وتأكيدا على انهيار المشروع الإيراني، لا عقد القمة في عاصمة تحت الاحتلال الإيراني، فما جرى من متغيرات تتطلب مواجهة الواقع وتحدياته إن كان بما جرى في غزة والتحديات التي تواجه الفلسطينيين، أو سوريا التي أنهت حكم النظام البائد، فيما من الضروري ملاقاة نتائج الضربات الأمريكية على ميليشيات الحوثي، ودعم الحكومة الشرعية للتخلص من الإرث الإيراني وانهاء حكم الميليشيات، وكذلك لبنان الذي بدأ أولى خطواته لبناء الدولة بعد انهيار الحزب الإيراني عسكريا، فيما لا يزال مصير العراق مجهولا ويقبع تحت الاحتلال الأخطر في تاريخه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى