الرأي العام

“قسد” لن تنفذ اتفاق 10 أذار.. الدولة والميليشيا لا يجتمعان

كلما وجدت الفرصة مناسبة تحاول أن تدق المسامير في نعش هذا الاتفاق

أسامة المصري – العربي القديم

جاءت الاحتفالات في ذكرى انتصار الثورة تأكيدًا على أن أغلبية السوريين يرفضون أي دعوات تنال من وحدة سوريا أرضا وشعبا، وإن سوريا وطن واحد غير قابل للقسمة، وشعب واحد بكل مذاهبه وإثنياته وأديانه، فملايين السوريون لم يخرجوا تأييدا للسلطة بل خرجوا ليؤكدوا أن وطنهم لن يسرق منهم مرة أخرى.

وفي الوقت الذي احتفل فيه السوريبن بذكرى انتصارهم، منعت “قسد” الاحتفالات في مناطق سيطرتها، ومنع الاحتفالات ليس تفصيلا بالنسبة لـ “قسد” فخروج تظاهرات احتفالية في المناطق التي تسيطر عليها بمثابة استفتاء على رفض “قسد” ومشاريعها الانفصالية، ورفع أعلام الثورة السورية يكشف حقيقة الواقع على الأرض بعيدا عن ما تدعيه “قسد”، بأنها معبر عن سكان هذه المناطق، ورغم الحظر الذي فرضته “قسد” بقوة السلاح لمنع الاحتفالات، شاهدنا كيف مزق أبناء مدينة الرقة صور أوجلان بينما تطلق ميليشيات “قسد” النار لإرهابهم ومنعهم من الاحتفال.

لماذا منعت “قسد” الاحتفالات، ولماذا لم تعمل على تنفيذ الاتفاق الذي وقعته مع السلطة الجديدة.

سقوط النظام وضع “قسد” أمام واقع جديد واستحقاقات لم تكن محسوبة، ما أربك قادة “قسد” الذين تعايشوا مع فكرة أبدية نظام الأسد، ما أفقدهم صوابهم مع الضغوطات الأمريكية التي مورست عليهم، وسقوط النظام أيضا غير المعادلات الإقليمية والدولية إضافة إلى الموقف الأمريكي والدولي من السلطة الجديدة ومن وحدة التراب السوري.

نهاية المهلة

الوقت يمضي وتقترب المهلة من نهايتها لتنفيذ اتفاق ما عرف باسم اتفاق (عبدي الشرع)، وفشلت كل المحاولات لتطبيق هذا الاتفاق، رغم الجهود التي بذلت من قبل أطراف دولية، فالسيد مظلوم عبدي أولا ليس صاحب القرار في “قسد” بل قيادة حزب العمال الكردستاني هي صاحبة القرار، والتوقيع على الاتفاق جاء بضغوط أمريكية، و”قسد” رأت بتوقيعه شراء للوقت ليس أكثر، أيضا لم تدرك قيادة ” قسد” بعد الرؤية الأمريكية الجديدة للمنطقة، إضافة إلى تحالفات واشنطن التاريخية مع دول في المنطقة كتركيا والمملكة العربية السعودية.

“قسد” تعتبر نفسها الحليف الاستراتيجي لواشنطن، وهذا بالطبع سذاجة سياسية فأمريكا ليس لديها حلفاء بدون مصالحها القومية، ولم تعي “قسد” أن تحالفها مع واشنطن كان من طرف واحد فهي التي تعتبر نفسها حليفا لواشنطن، بينما تنظر واشنطن إلى “قسد” كقوة عسكرية تستخدم لقتال “داعش”، وينتهي دورها في أي لحظة عندما تحضر مصالح الدول، أو عندما ترى واشنطن أن ذلك ضروريا، فـ “قسد” حظيت برعاية خاصة من قبل الإدارة الأمريكية، منذ تشكيلها حتى إسقاط النظام، تزامنا مع نشوء “داعش”، ووجود سلطة الأسد، لكن المعادلة اختلفت مع التحول الذي جرى العام الماضي مع إسقاط نظام الأسد وقلب الطاولة بوجه إيران وأذرعها واتباعها، ورغم عظمة هذه الأحداث أو المتغيرات، فإن “قسد” لم تتزحزح عن مواقفها وخطاباتها السياسية التي انتهت مع سقوط النظام، ويبدو أنها لا تريد أن تصدق أن هذه التحولات أصبحت واقعا مجسدا بسلطة سورية جديدة نالت اعتراف العالم، وأن هيئة تحرير الشام تحولت وتكيفت مع التحولات الإقليمية، وبات زعيمها أبو محمد الجولاني، أحمد الشرع رئيسا لسوريا، بخطاب سياسي جديد وأهداف سياسية جديدة، ولم تلحظ “قسد” الدعم اللامحدود الذي قدمه المجتمع الدولي والعربي والإدارة الامريكية للرئيس أحمد الشرع ولحكومته، وهذا يعني أن الادارة الأمريكية اسدلت الستار على مخلفات حرب الأسد وزمن الميليشيات، وجاء إلغاء قانون قيصر بشكل نهائي ليدفن آخر مخلفات مرحلة الأسد.

 مراوحة بالمكان

“قسد” لا تزال تراوح في المكان وهذا ليس غريبا أو فلنقل أنه مفهوم لأن الركن الأساسي فيها هو حزب العمال الكردستاني، وهذا الحزب وقادته ليس لديهم برامج سياسية مرتبطة بالواقع، ولا بالواقع السياسي السوري، بقدر ما لديهم شعارات مستمدة من تاريخ الحزب منذ تأسيسه والذي تحول إلى ميليشيات وقادته قادة ميليشيات يفكرون بالقتال والمعسكرات والتجنيد، والقوة العسكرية والعمليات العسكرية، ووجودهم مرتبط بوجود ميليشياتهم، وجل ما عملوه على المستوى السياسي هو الترويج لدولة كردية، أو كيان مستقل في سوريا، وهذا ما بدا واضحا من خلال تغيير أسماء المناطق والقرى والمدن، في الجزيرة السورية، والتأكيد على استخدام وترديد الأسماء الكردية، في محاولة للقول أن الإقليم الكردي بات واقعا، وبالطبع مع ضخ إعلامي عبر القنوات التابعة لـ”قسد” وكذلك الناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي، وإنشاء إدارات مدنية لإدارة المناطق التي تسيطر عليها، كان له ثر سلبي عليها، فهذه الإدارة لم تكن مدنية بل عسكرية وتدار بطرق ميليشياوية، واثبتت فشلها وفسادها.

 دغدغة المشاعر

لا يمكن الانكار أن “قسد” نجحت في دغدغة المشاعر القومية لدى الأكراد، وأثرت ليس فقط على الأشخاص العاديين بل بالنخب أيضا، فكثير من المثقفين واليساريين التحقوا بـ “قسد” وبشعاراتها الشعبوية وباتوا يمجدون “قسد” و”عبدي” وقيادات العمال الكردستاني، وغاب عن بالهم أو نسوا أو تناسوا مواقفهم من هذا الحزب الذي لا يعرف سوى الاغتيالات والقتال وأن معظم كوادره ليس لديهم أي خبرة سياسية وقد اضروا بالقضية الكردية أكثر مما قدموا لها من فوائد، والدليل على ذلك أن الزعيم والمؤسس عبدالله أوجلان قال كفى وأعلن عن حل الحزب وأمر بتسليم السلاح.

 

اختلاف الأجندات

 قادة “قسد” من كل المكونات ( أكراد سورية أو العراق أو تركيا وايران) أو عربية دينية أو يسارية، وسواء كانت عسكرية أو مدنية، تبني سياساتها ليس على أساس المصلحة القومية ـ بالنسبة للأكراد ـ ، ولا المصلحة الوطنية ـ بالنسبة للعرب ـ ، بل تحكمها المصالح الفئوية والشخصية والأقلوية وكذلك الارتباطات الإقليمية، وإذا نظرنا إلى قادة حزب العمال الكردستاني وهو المسيطر على “قسد” نجد أن القيادي التركي له أجندته التي تختلف عن القيادي الكردي الإيراني، وكذلك بالنسبة للعراقي ومن ثم السوري، وبالطبع لن نسقط من الحساب الاختراقات الأمنية والمالية الإيرانية وغير الإيرانية.

دور مشبوه

 تأسيس مجلس سوريا الديموقراطي “مسد”، لم يشكل حضورا بالثورة السورية، بل لتصفية هذه الثورة، فببساطة من يكون مع الثورة السورية لا يذهب لتشكيل قوى انفصالية أو طابورا خامسا كان خنجرا بظهر الثورة السورية والجميع يعرف ما فعلته “قسد” بالثورة في المناطق التي سيطرت عليها مع تأسيسها في اكتوبر 2015 بعد ظهور “داعش” مباشرة ومعروف للجميع من أعطاها السلاح، ومن تخلى عن مناطق الجزيرة السورية ومدنها، مع بقاء المربعات الأمنية لنظام الأسد ضمن مناطق سيطرة “قسد” حتى إسقاط النظام قي كانون الأول 2024.

و”مسد” كتنظيم سياسي وغطاء عسكري تشكل من الخلطة التي أشرت لها أعلاه، فقد كان ضروريا أن تضم “قسد” وبعدها “مسد” شخصيات ومجموعات من جميع الطوائف في سوريا مع التركيز على الأقليات، وانضمام أبناء العشائر العربية كان مهما بحكم تواجدهم الكثيف في مناطق الجزيرة السورية، جاء نتيجة عاملين اثنين، أولا ما فعله تنظيم “داعش” بأبناء المنطقة، من قتل وتنكيل، وكذلك نظام الأسد الذي قتل واعتقل عشرات الآلاف ثانيا، وهذا ما دفع بأبناء العشائر للانضمام لـ “قسد”، لكن بعد إسقاط الأسد بدأت تظهر حركات التململ ضمن العرب المنضوين في صفوف “قسد” والذين يعيشون تحت سلطتها، وما القمع الشديد الذي تمارسه قسد الآن ليس سوى انعكاس لتململ العشائر العربية، وكذلك مدينة الرقة التي طالما عبرت عن رفضها لحكم ميليشيات “قسد”، فبعد انهيار “داعش” وسقوط الأسد انتهى مبرر وجود العشائر العربية ضمن “قسد”، وهذه إحدى المعضلات التي واجهتها “قسد”.

 تحالف أقليات

جاء التحرك سريعا وكثيفا نحو الأقليات الثلاث الاسماعيليون والعلويين والدروز، لتشكيل تحالف أقليات في مواجهة الأكثرية ( البعبع الذي شيطنه الأسد الأب والولد) وبالطبع فشلت “قسد” مع أبناء الطائفة الاسماعيلية، ولم يسجل أي علاقة ولو على مستوى متدني مع أبنائها، رغم أنها نجحت في التعاون مع أحد أو بعض أبنائها من بوابة حزب العمل الشيوعي، وبعض أعضاءه السابقون واللاحقون الذين فتحوا الأبواب على مصاريعها لخدمة “قسد” ومشاريعها منذ البداية، وهذه البوابة إحدى الطرق التي تمكنت “قسد” من اختراق الأقليات وبشكل خاص الأقلية العلوية والتي من المؤكد أن تجنيد أبنائها وبناتها في “قسد” جرى على قدم وساق قبل سقوط النظام بسنوات.

الحركة الهجرية

 أما الاتجاه إلى الطائفة الدرزية أعتقد أنه بدأ مع الحركة الهجرية وبات واضحا للجميع أن هذا التنسيق عال المستوى لتقسيم سوريا، وضرب وحدتها حتى ولو تعاونوا مع اسرائيل (مؤتمر الأقليات الذي عقد في إسرائيل شاهد على ذلك)، وقبل ذلك كان مؤتمر الرقة الذي حضره العديد من رموز اليسار، ومن ثم عقد ما سمي بـ”كونفزنس الحسكة” الذي ضم تشكيلة دينية طائفية يسارية، أي باختصار كل من يقف ضد السلطة الجديدة والأكثرية السورية، والوطن السوري ووحدته، وكان واضحا أن وحدة الصف تعني وحدة الأقليات. فالهجري الذي حضر (كونفرنس وحدة الصف) بات لديه حرس وطني و(جبل باشان) بقي أن يسمي وزراء حكومته، وسفراؤه موجودون في الخارج لكل واحد منهم صفحة على الفيسبوك على مدار الساعة يصدرون البيانات وينشرون أخبار (جبل الباشان).

 مطالب غزال

غزال غزال الذي أيضا كان أحد أعمدة ما سمي بـ “كونفرنس الحسكة” فها هو يعبر بصراحة عن مطالبه (باللا مركزية السياسية) أي (إقليم مستقل أو دويلة) ربما استخدم هذا المصطلح لقناعته أن أبناء الطائفة العلوية لن يقبلوا بالانفصال، ولا بأي مغامرة عسكرية مما يخطط له مع رجال النظام البائد من جهة، وايران و”قسد” من جهة أخرى، فقد جاء بمصطلح (اللا مركزية السياسية) في محاولة منه لتحريك الشارع العلوي بمواجهة السلطة، وبعد فشل “غزال” في تحريك الشارع العلوي واقتصار المستجيبين على بقايا مخابرات الأسد وجيشه وتجار المخدرات ذهب الغزال للدعوة لإضراب عام وبالضرورة من سيستجيب لدعوة الغزال هم بالأصل في بيوتهم فعن ماذا سيضربون.                 

اتفاق لن يطبق  

بالعودة لاتفاق العاشر من اذار الماضي وهل سيطبق؟ بالطبع لن يطبق فهذا الاتفاق واضح أن موافقة عبدي عليه جاءت بضغط أمريكي، فكل بنود الاتفاق لا توافق عليها “قسد” بل ترفضها، وممارسات “قسد” لا تمت بصلة إلى ما وافق عليه مظلوم عبدي من بنود الاتفاق الثمانية والتي على الأرجح كتبت في دمشق، ووقع عليها عبدي كما طلب منه، وبالنظر إلى البند الأول والثاني فهما يمكن وصفهما بالمقدمة بتأكيد المؤكد، فالبند الأول يؤكد على ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة، بناء على الكفاءة بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية. فيما يقول الثاني إن المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية، وتضمن الدولة السورية حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية.

البند الرابع

وينص البند الثالث على وقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية، وهذا البند كان ولا يزال ضروريا وهو المنطلق لتنفيذ البند الرابع، الذي يؤكد أن دور “قسد” انتهى وعليها أن تندمج في الدولة السورية عسكريا وسياسيا والتسليم بسيادة الدولة السورية، ويقول نص البند الرابع (دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز). وهنا بيت القصيد أي البند الرابع وهذا عصي عن التنفيذ لأسباب عدة، أولها مسألة الولاء فإذا استثنيا أبناء العشائر العربية نجد أن كثير من قادة “قسد” وعناصر ميليشياتها ليسوا سوريين ولا تعنيهم سوريا، ومعظمهم ينتمون لحزب العمال الكردستاني الذي لا يعرف سوى أهداف الحزب بالحرب والقتال، وولائهم فقط لأوجلان والحزب الذي حله أوجلان، لكن قادتها ومناصروه في سوريا لا يزالون متمسكون به هذا من جهة، ومن جهة أخرى كيف يمكن أن تدمج قوات “قسد” مع الجيش السوري ولكل عقيدته العسكرية وأهدافه السياسية؟، بل حتى تحالفات “قسد” وارتباطاتها ليس له علاقة بسوريا، وسوريا بالنسبة لهم ليست أكثر من قاعدة لعملياتهم العسكرية، وعلى سبيل المثال لو سألت أي مجند من قوات حزب العمال الكردستاني عن اسم رئيس سوريا ربما يقول لك عبدالله أوجلان، فعناصر العمال الكردستاني ليس لهم أي ارتباط وجداني مع سوريا بالمطلق، وهذا امر طبيعي فالحزب يلقن ويثقف عناصره وعساكره على أهدافه وأجنداته بالتأكيد.

التجنيد الإجباري                                                                                                

  مسألة أخرى لا تقل أهمية عن الأولى فميليشيات “قسد” تعتمد التجنيد الإجباري بل القسري، وتجنيد القاصرين، بينما الجيش السوري ألغى التجنيد الإجباري، فهناك ربما عشرات الألوف من عناصر “قسد” يجب تسريحهم واعادتهم إلى بيوتهم، وبشكل خاص المجندين قسريا قبل الحديث عن حتى عن تنفيذ الاتفاق كبادرة حسن نية وهذا بالطبع غير متوفر، وأتت تصريحات القيادي في “قسد” الدار خليل لتؤكد أن “قسد” تسعى لإثارة الفوضى وتقسيم سوريا.\

أيضا هناك مشكلة عناصر وضباط النظام الذين التحقوا بـ”قسد” بعد سقوط النظام وبينهم مجرمون يجب أن يساقوا إلى المحاكم، مع ضرورة الاشارة إلى المتطوعين في صفوف “قسد” من أبناء الطائفة العلوية ولدى هؤلاء عقيدة عسكرية لا تتوافق مع عقيدة الجيش السوري أيضا، فهم موالون للأسد ولطائفتهم. وينص البند الخامس على ضمان عودة كافة المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم، وتأمين حمايتهم من الدولة السورية. هذا البند يؤكد على ضرورة حل مشكلة المهجرين الانسانية والدولة معنية بأمرهم وحمايتهم وتأمين عودتهم واستقرارهم.

لا وجود لـ”قسد”

  بالطبع لو نفذ الاتفاق فإنه لا وجود لـ”قسد” وهذه ايضا مشكلة بالنسبة لها، فهي التي قدمت نفسها منذ عشر سنوات أنها نواة الدولة الكردية وبدأت بتأسيس إداراتها المدنية ماذا ستقول للأكراد الذين ينتظرون إعلان الاستقلال، أو الحكم الذاتي على الطريقة العراقية، وبالتالي إذا وافقت “قسد” على الاندماج فهذا يعني أنها سقطت سياسيا وانتهى كل ما وعدت الشعب الكردي، بل وسقط قادتهم إلى الأبد وهذا بالطبع لا يمكن الموافقة عليه هناك مسألة هامة أخرى وهي عدم امكانية دمج “قسد” في الدولة السورية وهي مسألة القادة الأكراد غير السوريين أو المشكوك بسوريتهم، خاصة أن العديد منهم لهم ارتباطات مشبوهة مع إيران والحرس الثوري، ما مصير هؤلاء لو نفذ الاتفاق؟ أعتقد أن الاتفاق لن ينفذ لأن “قسد” وجدت لأجندات أصبحت من الماضي، ولديها عقيدة وبنية، لا يمكنها أن تكون ضمن أي دولة، بل صممت لتكون كيانا ما يصعب وجوده طالما أن المجتمع الغربي والدولي والإقليمي يرفض فكرة إقامة دولة كردية مستقلة من الأجزاء الأربعة.

جمع النقيضين

 وعندما نصل الى البند السادس نجد الجمع بين الأمر ونقيضه إذ يقول (دعم الدولة السورية في مكافحتها فلول الأسد وكافة التهديدات التي تهدد أمنها ووحدتها). فكيف ستتصرف “قسد” وهي التي تأوي الآلاف من عناصر وضباط جيش الأسد فكيف ستساهم في مكافحة هؤلاء، وهم ضمن قواتها العسكرية ؟. سلوك “قسد” السياسي يتجه لتفتيت الدولة السورية أي نقيض ما ورد في هذا البند، وكل مؤتمراتها وخطاباتها وحتى تصريحات مظلوم عبدي الأخيرة (طلبه حضور ممثلين عن الأقليات في حواره مع السلطة) تؤكد أن هذه الميليشيا ليست مع وحدة سوريا بل مع تقسيمها تحت شعارات وخطابات سياسية متنوعة من اللامركزية الادارية إلى لا مركزية غزال السياسية ودولة الباشان الهجرية، المدعومة من “قسد” بالمال والسلاح.

خطاب الكراهية

البند السابع يرفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين كافة مكونات المجتمع السوري. وهنا أيضا نجد الأمر ونقيضه ولا يمكن لقسد ببنيتها أن تتمكن من تنفيذه فدعوات التقسيم تتبناها “قسد” كما أسلفت فيما الحديث عن الفتنة وخطاب الكراهية فهو ليس مرفوضا من قبل “قسد”، بل قائم على قدم وساق ليس من قبل إعلامها فقط، بل من قبل ناشطوها ومؤيدوها، وخطاب الكراهية يزداد وترتفع وتيرته كلما اقترب الموعد النهائي لتنفيذ اتفاق (عبدي الشرع)، وبالطبع منع السوريين من رفع علم بلادهم ومنعهم من الاحتفال بانتصارهم على نظام الأسد مع الاعتقالات لأي شخص ينتقد سياسة “قسد” أو يرفض التقسيم يؤكد أن “قسد” بالذات هي من يحرض على الكراهية بل تمارسها بشكل سافر.               

 أما البند الثامن فهو تقني لتنفيذ الاتفاق (تعمل وتسعى اللجان التنفيذية على تطبيق الاتفاق بما لا يتجاوز نهاية العام الحالي).

تركيبة قسد

 إن بينة “قسد” وتركيبتها وأهدافها وبرامجها كل ذلك لا ينسجم مع ما جاء في الاتفاق وبالتالي لم تعمل اللجان طوال الأشهر الماضية على تنفيذ أي من بنوده، بل على العكس فهي كلما وجدت الفرصة مناسبة تحاول أن تدق المسامير في نعش هذا الاتفاق، إن كان بتصريحات قادتها ومسؤوليها، أو من خلال التحركات والعمليات العسكرية التي تنفذها بين الحين والآخر في محاولة لجر سلطات دمشق لعمل عسكري، كما تفعل ميليشيات الهجري بين الحين والآخر، فالميليشيات لا تعرف السلام والسلام يفقدها وجودها، كما أن وجود الدولة يتناقض مع وجودها.

أخيرا إن تصريحات مظلوم عبدي حول تمديد مهلة تنفيذ الاتفاق والتي يمكن وصفها بالإيجابية قبل أيام من نهاية المهلة المحددة، فهي محاولة جديدة لشراء الوقت ليس أكثر مع إصراره على موضوع اللامركزية متحدثا باسم مدن لا يحق له أن يتحدث باسمها، يبقى الأمل أن لا يحدث صدام عسكري، الذي لن تكون نتيجته إلا مزيدا من الدماء والشروخ بين السوريين أكراد وعربا.

وأعتقد إن أي موافقة من قبل حكومة دمشق على فيدرالية أو لا مركزية سياسية أو ضم تشكيلات “قسد” العسكرية كما هي، يعرض وحدة سوريا ومستقبلها للخطر، وبالتأكيد لن يقبل السوريون أي تنازلات للميليشيات من أي نوع كانت وسيخرجون للشوارع لإسقاطها.  

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى