أحمد الشرع في نيويورك تايمز: من زعيم ميداني إلى رجل دولة يبحث عن شرعية دولية

سامي زرقة العربي – القديم

في مقابلة حصرية مع صحيفة نيويورك تايمز، قدّم الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع رؤيته لمستقبل سوريا بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر 2024.. تُعد هذه المقابلة خطوة مهمة في محاولة الشرع لإعادة تعريف موقع سوريا في النظام الإقليمي والدولي، ولطمأنة الداخل السوري والمجتمع الدولي بشأن مسار المرحلة الانتقالية.​

خطاب مزدوج: الداخل والخارج

في المقابلة، شدد الشرع على أن سوريا لن تكون مصدر تهديد لجيرانها، مؤكداً على التزامه ببناء علاقات متوازنة مع الدول العربية والإقليمية.. وأشار إلى أن بلاده تسعى إلى إنهاء دورها كمنصة لتصدير الأزمات، مع التركيز على التنمية الداخلية وإعادة الإعمار. ​

في الوقت ذاته، أشار الشرع إلى أن حكومته تعمل على تشكيل حكومة انتقالية شاملة تمثل جميع أطياف المجتمع السوري، مع التركيز على الكفاءة والجدارة في التعيينات الحكومية، بعيداً عن المحاصصة الطائفية.

 العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية

أعلن الشرع عن خطط لتشكيل لجنة للعدالة الانتقالية تهدف إلى محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات خلال فترة النزاع، مع التأكيد على أهمية تحقيق المصالحة الوطنية.. وأكد أن سوريا بحاجة إلى تجاوز الماضي وبناء مستقبل قائم على العدالة والمساواة.

​تُعد هذه المقابلة جزءاً من استراتيجية الشرع لإعادة تشكيل صورته أمام المجتمع الدولي.. فبعد سنوات من قيادته لفصائل مسلحة، يسعى الآن لتقديم نفسه كزعيم وطني يسعى لتحقيق الاستقرار والتنمية في سوريا، من خلال التركيز على القضايا الإنسانية والاقتصادية، يُحاول الشرع كسب تعاطف المجتمع الدولي ودعمه، خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها سوريا على الصعيدين الداخلي والخارجي.

العلاقات الدولية: توازن جديد وترقب حذر

فيما يتعلق بالعلاقات مع إيران وروسيا، أكد الشرع على أهمية الحفاظ على علاقات متوازنة تقوم على احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.. وأشار إلى أن سوريا لا يمكنها الاستغناء عن علاقاتها مع دول إقليمية مهمة، لكنها تسعى إلى إعادة صياغة هذه العلاقات بما يخدم مصالحها الوطنية.​

وعلى الرغم من الرسائل الإيجابية التي حملتها المقابلة، لا تزال الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تتعامل بحذر مع تصريحات الشرع.. فماضيه كقائد لفصائل مسلحة يُثير تساؤلات حول مدى التزامه الحقيقي بالتحول الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان.​

ومع ذلك، يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها بداية محتملة لمسار جديد قد يُفضي إلى حوار سياسي يُنهي سنوات من الصراع والمعاناة في سوريا.​

خارطة طريق للمرحلة الانتقالية

حدد الشرع خطوات المرحلة الانتقالية، بدءاً من تشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر الوطني، مروراً بإصدار إعلان دستوري، وصولاً إلى إجراء انتخابات رئاسية خلال أربع إلى خمس سنوات.. وأكد أن هذه الخطوات تهدف إلى بناء مؤسسات دولة قوية وفعالة، وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي.​

خلاصة تحليلية

تُظهر مقابلة أحمد الشرع مع نيويورك تايمز محاولة جادة لإعادة تعريف سوريا كدولة مستقلة ذات سيادة، تسعى إلى بناء علاقات متوازنة مع محيطها الإقليمي والدولي، مع التركيز على التنمية الداخلية والمصالحة الوطنية.. ومع ذلك، تبقى التحديات كبيرة، خاصة في ظل الحاجة إلى إعادة بناء الثقة بين مكونات المجتمع السوري، وضمان مشاركة حقيقية في العملية السياسية.​