أغرب قصة احتيال في تاريخ أمريكا أمام المحكمة: من 26 مليار دولار إلى الإفلاس!
ترجمة وإعداد: وسنان الأعسر
مع بدء اختيار هيئة المحلفين في محاكمة مانهاتن الأمريكية، استعداد لمحاكمة مؤسس منصة العملات المشفرة الخاصة إف تي إكس FTX، سام بانكمان فرايد، بتهمة اختلاس مليارات الدولارات من المنصة الخاصة به، ستتاح للشاب البالغ من العمر 31 عاماً، فرصة أخيرة ليروي جانباً من القصة ويدافع عن نفسه.
وبعد أقل من عام من انهيار إمبراطورية (بانكمان فرايد) مؤسس منصة العملات المشفرة الخاصة إف تي إكس FTX، وتقديمها لطلب الإفلاس، ستبدأ القضية المرفوعة ضد الرئيس التنفيذي السابق باختيار هيئة المحلفين في المحكمة الفدرالية في مانهاتن بولاية نيويورك الأمريكية.
أكبر الجرائم المالية في تاريخ أمريكا
ووصفت هذه القضية في تقريرلـ “بلومبيرغ” بأنها واحدة من أكبر الجرائم المالية في تاريخ البلاد، حيث ستستكشف كيف تمكّن شخص غريب الأطوار في العشرينيات من عمره من كاليفورنيا من إدارة واحدة من أكبر بورصات العملات المشفرة في العالم ثم دمَّرها.
وخلال محاكمته، سيحاول بانكمان فرايد، الذي كان سجيناً في سجن بروكلين لمدة شهرين تقريباً بسبب تهمة محاولته التأثير على شاهدين حكوميين، تفسير الالتزامات البالغة 8 مليارات دولار، التي كانت على عاتق «ألاميدا ريسيرتش» – وهي شركة تابعة لصناديق التحوط التابعة لشركة FTX.
قصة صعود مذهلة
بدأت قصة بانكمان فرايد قبل أربعة أعوام فقط، حين أسس في عام 2019 (شركة (FTX في هونغ كونغ، وانتقل بعد عامين إلى جزر البهاما.
وخلال فترة قصيرة بلغت ثروة بانكمان فرايد 26 مليار دولار، وكان يدير شركة FTX من شقة بنتهاوس فخمة تطل على المحيط مع أصدقائه. وكان زائراً متكرراً لواشنطن، وتبرّع بالملايين للجمعيات الخيرية، وتعامل مع المشاهير حتى بات يُنظر إليه على نطاق واسع، باعتباره مثالا للمسؤولية في صناعة العملات المشفرة التي تعامل معها الكثيرون بعين الشك في مناغطق مختلفة من العالم
لكن التصدعات في صناعة العملات المشفرة بدأت في الظهور عام 2022، بدءاً من الانهيار الداخلي، الذي حدث في شهر مايو للنظام البيئي لعملة تيرا Terra المستقرة، والذي تبلغ قيمته مليارات الدولارات. وهذا بدوره أدى إلى انتشار العدوى التي اجتاحت الشركات، من صندوق ثري أرووز كابيتال إلى شركة شبكة سلسيوس.
بداية انهيار وأزمة ثقة
تولدت أزمة ثقة كبرى أدت إلى انخفاض أسعار العملات المشفرة. لكن FTX تمكنت – رغم ذلك – من التغلّب على الانكماش بشكل أفضل من معظم الشركات الأخرى، حيث تم الاحتفال ببانكمان فرايد باعتباره «جي بي مورغان للعملات المشفرة»، الذي يمكنه المساعدة في إنقاذ الشركات المتعثرة. وبحلول شهر نوفمبر من عام 2022، تغير كل شيء عندما أثارت المخاوف بشأن ملاءة FTX وعلاقاتها مع شركة «ألاميدا ريسيرتش» تهافتا على البورصة. ومع ذلك، في يوم الأحد 6 نوفمبر، بلغ صافي ثروة بانكمان فرايد 15.6 مليار دولار، وفقاً لمؤشر بلومبيرغ للمليارديرات. وفي نهاية الأسبوع، وبالتحديد يوم الجمعة الموافق 11 نوفمبر، أعلنت كل من FTX وFTX.US وألاميدا إفلاسها، في خبر جاء مدويا وصاعقا في الأوساط المالية العالمية.
لائحة اتهام طويلة
سيوجه المدعون الفدراليون خلال المحاكمة لسام فرايد تهمة استخدام FTX كوسيلة لسرقة المليارات من أموال العملاء، إلى جانب الإنفاق ببذخ على التداول المضاربي (المضاربات) في شركة «ألاميدا ريسيرتش»، والعقارات في جزر البهاما، والتبرع بالأموال بما يتماشى مع حركة الإيثار الفعالة، التي من المفترض أنها تدعم الأعمال. كما سيتهمه المدعون بأنه مارس كذب على المستثمرين، بشأن طبيعة العلاقة بين FTX وألاميدا. وعلى النقيض من تصريحات بانكمان فرايد العامة بأن الكيانين منفصلان، كانت شركة ألاميدا تتمتع بامتيازات خاصة في FTX، مما منحها حداً ائتمانياً غير محدود.
وقدَّم المدعون 1300 مستندا قبل المحاكمة، التي ستتحول فيها القضية إلى عملية احتيال، مبتعدين فيها عن تفاصيل العملات المشفرة. حيث تتضمن لائحة الاتهام للمدعين ضد فرايد كذلك، استخدام أموال العملاء للقيام باستثمارات غير سائلة. عندما تصاعدت سوق العملات المشفرة في العام الماضي، ولم تتمكن شركة ألاميدا من سداد قروضها، وقامت باستدعاء المزيد من أموال العملاء لتغطية النقص.
موظفون سابقون وعملاء وضحايا
الحكومة الأميركية أشارت إلى أن لديها 50 شاهداً محتملاً، بما في ذلك موظفون سابقون وضحايا مستثمرون وعملاء مكتب التحقيقات الفدرالي ومحاسبون شرعيون، لشرح تدفق الأموال بين FTX وألاميدا.
هيئة المحلفين ستسمتع بدورها إلى عملاء FTX، ومنهم أوكراني فقد جزءاً كبيراً من مدخراته في أكبر عملات احتيال شهدتها أميركا.