العربي الآن

"العربي القديم" في ذكرى ميلاده الأول: يوثّق سوريا بعيون أهلها وبأقلام أحرارها

رأي: رزق العبي

في مثل هذا اليوم قبل عام، انطلق موقع (العربي القديم) بإطلالته اليومية، بعد شهر من إطلاق العدد الأول من المجلة الشهرية في تموز/ يوليو 2023. الزميل الكاتب رزق العبي احتفى بذكرى انطلاقة الموقع في هذا المقال، ويسعدنا ان نستقبل مقالاتكم التي تتفاعل مع هذه التجربة الإعلامية المستقلة، بكل ما تتضمنه من ملاحظات وانتقادات (العربي القديم)

الإعلان الأول لانطلاقة الموقع الذي نشر قبيل أيام من انطلاقته

“العربي القديم” ليست مجرّد مجلة أو موقع إلكتروني ينشر أخباراً وتحقيقات وتقارير صحفية بسقف حريّة مرتفع، إنه أشبه بكنز في هذا الزمن الذي رخُصت فيه المنابر الإعلامية وقلّت قيمتها من حيث الإنتاج الإخباري والصحفي والسياسي والثقافي.

كنتُ في الثانوية في كفرنبل، حين بدأت استعد لدخول كلية الإعلام (وكان اسمها وقتذاك قسم الصحافة) ورحت منهمكاً بين مطالعة الصحف والكتابة وسط بحرٍ من الأحلام كنتُ أرسمها بثقة عالية رغم أنّي أغرق في شبر ماء.

كنتُ أحلم أن أنهي تعليمي الجامعي وأجد بيتاً صغيراً في دمشق  أو بيروت، وأفتتح مجلتي الخاصة عن “الإرث الشعبي” في الأرياف السورية، وقد تأثرت بذلك بسبب طبيعة عملي عام 2008 – 2009 في موقع “مدونة وطن” حيث كنتُ أنبش التاريخ الإدلبي عائداً إلى ما لا يقلّ عن 60 عاماً للوراء، أكتب تقاريراً عن أقدم مدرسة، عن أكبر معمر أو معمرة، عن أول شجرة تين..

لكنّ كلّ شيء أصبح مؤجلاً منذ سقوط أو شهيد في سوريا، على يد “نظام الأسد” وأصبحت من الأولويات الكتابة عن القصف والدم والاعتقال والتصفيات الميدانية.

ومنذ عام 2011 وعلى الرغم من أننا انتقلنا من حالة سيطرة نظام الأسد على الصحافة في سوريا إلى مرحلة أصبح فيها بالإمكان الكتابة بحرية، إلّا أنّ شهر العسل الذي يتيح لك الكتابة بهذا السقف المرتفع لم يكن على طبق نقيّاً كما نظنّ، وإنما كان مرتبطاً بأجندات وتبعيّات دولية، كانت تدسّ سمومها مع أبسط الأخبار.

وقعنا مجدداً في وحل إنتاج إعلامي وصحفي على نمط أخبار الحكومات، حيث أننا لا نحمل من الاستقلالية سوى ما تكتبه “زوراً وكذباً” منابرنا في صفحتها التعريفية “من نحن”.

قبل سنة من اليوم، انطلق موقع ومجلة “العربي القديم” ولم يكن بإمكاني مشاركة القائمين عليه فرحتهم بذلك، وعلى رأسهم مديره ومؤسسه الكاتب والناقد محمد منصور، لكوني كنتُ في السجن، ولم أعلم به إلى حيث خروجي، رغم أنّ أخبار الأصدقاء والزملاء كانت تصلني بشكل أسبوعي، والتي كان أقساها والذي أحزنني إغلاق قناة أورينت.

بعد خروجي بأيام، اطلعت على الموقع وصادف ذلك نشره عدداً خاصاً عن محافظتي إدلب، فلفت انتباهي هذا الكمّ الهائل من المواد، ذات القيمة الصحفية العالية، والتبويب المهني المبتكر، والقدرة على محاكاة روح المدينة ماضيا وحاضرا من خلال استحضار تاريخها وسير أدبائها وتطلعات أبنائها من أكثر من جيل…. وللأمانة حزنتُ لكوني لم أكن واحداً من الذين شاركوا إطلاق الموقع ومجلته.

غلاف عدد (العربي القديم) عن إدلب نيسان / أبريل 2024

لم أتوانَ في اليوم التالي عن كتابة مادة وإرسالها للزملاء في الموقع للنشر، وحين تمّ نشرها، شعرت بالسعادة التي شعرتها قبل 18 عاماً حين نشرت أول مادة صحفية في جريدة بدمشق وأنا بعمر 16 عاماً.

إنّ “العربي القديم” وما يحمله من نُبل في الهدف وذكاء في اختيار مواده ورقيّ في الإخراج والتحرير، يتوجّب على كلّ صحفي سوري يؤمن بدور الصحافة في كتابة التاريخ أن يكون شريكاً في الكتابة فيه.

إنّ ما نطالعه يومياً بالصوت والصورة والكتابة من انهيار أخلاقي في على المستوى الصحفي والإعلامي، يجعلني واثقاً من أنّ “العربي القديم” حالة لم تتكرر من قبل، وقد لا تتكرر فيما لو استمر المال السياسي في تغذية وسائل إعلامنا عبر شراء ذمم ودسّ سموم وفق مصالح معينة.

“العربي القديم” الذي يوثّق سوريا بعيون أهلها عبر أقلام مناضلة ونزيهة، في وقت يُثبت بأن هناك من يدافع عن سوريا الحقيقية، بذات الوقت يُعرّي عدداً كبيراً من المنصات التي لا تحترم جمهورها فحسب، بل تشترك في تضليلهم وتشويه سوريا بعيونهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى