العربي الآن

قسد: بين شعارات محاربة الإرهاب وتحديات الفساد الأخلاقي

رودي حسو –  العربي القديم

 تعتبر قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تحالفًا متنوعاً من الأعراق والأديان، مع تمثيل كُردي بارز بالإضافة إلى فصائل عربية- آشورية- سريانية، وبعض الجماعات التركمانية والأرمنية- الشركسية- الشيشانية. تتألف غالبية قوات سوريا الديمقراطية من وحدات حماية الشعب، التي تمثل الفصائل الكُردية بشكل رئيسي.

وفقاً لتقارير مختلفة، فإن نسبة التمثيل الكُردي تقدر بحوالي ٤٠% والعرب حوالي ٦٠% من قوات سوريا الديمقراطية. تأسست قوات سوريا الديمقراطية في تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٥، وأعلنت أن هدفها هو النضال من أجل إقامة سوريا علمانية، ديمقراطية، وفيدرالية، بالاستناد إلى تجربة ثورة “روج آفا” في شمال سوريا.

ينص دستور الفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا، الذي تم تحديثه في كانون الأول/ ديسمبر ٢٠١٦، على تعين قسد كقوة دفاعها الرسمية في محاربة الإرهاب والحفاظ على استقرار المنطقة.

هدف ووضع أمني هش

تنظر قوات قسد إلى أنفسها كقوات تحارب الإرهاب وتهدف إلى حماية الشعب، لكن الحقيقة تكشف قصة مختلفة تماماً بحسب التقارير والمراقبين.

تزايد التقارير التي تشير إلى انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات بين بعض القادة والنساء في صفوف قوات قسد بمناطق شمال شرق سوريا .

يرتكز الوضع الأمني الهش والانهيار الاجتماعي على تفاقم هذه المشكلة، حيث تُعتبر المخدرات ليست فقط خطراً على الصحة الفردية، بل أيضاً خطراً اجتماعياً، مما يُسهم في زيادة الجرائم ويهدد بانهيار بنية الأسرة. بالإضافة إلى ذلك، بدأت حبوب منع الحمل تظهر بين المقاتلات كوسيلة للحماية الذاتية.

 تأثيرات السلوكيات غير الأخلاقية في قسد

تلك السلوكيات غير الأخلاقية، مثل انتشار الدعارة واستخدام المخدرات بين بعض القادة والعناصر في قسد، لها تأثيرات سلبية على الأفراد والمجتمع بشكل عام. من بين هذه التأثيرات يمكن الحديث عن زيادة الجرائم وتفكك الأسرة، حيث يؤدي تعاطي المخدرات إلى تدهور الصحة الجسدية والعقلية للأفراد،  ويزيد من احتمال تورطهم في أفعال إجرامية تهدد الاستقرار والسلم الاجتماعيين… الأمر الذي يزيد من الأعباء الأمنية على السلطات الأمنية نفسها.

علاوة على ذلك، يمكن أن تؤثر هذه السلوكيات غير الأخلاقية على سمعة ومصداقية قوات قسد ككل، مما قد يؤثر سلباً على جهودها في محاربة الإرهاب وحفظ استقرار المنطقة. تعطيل القيم الأخلاقية والتصرفات الفاسدة تشوه صورة القوات العسكرية وتحد من الغاية الرئيسية لوجودها، وهي حماية الشعب والعمل للسلام والعدالة.

لذلك، ينبغي على القادة والعناصر في “قسد” أن يدركوا انعكاسات تلك السلوكيات على الفرد والمجتمع، وأهمية الالتزام بالقيم الأخلاقية والقانونية في أداء واجباتهم. من خلال الحفاظ على النزاهة والأخلاق في سلوكهم، وتعزيزالقيم الإيجابية وروح العمل الجماعي المسكون بالمسوؤلية الاجتماعية، بحيث يتمكنون من بناء سمعة إيجابية وتعزيز دورهم الحيوي في تحقيق الأمن والسلام في المنطقة.

إن دراسة تأثيرات هذه السلوكيات السلبية تتطلب تحليلًا عميقًا للعواقب على المستوى الفردي والمجتمعي. فهذه الأفعال غير الأخلاقية تؤدي إلى نقص في النزاهة والموثوقية، مما يهد مهمة قسد في محاربة الإرهاب والحفاظ على الاستقرار. بالتالي، تصبح الثقة في القوات المسلحة مهددة، مما يمكن أن يؤثر سلبًا على العلاقات العامة والعمليات العسكرية.

يجب على القادة والعناصر في قسد أن يدركوا الأثر السلبي لهذه السلوكيات وأن يتخذوا إجراءات فورية لتصحيح أخطائهم واستعادة الثقة والاحترام من قبل الشعب والمجتمع الدولي.

من خلال هذا التحليل والبحث، يمكن توضيح الأبعاد والمؤثرات السلبية لسلوكيات بعض القادة والعناصر غير الأخلاقية،  على صورة قسد، وعلى بناء أسس قوية لتصحيح الأخطاء وتعزيز الالتزام بالقيم والمبادئ الأخلاقية في هذه القوات… فهل تبدو قسد قادرة على تحقيق المسار وإنقاذ ما يجيب إنقاذه قبل فوات الآوان؟

زر الذهاب إلى الأعلى