تاريخ العالم

الصناعة الأشولية: أول تقليد موحد ابتكره الإنسان للأدوات الحجرية

الصناعة الأشولية (Acheulean Industry) هو الاسم الذي يطلق على أول تقليد موحد لصناعة الأدوات الحجرية من قبل أسلاف الإنسان الأوائل. سُمِّيَتْ على اسم موقع الكتابة في سان أشول (Saint-Acheul) شمال فرنسا، حيث عُثِرَ على بعض الأمثلة الأولى لهذه الأدوات. وقد امتدت الصناعة الأشولية لقرون عدة في زمن البدايات البشرية قبل آلاف السنين، وذلك في العصر الحجري القديم.

خصائص الأدوات الأشولية

الميزة الأكثر وضوحاً في الصناعة الأشولية هي إنتاج الأدوات الحجرية ثنائية الوجه، والتي يتم تقطيعها على كلا الجانبين لإنشاء حافة حادة. النوع الأكثر شيوعاً والأكثر شهرة من الأدوات ثنائية الوجه هو الفأس اليدوي، الذي كان له شكل بيضاوي أو على شكل كمثرى ويمكن أن يصل طوله إلى 25 سم. استُخْدِمَتِ الفؤوس اليدوية لأغراض مختلفة، مثل القطع والتقطيع والحفر والكشط. تشمل الأنواع الأخرى من الأدوات ثنائية الوجه السواطير، التي لها حافة مستقيمة، والمعاول، التي لها طرف مدبب.

كانت الأدوات الأشولية مصنوعة من الحجر ذي خصائص الكسر الجيدة، مثل العقيق الأبيض واليشب والصوان؛ في المناطق التي تفتقر إلى هذه الأحجار يمكن استخدام الكوارتزيت. غالبًا ما يتم الحصول على المواد الخام من قيعان الأنهار أو النتوءات أو المحاجر، ثم تُنْقَلُ أحياناً عبر مسافات طويلة. تم تشكيل الأدوات باستخدام مطرقة صلبة، مثل الحجر أو العظم، لنزع الرقائق من القلب، أو باستخدام مطرقة ناعمة، مثل الخشب أو قرن الوعل، لفصل الرقائق الرقيقة والأكثر تحكماً.

اقرأ أيضًا: العصر الحجري القديم: عودة البشرية إلى طفولتها الأولى

توزيع وتطور الصناعة الأشولية

نشأت الصناعة الأشولية في شرق إفريقية، حيث تعود أقدم الأمثلة المعروفة إلى آلاف من السنين التي مضت. ثم انتشر بعد ذلك إلى مناطق أخرى في إفريقية وأوروبا وآسيا وربما أستراليا. تُعد الصناعة الأشولية من أقدم تقاليد الأدوات الحجرية وأكثرها انتشاراً، وتغطي أكثر من نصف تاريخ التطور الصناعي البشري.

تُظهر الصناعة الأشولية تطوراً تدريجياً عبر الزمان والمكان، مما يعكس التغيرات في العوامل البيئية والثقافية والمعرفية التي أثرت على صانعي الأدوات. بعض الاتجاهات الرئيسة تشمل ما يلي:

1 -زيادة حجم الأدوات وتنوعها وتوحيدها.

2 -تحسين في الجودة والتماثل وصقل تقنيات التقشر.

3 -تطور الأساليب والتفضيلات الإقليمية، مثل تقنية ليفالوا (Levallois) في أوروبا والشرق الأوسط، وتقنية فيكتوريا ويست (Victoria West) في جنوب إفريقية.

4 -تنوع المواد الأولية ومصادر الشراء.

5 -تباينٌ في وظيفة الأدوات واستخدامها، مثل ظهور أدوات متخصصة في الجزارة والنجارة والنحت.

الآثار الثقافية والمعرفية للصناعة الأشولية

تعكس الصناعة الأشولية القدرات الثقافية والمعرفية لأسلاف الإنسان الأوائل الذين ابتكروا واستخدموا هذه الأدوات. بعض الآثار هي:

1 -تُظهر الصناعة الأشولية القدرة على التخطيط للمستقبل، واختيار المواد الخام المناسبة وتعديلها، واتباع سلسلة من الخطوات، وتحقيق الشكل والوظيفة المرغوبة.

2 – تشير الصناعة الأشولية إلى القدرة على التعلم من الآخرين، ونقل المعرفة والمهارات، وتطوير التقاليد والاتفاقيات.

3 – تشير الصناعة الأشولية إلى وجود تنظيم مكاني واجتماعي، مثل تقسيم العمل، وتقاسم الموارد، وتشكيل المجموعات والأقاليم.

4 – تعني الصناعة الأشولية ظهور حساسيات رمزية وجمالية، مثل تقدير التماثل واللون والشكل، والتعبير عن الهوية الشخصية والجماعية.

تُعد الصناعة الأشولية إنجازًا رائعًا لأسلاف البشر الأوائل، وشهادة على قدرتهم على التكيف والإبداع والذكاء. وهي معلم رئيس في تطور الثقافة الإنسانية والإدراك، وموضوع رائع للبحث الأثري.

الأسئلة الشائعة

ما هو الفرق بين الأدوات الأشولية والأولدوانية؟

الفرق بين الأدوات الأشولية والأولدوانية هو أن الأدوات الأشولية أكثر تعقيداً وصقلاً من أدوات الأولدوانية، وتتضمن فؤوساً يدوية مميزة مقشرة على كلا الجانبين (ثنائية الوجه). أما الأدوات الأولدوانية (Oldowan tools) فهي أبسط وتتكون من سواطير ورقائق وكاشطات مقشرة من جانب واحد (أحادية الوجه).

أيهما أقدم الصناعة الأولدوانية أم الأشولية؟

الأولدوانية أقدم من الأشولية. الأولدوانية هي أقدم صناعة معروفة للأدوات الحجرية، أما الأشولية فهي تطور لاحق ظهر بعدها.

هل الأدوات الأشولية تعود إلى العصر الحجري القديم السفلي؟

نعم، الأدوات الأشولية تعود إلى العصر الحجري القديم السفلي. وهذا العصر هو أقدم تقسيم فرعي للعصر الحجري القديم. وقد تم إنتاج الأدوات الأشولية خلال حقبة العصر الحجري القديم السفلي، وتعد هذه الأدوات السمة المميزة لثقافة العصر الحجري القديم الأدنى.

أين يوجد أقدم أشولي في أوروبا؟

تم العثور على أقدم أشولي في أوروبا في موقعين للكهوف في إسبانيا، سولانا ديل زامبورينو (Solana del Zamborino) وإستريتشو ديل كويبار (Estrecho del Quipar)، ويعود تاريخهما إلى آلاف السنين. وتظهر هذه المواقع أقدم دليل على تكنولوجيا الفؤوس اليدوية خارج إفريقية، وتشير إلى أن الإنسان هاجر شمالًا وجلب معه التقاليد الأشولية.

ما هي الأداة الأشولية الأكثر شيوعاً؟

الأداة الأشولية الأكثر شيوعاً هي الفأس اليدوي، وهي أداة حجرية ثنائية الوجه ذات مخطط بيضاوي أو على شكل كمثرى وحافة حادة. تم استخدام الفؤوس اليدوية لأغراض مختلفة، مثل ذبح الحيوانات والحفر وقطع الأخشاب أو النباتات. وجدت الفؤوس اليدوية بأعداد كبيرة وبأحجام وأشكال مختلفة في جميع أنحاء إفريقية وأوروبا وآسيا، حيث كانت تمارس الصناعة الأشولية.

ما هي أقدم أداة أشولية؟

أقدم أداة أشولية هي فأس يدوية من موقع (Kokiselei 4) في الوادي المتصدع في كينيا، هذا هو أقدم مثال معروف لأداة حجرية ذات وجهين، ويمثل بداية التقليد الأشولي. عُثِرَ على فأس اليد مع أدوات حجرية أخرى وعظام حيوانات، مما يشير إلى سلوك معقد ومتكيف لدى البشر الأوائل.

متى انتهت الآشولية؟

لم يتم تحديد تاريخ الانتهاء الأشويلي بشكل صحيح؛ لأنه يختلف حسب المنطقة ويعتمد على ما إذا كانت المتغيرات اللاحقة للأشولية، مثل سانجوان أو أتيريان متضمنة. ومع ذلك، فإن التقدير العام يشير إلى أن الآشولية استمرت إلى أن تم استبدالها بتقنيات العصر الحجري القديم الأوسط، مثل الموستيرية، والكلاكتونية، والميكوكوين. في بعض المناطق، مثل أوروبا وغرب آسيا، وقد تم تبني الآشولين من قبل الإنسان الذي انتقل لاحقًا إلى العصر الموستيري. وفي مناطق أخرى، مثل إفريقية وجنوب آسيا، استمر الإنسان الحديث في وقت مبكر في استخدام الآشولين، الذين طوروا صناعات الأدوات الحجرية الأكثر تقدماً وتنوعاً.

زر الذهاب إلى الأعلى