الرأي العام

قصد السبيل || قراءة في سفر معرفي إبداعي

د. علاء الدين آل رشي

يعد هذا الكتاب إضافة قيمة للمكتبة الإسلامية خاصة، وللدراسات الإنسانية عامة برأيي، حيث برعت المؤلفة في صياغة رؤية رشيدة لمعنى العمران  وأيفظت المعاني المغيبة من سباتها في فهم العمران والعمارة في ضوء المنهجية القرآنية، وتتبعت تأثيرها الإيجابي على المجتمع والحضارة.

ففي زمن الحروب والدم وطبول الخراب التي تدق بأيد ملطخة بدماء الأبرياء تشهر الأكاديمية د. مريم حسين علي محمد السادة يراعها سيفا في مواجهة الشر والخراب، وتقدم دعوة إلى إحياء العمران والعمارة وفق دراسة موضوعية للقرآن الكريم (رسالة دكتوراة في الدراسات الإسلامية وقضايا المجتمع المعاصر) قدمت لجامعة محمد الخامس بالرباط ونوقشت في 9/2/2023 ونالت تقديراً ممتازاً مع مرتبة الشرف وتوصية بالطبع.

الناحية الشرعية ونواحٍ أخرى

تتجلى قيمة البحث وأهميته في العديد من النواحي والتي من أهمها حسب ما ذكرته د. مريم

  1. الناحية الشرعية: ارتباط العمارة بالعمران المعنوي، وعدم انفكاكها عن الآخر؛ العمران المعنوي الذي ينتج من العقيدة السليمة، وأحكام الشريعة، والأخلاق الحميدة، هو الذي يؤدي إلى عمارة قوية تستمر عبر الزمان.
  2. الناحية العلمية: معظم الدراسات العلمية التي تطرقت إلى موضوع العمران والعمارة جاء منطلقها بشكل عام، في حين جاء منطلق هذا البحث حول التركيز على منهجية القرآن الكريم في العمران والعمارة دراسة تفسيرية موضوعية، والذي يتم من خلاله إظهار العلاقة بين عمران الوجدان وعمارة البنيان.
  3. الناحية الاجتماعية: يعد العمران محور العلاقة المتبادلة بين الإنسان وغيره من الناس؛ فهناك حاجة إلى التركيز على العمران الجماعي وإبراز وظيفته في النهوض بالمجتمع، والتمتع بحياة متوازنة يسودها التعاون، والأمن والأمان.
  4. الناحية الحضارية: يعتبر العمران والعمارة الأساس الذي يقاس عليه مدى تطور الدول، وتقدم والعمارة وبين الحضارةحضارتها؛ فهناك ارتباط وثيق بين العمران الناحية الزمانية: يعتبر موضوع العمران والعمارة من الموضوعات التي يتزايد الاهتمام بها يوماً بعد يوم، لا سيما في المجتمع المعاصر؛ حيث إنها تخدم الماضي والحاضر والمستقبل، ولا يمكن إغفال الضرورة الملحة حول المحافظة على التراث المعماري الإسلامي في ضوء التحديات المعاصرة.
  5. الناحية الفنية: تعتبر العمارة الإسلامية من أبرز خصائص الحضارة الإسلامية التي لها مميزاتها الخاصة، والتي ينبغي الخوض في معالمها وإبراز عناصرها، وتحديد ضوابطها.
  6.  الناحية البيئية: إن الحاجة إلى الإبداع في التصميم المعماري لا بد أن تتماشى مع مراعاة الظروف البيئية، والمواقع الجغرافية وفق المنهجية القرآنية في العمارة والبناء.

أسباب ذاتية… وأسباب موضوعية

تذكر المؤلفة أن من أسباب اختيار البحث ذاتية وموضوعية منها:

أهمية الموضوع، والتأكيد على ارتباط العمارة بالعمران الوجداني. وتوضيح خصائص ومميزات العمران والعمارة في القرآن الكريم، وإبراز الجانب الإبداعي والجمالي فيهما. والسعي لتحقيق مجتمع قادر على مواكبة التطورات العمرانية عبر مختلف العصور؛ وذلك من خلال تبع المنهجية القرآنية في العمارة والتي تراعي الزمان والمكان، وكل ما يكفل مصالح الإنسان.

إنها محاولة إبراز علاقة العلوم الإنسانية وكيفية تغلغلها في مختلف العلوم الأخرى وتلك الوشائج بينهما، والتي من أهمها العلوم الهندسية، والتصدي للعوامل التي تعيق حركة العمران والعمارة من خلال دراسة الحلول التي وضحتها منهجية القرآن الكريم، والوقوف على مقومات العمران والعمارة في القرآن الكريم.

لقد كان واضحا تلك الرغبة في اختيار موضوع – بالنسبة للمؤلفة – يكون كالسلسلة التي تكمل الموضوع الذي اختيارته في مرحلة الماجستير والمتعلق بمنهجية القرآن الكريم في بناء أخلاق الإنسان، فهي لا تغفل في بحثها الجديد عن ارتباط الأخلاق بالعمران.

إيجابيات ومزايا

ولا بد من التنوية بمقدمة الكتاب للدكتور علي القره داغي التي اعتبر فيها أن أبرز إيجابيات هذا الكتاب هي إبراز الجانب الإبداعي والجمالي للعمران والعمارة في القرآن الكريم، وتميز منهجه في بيان مقومات العمران وتحدياته وحلوله وارتباط هذا المنهاج وشموله للعلوم الاجتماعية… وفي إطار هذا البحث المميز، تطرح د. السادة الأسئلة الشائكة: كيف يمكن للعمارة تعزيز العمران المعنوي؟ وما هي العلاقة بين عمران الوجدان وعمارة البنيان؟ وما دور العمران الداخلي  في تقدم المجتمع وتحسين حياتهم.

زر الذهاب إلى الأعلى