جواز السفر: صداع في رأس السوريين ومورد رزق في جيب الأسد
العربي القديم – خاص:
ستة انتهاكات يرتكبها نظام الأسد بحق السوريين لدى استخراج جواز سفر!
كشف تقرير أصدرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان، حصلت (العربي القديم) على نسخة منه، عن 1168 حالة اعتقال وقعت في في دوائر الهجرة والجوازات التابعة لنظام الأسد، شملت 16 طفلاً و96 سيدة، وتحول 986 منهم إلى حالة اختفاء قسري.
جاء ذك في التقرير الذي أصدرته الشبكة اليوم بعنوان “سلسلة من الانتهاكات داخل وخارج سوريا ينفذها النظام السوري عند استخراج جواز السفر”.
فضل عبد الغني: على المجتمع الدولي خلق بديل قانوني
وأوضح فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن: ” النظام السوري استغل حاجة الشعب السوري لإصدار جواز سفر على غرار بقية دول العالم، فمارس أقسى درجات النهب عبر وضع أغلى سعر جواز سفر في العالم، إلى جانب أنماط عديدة من انتهاك الكرامة الإنسانية، وكأنه يقدم جواز السفر من مزرعته الخاصة. على المجتمع الدولي خلق بديل قانوني لإصدار جوازات السفر في حالات النزاع المسلحة الداخلية، وعدم ترك هذا الملف الحساس بيد السلطة المسيطرة، وحرمان أعداد هائلة من المواطنين قد تصل إلى نصف الشعب من هذه الوثيقة الحيوية، أو ابتزازهم مادياً وأمنياً بشكل سادي”
ستة أنماط للانتهاكات
ورصد التقرير ستة أنماط رئيسية من الانتهاكات التي تطال السوريين أثناء محاولتهم الحصول على جوازات السفر.
– أولها: فرض النظام السوري “الموافقة الأمنية” على كل من يرغب بالحصول على جواز سفر ما بين عامي 2011 و2015، والهدف من ذلك هو حرمان المعارضين من الحصول على هذه الوثيقة، وعلى الرغم من أن الموافقة الأمنية لم تعد مطلوبةً بعد عام 2015، إلا أن النظام السوري لم يتوقف عن استخدام جواز السفر كسلاح لملاحقة المعارضين والتضييق عليهم، إذ يخضع كل مُتقدِّم للحصول على جواز سفر إلى عملية تدقيق ومطابقة مع قوائم الملاحقين والمطلوبين للنظام السوري، وبالتالي فإن ذلك يضع المتقدمين لطلب جواز سفر، أو أحد أفراد الأسرة الذين يقدمون طلباتهم بالنيابة عنهم، تحت خطر التعرض للاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري.
ثانيها: حالات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري فعلــى خلفيــة المســاهمة فــي الحــراك الشــعبي أصبــح عشــرات آلاف الســوريين فــي عــداد المطلوبيــن للأجهــزة الأمنيــة، وقــد اضطــر العديــد مــن هــؤلاء لاســتخراج جــواز ســفر لمغــادرة البــلاد، فكانــت أجهــزة الأمــن فــي انتظــار المئــات منهــم، حيــث قامــت باعتقالهــم أثنــاء تواجدهــم فــي مبنــى الهجــرة والجــوازات فــي المحافظــات الخاضعــة لســيطرة النظــام الســوري.
ثالثها: الحط من الكرامة الإنسانية وسوء المعاملة في القنصليات: وثقـت الشـبكة السـورية لحقـوق الإنسـان حـالات انتهكـت فيهـا كرامـة المواطنيـن أثنـاء اسـتخراج أو تجديـد جـواز السفر، إذ غالبا مــا يتعــرض المواطنــون لســوء المعاملــة مــن الموظفيــن فــي فــروع إدارة الهجــرة والجــوازات ويضطــرون إلــى الوقــوف فــي طوابيــر لســاعات طويلــة دون الحصــول علــى دور فــي نهايــة المطــاف، ويتــم اعتمــاد هـذه الاسـتراتيجية فـي الغالـب كـي يضطـر المواطنيـن لدفـع رشـاوى لبعـض الموظفيـن أو السماسـرة المرتبطيـن بالأجهــزة الأمنيــة كــي يتــم تيســير معامالتهــم بشــكل أســرع.
رابعها: عمليات نصب واحتيال أثناء عملية استخراج جواز السفر: فـي كثيـر مـن الأحيـان لا يتمكـن المواطـن السـوري فـي العديـد مـن البلـدان مـن حجـز دور فـي القنصليـة السـورية بنفسـه عـن طريـق المنصـة الإلكترونيـة، وذلـك بسـبب عـدم وجـود مواعيـد متاحـة علـى المـدى القريـب، أخبرنـا العديد منهـم، أن أقـرب موعـد متـاح علـى المنصـة بعـد عـام أو عاميـن مـن تاريـخ التقديـم، وبالتالـي ال يبقـى خيـار أمـام هـؤلاء سـوى التعامـل مـع الوسـطاء والسماسـرة، الذيـن ينسـقون بدورهـم مـع موظفـي القنصليـات والذين قد يورطون هؤلاء بحمل جوزازات سفر مزيفة.
خامسها: استغراق عملية استخراج الجواز المستعدجل مـدة طويلـة قـد تصـل إلـى شـهر، هـدد إقامـات السـوريين فـي بلـدان اللجـوء
علـى الرغـم مـن نـص المـادة ج مـن المرسـوم التشـريعي رقـم /18/ لعـام 2017 علـى أن”المـدة اللازمـة لمنـح أو تجديـد جـواز أو وثيقـة سـفر لـدى بعثاتنـا فـي الخـارج بشـكل فـوري ومسـتعجل بثلاثـة أيـام عمـل كحـد أدنــى وواحــد وعشــرين يــوم كحد أقصـى اعتبـارا من من تاريــخ تقديــم الطلــب وتســديد الرســوم، وضمــن نظــام الــدور بعشــرة أيــام عمــل كحــد مــن تاريــخ تقديــم الطلــب وتســديد الرســوم“. إلا أنهــا بقيــت مجــرد حبــر علــى ورق، فقــد تبيـن لنـا خـلال عمليـات التحقيـق مـن خـال الحديـث مـع العديـد مـن المواطنيـن السـوريين حـول العالـم أن المـدة المتوسـطة لاسـتخراج جـواز السـفر المسـتعجل قـد تصـل إلـى أسـبوعين، وفـي بعـض الأحيـان قـد تتجـاوز الشـهر، أمـا اسـتخراج الجـواز بنظـام الـدور فقـد يسـتغرق مـدة تتـراوح مـا بيـن 3 إلـى 4 أشـهر
سادسها: إصدار جوازات سفر إلكترونية غير معترف بها: فـي /20 آب/ ،2023 أعلـن النظـام السـوري عـن اعتمـاد ”جـوازات السـفر الإلكترونيـة“ عوضـا عـن التقليديـة،ولكـن دولا قليلـة فقـط قبلـت منـح تأشـيرات دخـول لحامليـه مـن بينهـا مصـر والأردن وسـلطنة عمـان، فيمـا رفضـت غالبيـةدول العالـم االعتـراف بـه!
مصدر دخل للنظام السوري
التقرير الذي جاء في 21 صفحة، أشار إلى إن النظام السوري عانى مع انطلاق الحراك الشعبي في سوريا من شح في الموارد المادية، بسبب توظيف مدخرات الدولة السورية في قمع الحراك الشعبي، وبدأ بالتفكير بموارد مالية جديدة، لا سيما مع الانهيار المتسارع الذي بدأ يشهده الاقتصاد السوري، وكان “جواز السفر” إحدى هذه الموارد، لأنه بات الوثيقة الأكثر أهمية بالنسبة للسوريين الذين تشردوا داخل وخارج سوريا، وكذلك بالنسبة للسوريين الذين يحلمون بمغادرة سوريا مع التراجع المأساوي في الظروف المعيشية. ومع كثرة الطلب على جواز السفر وجد النظام السوري فرصة ذهبية لرفد خزائنه بالعملة الأجنبية فأصبحت أسعار منح جواز السفر بمثابة بورصة آخذة في الارتفاع المستمر، ويمكن ملاحظة ذلك عبر المراسيم التي أصدرها النظام السوري.
طبقاً للتقرير، أصبح جواز السفر مصدر دخل بالنسبة للنظام السوري، ولا توجد إحصائيات رسمية حقيقية عما يدخل خزانة الدولة من مبالغ، فلا توجد أي شفافية مالية لدى النظام السوري الذي دمج بينه وبين الدولة السورية، ووظف مواردها ومستنداتها الرسمية لصالح نفوذه. وذكر التقرير أن التكلفة المرتفعة وغير المنطقية التي يفرضها النظام السوري لقاء منح أو تجديد جوازات السفر، تحرم المواطنين غير القادرين على دفع هذه المبالغ من حقهم في السفر وحرية التنقل ويعتبر هذا خرقاً واضحاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.