حكيم مرزوقي: رحيل صاحب رصيف المهمشين
العربي القديم- إياس اليوسف
أحزنني رحيل حكيم المرزوقي التونسي الدمشقي، الكاتب والشاعر والمسرحي كتابة وتأليفا وإخراجاً وانشغالا بالهم المسرحي إدارة، والذي ربما التقيت به صدفة منذ ربع قرن مضى في بيت أحد الأصدقاء الذين درست معهم في كلية آداب دمشق.
بلى أحزنني موت هذا الأديب المسرحي الذي خلف للمكتبة العربية العديد من الكتب في المسرح والسينما والشعر، تاركا بصماته الإبداعية على جبين دمشق الثقافي، كانت أوضحها تأسيسه لمسرح المهمشين (الرصيف) عام 1996 والتي افتتحت عروضها بمونودراما (عيشة).
تحدثت مسرحياته عن الإنسان المهمش وعذاباته في حيزه الاجتماعي والسياسي والتي كان أشهرها: (ذاكرة الرماد 2002)، ( الوسادة 2005)، (بساط أحمدي 2008) التي تنبأ فيها – بساط أحمدي – بطغيان نزعات عولمة التطرف واﻹرهاب ورهاب الشرق كمكان خطر ومصدر للإنتحاريين وموجات الإرهاب الدولي المنظم.
عبر في العديد من كتاباته غير مرة عن حبه لدمشق وللسوريين شعرا في (الجار الثامن) ونثرا في عشرات المقالات والمنشورات، فمرة يكتب يصبح على أبي رضوان “علي النوري حارس مسرح القباني بدمشق… حارس التيه الجميل.. اشتقتلّك” وينشر صورته أمام صورة أبي خليل القبانين وأخرى يكتب عن “حانة فريدي… ذاكرة دمشق المترنحة” وثالثة يكتب ليفخر أن الشاعر السوري الكبير علي الجندي (أبو لهب) كان صديقه…….. كما كتب بتاريخ 22/2/2021 منشورا على صفحة (شام الروح) وجهه إلى السوريين الثائرين في وجه الطغيان قال فيه:
“أنظر إلى صور السوريين في محنتهم عبر وسائل التواصل ووكالات الأنباء…. فألمح كبرياء يطل برأسه عند كل دمعة وحسرة وزفرة…. إصرار على الحياة في أبهى معانيها…. يقارع الموت والدمار… إنها دمشق التي لم تعلمني إلا الوفاء…. واحترام من أبصر الشمس قبلي.”
هكذا يغيب المبدعون عن أحبتهم دون وداع وبلا ألم سوى ألم غربتهم في أوطانهم تلك الغربة التي عبر عنها صديقه لقمان ديركي مرة بقوله بحرقة:
“نحن المثقفين والفنانين نعيش لاجئين بعيدا عن أوطاننا، إلا حكيم لاجئ في وطنه تونس”. أما هو فكتب عن وطنه تونس في الاتجاه ذاته: “ما أصعب أن تكون هنا وما أصعب أن تكون هناك”: هذه المقولة ذات البعد التراجيدي، تلخص علاقة التونسي بالأرض التي يعيش عليها والبلاد التي ينوي الهجرة إليها.