تاريخ العرب

كاتب كويتي ينتقد هوس السوريين التاريخي بالوحدة العربية

العربي القديم – خاص:

انتقد كاتب كويتي بارز هوس السوريين التاريخي بشعارات الوحدة العربية التي وصفها بأن: “محتواها أحلام ووسائلها أوهام وحصادها هدام”.

جاء ذلك في زاوية الكاتب عبد الله بشارة، في الصفحة الأخيرة من صحيفة (القبس) الكويتية الواسعة الانتشار، والتي نشرت اليوم تحت عنوان: ” أحلام الصقر في بناء منظومة العمل العربي” حيث روى الكاتب مشاهداته حين زار دمشق عام 1957، وقبيل أشهر من قيام الوحدة بين مصر وسوريا في شباط/فبراير من عام 1958.

وقال الكاتب عبد الله بشارة واصفاً الشعور السوري العام آنذاك:

 ” كنتُ في سوريا لمدة شهرين في عام 1957، محاطاً بشعارات سورية محتواها أحلام ووسائلها أوهام وحصادها هدام، كانت المدرسة العروبية الشامية تضخ تمنيات وحدوية بعيداً عن حقائق الدولة السورية التي كانت الأحزاب السورية تريدها إقليما مؤقتا يحافظ السوريون عليه، انتظاراً لطوفان الأمة القادم الذي سيزيل الحواجز مع لبنان ويسحب الأردن في ضم وحدوي يتحول كقاعدة للانطلاق للوصول إلى ضم العراق مع نظرات مستقبلية حول مصر. كان المناخ السياسي غريباً علينا، طوفان الشعارات العروبية، لا وجود بارز لصوت يريد بقاء سوريا في حدودها آنذاك، ولا خطوات يستقوي منها الإقليم السوري، فلم يكن نظام سوريا والحفاظ على سلامتها الإقليمية طاغياً في حوارات المجتمع، كان الأمل الانضمام التلقائي الأردني لمسيرة الوحدة، ويتبعه لبنان، مع تصور بأن سوريا قادرة على تحطيم إسرائيل وادعاءاتها، هكذا كان الشعور السوري العام”.

وتطرق الكاتب في مقاله بعد ذلك، إلى المناخ السياسي الذي كان سائدا في مدنية دمشق التي وصفها بأنها كانت “مدينة تعاظم حزبي وصخب سياسي وضعف في الحرص على النظام”. وقال في هذا السياق:

“كانت مدرسة البعث صاخبة في صالونات السياسة، وكانت أحزاب قومية أخرى، ولم يكن هناك رضا بواقع سوريا ولا يتواجد الصوت القوي لحمايتها، وكأنها بناء مؤقت سيتبعه الكيان العربي الكبير. كان طغيان الوهم بالوحدة العربية حاداً إلى حد التزام المعارضين الصمت خوفاً من عقاب الحزبيين، وطغى الشعور العام بأن الوحدة قادمة وبقوة وستخلص العرب من هزيمة فلسطين، كانت دمشق مدينة تعاظم حزبي وصخب سياسي وضعف في الحرص على النظام. ولم يتبدل هذا التعلق السوري بجبال الوهم إلا بعد تجارب الوحدة مع مصر، فكانت بداية الوعي بحقائق العرب”.

وتطرق الكاتب في سياق مقاله إلى فشل تجربة الوحدة بين مصر وسورية، وما خلفته فترة حكم الانفصال من مشاعر حرص جديدة على الهوية السورية فقال:

“كان فشل تجربة الوحدة العربية – السورية طعنة في قلب النظام الناصري الذي بقى جريحاً، ينتظر تحولاً قد يثأر لصدمة الانفصال السوري عن الوحدة المصرية – السورية التي تسيدها النظام المصري. والحقيقة أن النظام السوري الانفصالي جاء ترجمةً للمعارضة السورية من انفراد القوى المصرية بالشؤون السورية، كما جاءت هذه النزعة السورية للانفصال من ضيق سوري لاختطاف سوريا وشؤونها وكل ما فيها وانحسار تواجد أهلها من التأثير في مصير البلد.

كانت هذه الشكاوى المرة والقاسية مناقضة تماماً للولع السوري في الوحدة العربية، ولا ينسجم مع تطوع السوريين للاستجابة للنداء العروبي، كما رافق الانفصال وعي وطني سوري يحرص على الشام السوري وتربته، وبما يتناقض تماماً مع عواصف العاطفة السورية وتشدقها بالوحدة، وكأن شعب سوريا ضاق ذرعاً من خناق الشعارات الوحدوية”.

وتابع الكاتب مستعرضا مفاصل من التاريخ السوري، ومتهما حافظ الأسد بأنه شيّد نظاماً طائفياً، يستمر في ميق ما أسماه “القبضة العلوية” سرق شعارات الوحدة للتحصن خلفها، وقال:

“خرج حزب البعث من الحكم وفقد السلطة وطغى عليه الارتباك وعاش في دوامة الاكتئاب فترة طويلة، إلى أن تمكن التيار اليساري بقيادة حافظ الأسد من إعادة الحزب إلى حكم سوريا، وادعى أن الحزب يسعى لتعميق الشرعية العروبية للنظام الجديد، بينما الواقع أنه شيد نظاماً طائفياً سرق الشعارات للتحصن [خلفها]، بينما يستمر في تعميق القبضة العلوية لإدامة البقاء، ونجح في تخليص سوريا من وهم الدولة العروبية التي توّلدت بذورها من التربة السورية”.

زر الذهاب إلى الأعلى