تفاصيل سورية | قصة حب عابرة مع الفتاة "المدعومة"!
غسان المفلح
في الصف السادس نقلونا أيضا إلى مدرسة حديثة البناء واسموها أيضا مدرسة اسكندرون بعد أن سلموا المدرسة القديمة لصاحبها، الذي أجرها بدوره كغرف لمتطوعي الجيش والمخابرات وسرايا الدفاع.
المدرسة الجديدة كانت من ثلاث طوابق وباحة واسعة تتحول إلى ملعب كرة قدم متوسط المساحة. جاءنا أستاذ أيضا ميداني دمشقي، يؤسفني أن أقول أن هذا الأستاذ تعرض لإساءات كثيرة منها مثلا ما كان ينعته به بعض التلاميذ في السر طبعا ليثيروا الضحك” أنه لحيق ولاد” من أين أتوا بهذه الشائعة في الحقيقة لا أعرف. تلاميذ تربوا في شوارعنا الأنيقة بالزفت والطين هههه. هذه الشائعة لم أجرأ أن أنقلها لوالدي. لم يكن هنالك شيئا مميزا في هذه السنة الدراسية سوى أنني تراجعت بالدراسة لكن بقيت جيداً، وليس جيداً جدا أو أحسنت!
كانت منظمة الطلائع الأسدية لم تؤسس بعد “يعني نفذنا منها”. أسست بعدنا للمرحلة الابتدائية. على طريقة عسكرة البشر أطفالا ورجالا تلاميذ وطلاب جامعات. كله يجب أن “يتعسكر”. لكننا كشياطين لم نلحظ على الأستاذ أية ملاحظة في الحقيقة. بالمقابل تقدمت في كرة القدم. وشكلنا في حارتنا فريقين كل فريق من ثلاثة لاعبين، نلعب ضد بعضنا يوميا لساعات. كلنا أصدقاء طبعا ومن نفس الشلة. من خلال كرة القدم حصلت لي حادثة لم أنسها حتى اللحظة. كان لدينا في الحارة عائلة من ريف حمص، الأب مساعد أول في الجيش، وكان لديه العديد من البنات والصبيان، لكن كان لديه بنت كلما مررت من جانب بيتها تبتسم لي. حتى أصدقائي لاحظوا ذلك.. وهي من عمري تقريبا. بدأوا كما يقال بالشامي”التنقير” علي، فلانة تحب غسان. في صيف ذلك العام وقبل أن أسافر إلى القرية كنا نلعب الطابة في ملعب تراب قريب من بيتهم وملتصق بحارتنا. كان بعض نساء الحارة يجلسن في ذلك الوقت ويتسامرن، وبعضهن يتفرجن على أولادهن وهم يلعبون… ونحن نلعب.
ذاك اليوم، وقعت على وجهي ونزل الدم من أنفي، فجأة وجدت الصبية تلك أمامي بيدها إبريق ماء ومنشفة صغيرة “بشكي” كما يقال، وأمها وبعض جاراتنا يراقبن المشهد. بعد أن نظفت الدم وجدتها تبتسم في وجهي ابتسامة لم أنسها. لكننا بعد ذلك بدأنا نسمع النسوة يضحكن وإحدى جاراتنا تردد لأم الصبية “نيالك على هالصهر ههههه”. فهربت الصبية إلى البيت خجلا منهن.
هذه القصة هي ما تجعلني أيضا لا أرى شيئا مهما في تلك السنة إلا هذه القصة البسيطة. لكن للأسف بعدها بأقل من شهرين، انتقلوا من الحارة فجأة لكون الاب كما عرفت لاحقا قد امن مسكنا من مخصصات الجيش بعيدا عن الحارة. لم أعد أرها ولم اسمع عنها أو عن عائلتها شيئا. طبعا الجميع يعرف، أن مخصصات الجيش السكنية مثل هذه، لا تذهب إلا لمن هو مدعوم!! يعني بلغة الكبار آنذاك ” علوي”. حيث انتشرت في حارتنا أيضا موضة تأجير غرف للمتطوعين في جيش وميليشيات الأسد الاب. لكن في المقابل تنوع سكان الحارة أكثر. كلنا كأطفال او تلاميذ كنا نتحدث باللهجة الشامية، بغض النظر عن المناطق السورية التي أتى منها أهلنا. من لم يتحدث شامي في تلك الفترة كان مثار تندر طفولي. لهذا انا لم أواجه مشكلة في ذلك، لأنني منذ أن كان عمري سنة، ونحن نعيش في دمشق، أقصد عشوائيات دمشق الجديدة!! وقبلها عشنا سنة أو أقل في مدينة حماة حيث كان عمل والدي هناك قبل أن ينتقل إلى دمشق.
إلى زاوية قادمة.