الرأي العام

مطرقة اليسار المكسورة وسندان الأقليات

ما فعله اليسار السوري منذ انطلاق الثورة كان تحت عباءة النظام بعناوين كلها تؤكد على شيطنة السنًة

أسامة المصري – العربي القديم  

بداية لابّد من القول إن الأوطان تُبنى بجميع أبنائها، قوى سياسية ومجتمعية وطنية، وليس بأحزاب تأسست بالأقليات كما حدث في سوريا منذ تأسيس الحزب الشيوعي السوري وما تبعه من أحزاب وصولا إلى حزب العمل الشيوعي، التي سيطرت عليها وقادتها الأقليات سواء كانت دينية أو طائفية أو إثنية. وما وصلت إليه سوريا منذ انقلاب البعث عام 1963 ومن ثم انقلاب حافظ الأسد عام 1970، يؤكد أن الوطن يبنيه الجميع وليس القائد الملهم.

سوريا أصبحت دولة لأول مرة بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية ودخول الأمير فيصل بن الحسين دمشق عام 1918، استمرت سنتين قبل الاحتلال الفرنسي ومعركة ميسلون عام 1920. وبموجب اتفاقية سايكس بيكو، الغنية عن التعريف، وتحت الاحتلال الفرنسي بدأت سوريا تتكون ككيان سياسي ووطني، وتشكلت فيها أحزاب سياسية في المدن الرئيسية والتي كان يسكنها المسلمون والمسيحيون، كالكتلة الوطنية التي تأسست عام 1928 وتحولت إلى حزب، وفيما تأسس الحزب الشيوعي السوري الذي كان تابعا لروسيا ومن ثم لحافظ الأسد ووريثه حتى نهاية الحقبة الاسدية.فيما تأسس حزب الشعب الذي بجهود ساسة ووجهاء حلب وحمص.وخلال فترة الاحتلال والاستقلال كان لهذين الحزبين، وبشكل خاص الحزب الوطني، دور هام في الحياة السياسية السورية، دون أن ننسى حزب الإخوان المسلمين الذي أسسه مصطفى السباعي.

وبعد الاستقلال عام 1946 جاء تأسيس حزب البعث من قبل صلاح الدين البيطار وميشيل عفلق الدمشقيين ومشاركة أحد أخطر رجالات البعث زكي الارسوزي، واتحد البعث مع الحزب العربي الاشتراكي الذي أسسه أكرم الحوراني ابن مدينة حماة عام 1950، ولابد في هذا السياق من ذكر الحزب القومي السوري الذي أسسه اللبناني أنطون سعادة، لكن دون أن يكون له دور يذكر في الحياة السياسية السورية، ربما سوى اغتيال العقيد عدنان المالكي، الذي عارض دخول أبناء الريف والأقليات على نطاق واسع في الجيش السوري. ولولا اغتياله ربما لم يصل حافظ الاسد الى السلطة، ولما وصلت سوريا إلى ما هي عليه اليوم من تفتت مجتمعي عمل عليه الأسد من لحظة وصوله إلى السلطة ليكمل ابنه تدمير سوريا على كافة المستويات.

شيطنة السنة

كان لابد من هذه المقدمة الطويلة نسبيا لأنني سأتحدث أولا عن شيطنة السنَة على مدى عقود من حكم الأسد، ومن ثم بعد انطلاق الثورة عام 2011، حيث بلغت الشيطنة أوجها وتم ربط السنًة بـ “داعش” والقاعدة والمسلحين والإرهابيين رغم أنهم انطلقوا بالثورة بالورود وبشعارات وطنية تطالب بإصلاحات، متأثرين بما اصطلح عليه بالربيع العربي الذي انطلق من تونس.

نظام الأسد الأب الذي جاء بمقولة حماية الأقليات في سوريا ولبنان، وإن انطلت هذه المقولة على اللبنانيين لفترة ليست بالقصيرة، لكن الوطنيين مسيحيين ومسلمين اللبنانيين رفضوها، ودفع من عارض الأسد أثمانا باهظة لقاء ذلك، فيما انساق الأشخاص الذين وضعهم الأسد قادة للأقليات في سوريا خلفه – إما مكرهين أو طائعين- ويسجل للبطريرك أغناطيوس هزيم مواقفه المشرفة في رفضه أن يكون تحت عباءة الأسد حتى وفاته، وعلى مدى ثلاثين عاما من حكم الأسد الاب الذي قضى على الحياة السياسية والنقابية، وبعد جرائمه في حلب وحماة وبقية المدن السورية، دفع الأسد برجال الدين الذين اختارهم ليحولوا الشباب السنًة إلى المساجد وأعطى الاشارة لبناء آلاف المساجد والسيطرة على الأجيال، وهذا ما حدث وخاصة مع إرسال هؤلاء الشباب الى العراق، وتحويلهم إلى إرهابيين رهن إشارة استخباراته كتنظيم “جند الشام”

اليوم وبعد انتصار الثورة وسقوط أسوأ نظام عرفه التاريخ البشري حتى بشهادة الذين يؤمنون بشيطنة السنُة، وحتى الذين رفضوا هذا الشكل من إسقاط النظام تحت حجج وذرائع الخوف والقلق على المستقبل وكأنه كان للسوريين خيار في طريقة إسقاط النظام، وجميعنا يعرف أنه لولا أن إسرائيل رفعت مظلتها عن الأسد لما سقط، وربما كان المعتوه الصغير حكم أيضا السوريين وبقي اليسار وأولادهم وأحفادهم يطبّلون لعظمة القائد الملهم، وهذا ما حدث مع الحزب الشيوعي البكداشي وغيرهم من أعضاء حزب العمل الشيوعي، ممن تحولوا إلى أتباع لخامنئي ونصرالله، فيما يبدوا أن آخرين ذهبوا إلى التفكير بتحالف الأقليات ضد الأكثرية السنُية.

إن ما فعله هذا اليسار منذ انطلاق الثورة كان تحت عباءة النظام بعناوين كلها تؤكد على شيطنة السنًة، وبدا ناشطوه مسترخون إلى أقصى درجات الاسترخاء، طالما أن المجتمع الدولي دعم حامي الأقليات بحرب الإبادة ضد الأكثرية. لم يكن أحد منهم يتصور هذا التحول الذي أطاح بحامي الأقليات خلال ساعات، والصدمة كانت أكبر من أن يستوعبوها، وانعكست على الوجوه في الساعات الأولى لتبدأ حرب المطالب على الفور، ومنها مظاهرة ساحة الامويين الشهيرة، إضافة إلى النشاط المحموم على صفحات التواصل الاجتماعي، فيما بدأت الندوات والاجتماعات ومنظمات حقوقية وقانونية وسياسية معظمها مرتبطة وممولة من الأوروبيين الذين رفضوا اسقاط النظام البائد تحت ذريعة “داعش” والتي أوجدوها لشيطنة السنًة من جهة، والإبقاء على النظام من جهة أخرى، ولتنعم الأقليات بحاميها.

المثير للسخرية أن الناس العاديين من الأقليات استوعبوا ما حصل وتعاملوا مع النصر كنصر لهم وأن كابوس العائلة الوسخة انتهى،ويتطلعون إلى حياة أفضل، وبالفعل فقد بادرت قرى وبلدات بإنشاء لجانها ومجالسها لإدارة حياتها، فيما انصب نشاط بعض النخب كتاب ومثقفين وسياسيين من التحذير من التقسيم والمجازر والمستقبل الأسود، مرددين في بعض الأحيان الشائعات.

أصلان عبد الكريم: تحالف أقليات جديدة

 في ندوة عقدها ناشطون، دعا القيادي السابق في حزب العمل الشيوعي أصلان عبد الكريم إلى تحالف أقليات جديدة، مركزا على الطائفة الدرزية والأكراد، طالبا منهم عدم الركون للسلطة الجديدة وعدم تسليم أسلحتهم

وفي الندوة التي حضرها حوالي 100 شخص، بدأ بتعريفات أو توضيحات كيف تكون أخلاقيا، وقال (حتى تكون أخلاقيا يجب أن تنطلق بعملك السياسي من مصلحة البشرية جمعاء)، معتبرا أن النظام البائد لم يأتِ بالطائفية، وأن السورين طائفيون، ومشيدا بحزب البعث كحزب قومي عربي، وبنفس الوقت ارتكب مغالطة بالقول إن قيادة الحزب هي من الأقليات الدرزية والاسماعيلية والعلوية، وأنهم بدأوا بتصفية العنصر السني بعد انقلابهم عام 1963، فكيف يكون البعث حزبا قوميا عربيا ويصفي السنًة وهم الأكثرية العربية في المجتمع السوري والعربي!!!

ورغم أن السيد عبدالكريم أكد أنه ليس رجل سياسة بل منظر سياسي، فقد وضع تصورا جهنميا لمستقبل سوريا، وقال: إن الفصائل التي تنضوي تحت عباءة تركيا لديها الرغبة في قتل أي شخص ينتمي إلى النظام البائد حتى لو أن ذنبه فقط (ضرب كف لآخر)، مستدلا على انتهاكات في الساحل، مؤكدا أن السنُة هم حاضنة الجولاني، مشددا على أهمية القتال المحتمل لـ”داعش” ضد هيئة تحرير الشام، كما أكد على أهمية أن تحدث الخلافات بين الفصائل التي يريد الجولاني توحيدها تحت سلطة وزارة الدفاع، ومرتكبا مغالطة كبيرة بقوله: لولا تدخل روسيا لكانت “داعش” تحكم دمشق، أو ربما أراد القول أن “داعش” هي الثورة السورية.

وبنفس المنطق الصوري الذي رفض فيه فكرة أن الغرب هو من أوجد “داعش”، اعتبر أن ملايين السوريين من الأغلبية السنُية معادية للأكراد عداء مستحكما، ويؤكد أن السنةً سينقسمون بين “داعش” و”النصرة” في الصراع القادم لا محالة، متناسيا ما حل بهذه الملايين من دمار وقتل وتهجير وسرقة أملاكهم وأموالهم من نظام حامي الأقليات، مطالبا بعدم تسليم السلاح وأن النصر سيكون حليف الأقليات بقوة رجال الكرامة (يقصد الدروز) وقسد التي لا تقهر عسكريا، مشددا على عدم تسليم السلاح، فالمعركة قادمة وأن قوة قسد توازي الهيئة، وبالتالي نستطيع أن نستنج من كلامه أننهم سيفنون بعضهما، كي يصل هو وتياره الديموقراطي إلى السلطة.وعندما أراد الحديث عن الفصائل العسكرية التي تنتمي لمنطقة حوران قال للحضور: (ستستغربون ما سأقول)، إن هذا الفصيل الذي يقوده القائد العسكري أحمد العودة كأحد عملاء روسيا والأمن العسكري نازعا عنه الصفة الاسلامية أو السنية ليكون شريكا في تحرير سوريا مرة أخرى، يمتلك الآن 400 دبابة وهو بهذا المعنى أقوى من هيئة تحرير الشام

لا أدري لماذا السيد عبدالكريم عندما تحدث عن حق الحياة استشهد بالتوراة، معتبرا إياها أنها تقدّس حق الحياة، ولا تعترف بقتل الانسان، مشددا على أن ذلك شيئا عظيما رغم أنه ذكر أن الإسرائيليين يرتكبون الجرائم،  متجاهلا أن ما تحدثت عنه التوراة هو تحريم قتل اليهودي لليهودي فقط، ولهذا لا يوجد في إسرائيل “حكم الإعدام”، منبها إلى أن القرآن هو الوحيد الذي يشرع القتل بين الديانات التوحيدية الثلاث. ولا أدري لماذا أقحم موضوع بناء الدول في محاضرته، معتبرا أن كبار السن هم من يبنون الدول، وأن الصغار يذهبون إلى المظاهرات. وأعاد استحضار إسرائيل معدداقادة إسرائيل من بن غورون وهرتزل وكولدا مائير، وأنا أتساءل: ألم يكن لديك أمثلة أخرى أيها الماركسي والليبرالي العتيق؟ في الحديث عن احترام حق الحياة وتأسيس الدول سوى  بني إسرائيل الذين بنوا دولتهم على أشلاء الأطفال الفلسطينيين وسرقوا الأراضي وهجّروا الشعب الفلسطيني؟

جرائم بنوايا حسنة

مسألة أخرى لابد من الإشارة لها نظرا لأهميتها، فقد أورد السيد عبد الكريم في سياق محاضرته عبارة إن (الطريق إلى جهنم معبد بالنوايا الحسنة)، معددا ماوتسيتونغ وستالين وكاسترو وصدام حسين والقذافي وحزب البعث (الملاحظ أنه عندما وصل الى سوريا لم يقل حافظ الأسد بل قال البعث)، فهل كان عبدالله الأحمر من يقود سوريا مثلا؟ وهو من ارتكب الجرائم بنية حسنة؟ 

وواضح أنه كان يريد القول من خلال إيراد هذه العبارة إن هؤلاء القادة ارتكبوا جرائم، لكن كانت نواياهم حسنة في بناء الدول. وهنا أريد أن أضع ملاحظتين: أولا وضع السيد عبد الكريم (البعث أي “حافظ الأسد”) بمصاف ستالين، وثانيا برر له جرائمه التي ارتكبها بحق الشعب السوري على مدى 54 سنة من الاعتقالات والقتل والتدمير، الذي مارسه المعتوه ابنه كاستمرار لحكم العائلة الوسخة.

فاذا كنت ترى كماركسي أن ماو تسونغ ارتكب جرائمه بنوايا حسنة، فهو على الأقل بنى دولة تهيمن اليوم على الاقتصاد العالمي. واذا كنت تبرر لستالين جرائمه فهو حقق انتصارا بالحرب العالمية الثانية وأوصل الاتحاد السوفياتي إلى الفضاء، وحصل على السلاح النووي. أما أن تضع (البعث أي “حافظ الأسد”) بين هؤلاء فاسمح لي أن أقول إن ذلك تبرير لجرائم لم يسجل لها التاريخ مثلا بتدمير المدن، فقد قتل عام 1982عشرات آلاف المدنيين في مدينة حماة، وقتل الاف المعتقلين في سجن تدمر. ماذا قدم الأسد إلى سوريا حتى تضعه بمصاف ستالين وماو تسي تونغ، هل حرر الجولان أم باعه؟ هل جعل سوريا دولة صناعية أم دمر الصناعة؟ هل نهض بالتعليم أم دمره؟ هل قضى على الطائفية التي اعتبرتها مزروعة في دماء السوريين أم دفع بها إلى حدودها القصوى كما ذكرت؟ هل استقلت السلطات الثلاثة وكان لدينا برلمانا، وقضاء مستقلا ونزيها، وصحافة حرة، لا أعرف لو كنت من الذين درسوا في مدارس الأسد (منجزات الحركة التصحيحية) لكنت عذرتك، لكن انت الذي يعرف جيدا، وأنت كما قلت بمحاضرتك، من خرج بمظاهرة تندد بانقلاب (عدس) عام 1963 أي انقلاب الأقليات (العلوية والاسماعيلية والدرزية)، وانت أحد ضحايا النظام الذي اعتقلك 17 عاما في صيدنايا الذي حوله ابنه المعتوه إلى مسلخ بشري، ومع ذلك أنت لا تصف هذا النظام بالمجرم، بل تعتبره طغمة حاكمة.

ويشرح السيد عبد الكريم بطريقة متعالية أن الجمهور السني العريض يرفض العلمانية ويربطها بالإلحاد، وأنا أقول للسيد عبدالكريم: إذا كان الجمهور السني يرفض العلمانية وهو الأغلبية، فكيف تريد تطبيق أفكارك على هذا الجمهور، وترسم لسيناريو الصدام المسلح بين هذا لجمهور، حتى تسنح لك الفرصة بالسيطرة على السلطة مرة أخرى مستقويا بالمجتمع الدولي والعربي الفاسد أصلاً، وهما نفس المجتمعين اللذين أبقيا على الأسد وطبًعا معه قبل إسقاطه.

ما جاء في معظم خطبة السيد عبد الكريم فيما يستمع له مئة شخص من تيار مواطنة (على الأرجح)، مقللا من اقتراح أحد المشاركين بأنه يجب التعامل بلطف حيث قال: إن اللطف يجب أن يكون لكن مع العصا الغليظة التي تجعل الفريسة تخاف. ولأن السيد لا يمتلك عنصر القوة بالعصا الغليظة فقد اعتبر أن القتال الذي خطط لحدوثة بين الهيئة من جهة وقسد ورجال الكرامة والعودة لا محالة، بحسب منطقة الصوري، سيكون عصاه الغليظة.

أنه المخطط الجهنمي لرجل يفترض أن يحاضر بالمواطنة والحقوق والأخلاق، ورغم أنه يتحدث باسم تيار مواطنة، لكنه لم يتحدث عن الحقوق والمواطنة ولا بمنطق المواطنة بالمطلق، بل تحدث بمنطق سياسي لا أخلاقي، رغم أنه أكد على أخلاقية صورية في تعريفه بداية الندوة، لكن بنفس الوقت فقد عرف الخوف والهلع والقلق واعتقد انه يعاني من الهلع من شدة الصدمة التي لم يستوعبها أن (السنًة الإرهابيين) هم من أسقط النظام وأنهم سيتحكمون بمصير الناس.

سوريا المحكومة بالطائفية!!!

ورغم أنه اعتبر أن سوريا مرت بمراحل ذهبية، فقد أكد أن سوريا محكومة بالطائفية منذ تأسيسها، وأن الأسد لم يأت بالطائفية بل فقط عمق تلك الشروخ الطائفية، ولم يتذكر كيف أصبح فارس الخوري وزيرا لأوقاف المسلمين، ولم يستذكر السيد عبدالكريم أي دور لأهل المدن الكبرى في التاريخ السوري ودورهم في تكوين سوريا سياسيا وثقافيا واخلاقيا واقتصاديا، تذكر فقط عدد الشهداء الدروز في الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان الأطرش ولم يذكر حتى رجالات الثورة السورية الآخرين أمثال الشيخ صالح العلي أو إبراهيم هنانو، ولا حتى العقيد أبو شهاب.

لم يخطر على باله فارس الخوري وخالد العظم وهاشم الأتاسي ولا أكرم الحوراني ولا عبد الرحمن الشهبندر وريمون عازار ونديم الكيخيا ورشدي الكيخيا، ربما تذكر الشيخ مصطفى السباعي ليقول إن هذا هو التاريخ السني، ولم يتذكر كم من الصحف كان يطبع في دمشق التي كانت منارة للحرية والحضارة قبل أن يحولها الأسد إلى حاوية للقمامة.

يا سيد عبدالكريم السوريون ليسوا بحاجة لتيار مواطنة يرسم مخططا جهنميا لحرب جديدة فوق أشلاء المدن المدمرة، حيث لاتزال أمهات المعتقلين و112 الف مفقود يبحثون عنهم في المقابر الجماعية، عن عظام فلذات اكبادهن. هذا النظام الذي تسميه ”الطغمة“ دون أن تطلق عليه صفة القاتل أو المجرم، والذي شن حرب إبادة ضد الأكثرية مستعينا بكل ميليشيات إيران الطائفية القذرة لترتكب المجازر وتقوم بعمليات تهجير وتطهير عرقي لم يشهد له التاريخ مثيلا. نحن لا زلنا نبحث عن آثار أو بقايا لذكرياتنا بين بيوتنا المهدمة، والسوريون جميعا لا يريدون حروبا أخرى، نريد أن نروض العسكر وننزع السلاح، ونعيد المدن والبيوت وبناء المدارس، ولا أحد يبحث عن علمانيتك وعلمانية أصدقائك الذين أغلبهم لم يعترضوا على مخططك الجهنمي.

كنت أتمنى عليك، وأنت صديق قديم، أن تخاطب الناس في ساحة الأمويين كما فعل الشهيد جبران تويني في ساحة الشهداء ببيروت، وتقسم أن نبقى موحدين مسلمين ومسيحيين إلى أبد الآبدين، وتقول: عاشت سوريا موحدة لجميع أبنائها..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى