أرشيف المجلة الشهرية

اللاذقية والأبجدية أوغاريت

نص وتصوير سعد فنصة – العربي القديم

يمكن وصف اللاذقية ومحيطها وطبيعتها بأجمل حواضر التاريخ الإنساني على الإطلاق، وتتشابه هذه المدينة في طبيعتها مع مدن الساحل السوري، من الإسكندرونة شمالاً، مروراً بجبيل، وصيدا، وصور، وعكّا، ويافا على السواحل اللبنانية والفلسطينية جنوباً، من حيث تقاليد البحر الفينيقية، ولكن لاذقية البحر، من خلال المكتشفات الأثرية لعبت أدواراً عميقة الدلالات الإنسانية في نشأة الحضارة المُبكر، وقد يحار المرء، أمام هذا الغنى الأثري الكبير الذي احتضنته هذه المدينة، في ريفها القريب والبعيد.

بالقرب من اللاذقية، وفي محيط سرير النهر الكبير الشمالي حوالي 10 كم، عن مركز المدينة، وفي موقع “ست مرخو”،  عُثر على مخلّفات إنسانية، دلّت على سكن بدائي يعود إلى العصر الجيولوجي الرابع، إذ عُثر في هذا الموقع على فأس حجرية، نحتها إنسان “الهوموأركتوس” (الإنسان المنتصب القامة والشبيه بالإنسان)، وهو أوّل إنسان خرج من القارة الإفريقية، كما يعتقد الآثاريون، صوب القارة الآسيوية، ويُعَدّ هذا الموقع، ومواقع أخرى مجاورة، أحد أعظم الكشوفات الأثرية في العالم، وأقدم المواقع في عصور ما قبل التاريخ في آسيا وأوربا، إذ يعود هذا الموقع بالتحليل الأثري الدقيق إلى ما قبل مليون عام من الآن، ويُثبت على أن السكن الإنساني، في هذه البقعة الجغرافية، استمرّ بلا انقطاع، وشهد تطوّراً، لأكثر من نوع في سلّم تطوّر السلالات البشرية، يمكن التعرف على تطوّرها، من خلال تطوّر تقنياتها الصوّانية، وطرائق شحذها، واستخداماتها في الصيد البرّي، أو قطع الأشجار، ومواجهة الحيوانات البرّية المتوحّشة.

إن أصل اسم اللاذقية، كما ورد في الحوليات التاريخية، يعود إلى اسم مؤسسها، على نمط المدن الهلينستية، في  كل الشرق، عندما تُوفي فاتح العالم القديم الإسكندر الأكبر في بابل عام 323 قبل الميلاد، ورث قادته العسكريون، “بطليموس” مصر، و”سلوقس نيكاتور” بلاد الشام، أو سوريا الطبيعية باسمها القديم الحالي، فنظّم  مدنها القديمة على أنماط الهندسة الإغريقية، من شارع مستقيم، وآغورا، ومسرح، وأسواق، ومعابد جديدة للآلهة المُحدَثة، ويبدو أن سلوقس نيكاتور كان محبّاً، لتخليد أسماء أسرته، فأسّس المدن الأربع الشهيرة: (سلوقيا على نهر دجلة باسمه، وأنطاكية باسم أبيه أنطوخيوس، وأفاميا على اسم زوجته أباميا، وكانت لاوديسيا من نصيب اسم أمّه التي كان يحبّها حبّاً جمّاً، ومنها اشتُقّ اسمها الحالي)، ويُعتقد أن اسمها الفينيقي القديم، والذي ورد في المصادر القديمة، باسم “راميتا”، ويحتمل أن تكون إحدى ضواحي العاصمة القديمة للحضارة المُكتشَفة، في أواخر عشرينات القرن الماضي، والشهيرة باسم “أوغاريت”، أو رأس شمرا.

أوغاريت الكنز المعرفي

في العام 2004، وبمناسبة مرور خمسة وسبعين عاماً على اكتشاف مملكة “أوغاريت”، كان لي شرف المساهمة في إصدار مجلد ضخم، صدر بالفرنسية  مع ملحقاته البحثية عن النصوص الأوغاريتية -لا أعتقد أنه قد تُرجم إلى العربية حتى اليوم- لذلك قمت بترجمة بعض أحدث أبحاثه، خصوصاً أن الأبحاث الميدانية، والحفريات الأثرية للبعثة الفرنسية التي يديرها البروفسور”إيف كالفيه”، قد توقّفت منذ العام 2011، وكنت على صلة بالتعاون في التوثيق الأثري مع السيد “كالفيه”، والمهندس المعماري، والذي كان عضواً في بعثة التنقيب عن “أوغاريت” منذ العام 1967، “أوليفييه كالو”، والأستاذة بجامعة ليون “جنيفيف كاليانو”.

مجلد ضخم، صدر بالفرنسية  مع ملحقاته البحثية عن النصوص الأوغاريتية عام 2004

هل أوغاريت هي اللاذقية؟

تتوضّع أوغاريت على بعد 11 كم من شمال اللاذقية، وتحتلّ مساحة، تُقدر ب27 هكتاراً، لم تكشف التنقيبات إلى اليوم، سوى عن سدس مساحة المدينة القديمة، وقد بيّنت التحريات الأثرية عن بقايا سكن، منذ العصر الحجري الحديث (الألف الثامنة قبل الميلاد -عصر نشوء الزراعة)، إلا أن بنيانها الحالي وعمارتها الحجرية، يعود إلى عصر ازدهار مملكة “أوغاريت”، وشهرتها بين القرنين الثالث عشر والرابع عشر قبل الميلاد، (نهايات العصر البرونزي)، قبل أن يتمّ تدميرها من قبل ما سُمّي بشعوب البحر، حوالي العام 1185 قبل الميلاد، وهم محاربون غزاة مدمِّرون للحضارات على كل السواحل السورية وقبرص، وحتى مصر جنوباً، ومازال ما أُطلق عليهم شعوب مجهولة الهوية حتى اليوم، بمعلومات غير مؤكّدة، بأنهم اتحاد من القراصنة، نشأت في عدّة أماكن من غرب آسيا الصغرى وبحر إيجة، وبعض الجزر المنعزلة في الأرخبيل اليوناني، وجنوب أوربا، كذلك دمّروا المرافق المحيطة بأوغاريت، كموقع “مينة البيضا”، وهو الميناء التجاري الرئيس للمملكة، والمعروف باسم “رأس ابن هاني”، والذي عمل بالتنقيب فيه منذ العام 1975 أستاذي البروفسور العلامة عدنان البني، وجاك لاغارس، وزوجته إليزابيث، وتمّ الكشف فيه عن القصر الصيفي لملوك أوغاريت، إضافة إلى الكشف المثير عام 1982، لشأن يتصل بالتاريخ الاقتصادي للمملكة، فإضافة إلى الرقيمات الفخارية والمدوّنات التي كشفت أهمية هذا الموقع الفريد، تمّ الكشف عن منشأة صناعية، لصبّ سبائك البرونز والنحاس، والمُعدّ أساساً لأغراض التجارة والتصدير، والذي كان يُختَم بخاتم رسمي ملكي؛ لكي يُصدَّر إلى كل أرجاء العالم القديم، وقد وُجدت السبائك التي كان يبحر بها الأوغاريتيون القدماء، في كل من كريت، وصقلية، وقبرص، واليونان، والأناضول، ومصر كهدايا ثمينة، كانت تُقدَّم لملوك مصر والأناضول.

إضافة إلى الموقع السابق، تمّ الكشف عن عدد من التجمّعات المدينية القريبة من رأس البسيط، وتل سوكاس، وتل تويني في جبلة، وهي مواقع لم تكتمل كشوفاتها الأثرية، ولا أبحاثها بعد، لرسم خريطة متكاملة للمملكة الأوغاريتية، بحدودها الحضارية أو الجغرافية.

اكتشاف المملكة

يعود اكتشاف مملكة أوغاريت إلى فلاح محلّي، كان يحرث أرضه، بالقرب من خليج “مينة البيضا” عام 1928، اصطدم محراثه بألواح حجرية لمقبرة أثرية، تعود إلى ختام عصر البرونز، كشفت بدورها عن ألواح كتابية غير معروفة سابقاً بلغتها، سرعان ما بادرت السلطة الأثرية الفرنسية آنذاك، إلى تكليف رئيس قسم الآثار الشرقية في متحف اللوفر بباريس الباحث “كلود شيفر”  1898-1982، بإدارة أعمال التنقيب في الموقع المُكتشَف، بدءاً من العام 1929 بتمويل من وزارة الخارجية الفرنسية.

وخلال ثلاثة أرباع القرن، كشفت هذه المملكة عن ثروة من الكنوز الأثرية والمعارف الإنسانية، بعد اكتشاف أرشيف المكتبة الوثائقية في القصر الملكي.

وتقول “جنيفيف كاليانو”: إن ما قدمه أرشيف المكتبة مساهمة، لا تُقدَّر بثمن، في معرفة السياسة الدولية في ذلك الوقت، وحال موارد أوغاريت والموقع الإستراتيجي للمملكة على مفترق طرق البحر الأبيض المتوسط، مروراً بالداخل السوري إلى ما وراء بلاد ما بين النهرين، شمالاً حتى بلاد الأناضول، ما أثار برأيها جشع القوى المتنافسة؛ من أجل السيطرة على بلاد الشام، إذ تضمّنت الوثائق المكتشَفة معاهدة الولاء للملك الحثّي، مقابل جزية كبيرة، تدفعها مملكة أوغاريت؛ لضمان حماية حدود المملكة من غزو الممالك المجاورة: (آمورو- سيانو- موكيش)، مستفيدة من السلام المُبرَم بين الحثيين في الشمال، ورمسيس الثاني في مصر.

كذلك اقتربت أوغاريت من مصر القوية، وحافظت على علاقاتها مع المدن التابعة، كما في بيروت، وجبيل، وصيدا، وصور.

أثناء عمليات التنقيب

لقد أسّست مملكة أوغاريت سياساتها بناء على مصالحها السياسية والاقتصادية، وكانت ثرواتها ترد من النشاط التجاري المكثّف، إذ تغطّي شبكتها التجارية مساحة شاسعة من البحر الأبيض المتوسط والعالم القديم.

لقد كانت “أوغاريت” بمنزلة (رأس شركة عالمية) للاستيراد والتصدير، وفي الوقت ذاته كانت مركز إنتاج نشط للغاية، فقد صدّرت فائضها الزراعي، وأنتج حرفيّوها سلعاً فاخرة، كانت تُصدَّر إلى كل مدن البحر الأبيض المتوسط والمُصنَّعة من:

المعادن الثقيلة، وصياغة الذهب، ونحت العاج، والزجاج المتقن، والنجارة الخشبية، والنسيج، وكان بعض موادها الأولية يُستورَد من مناطق بعيدة جداً، إذ تكشف الأدوات المُصنّعة عن ثراء وتنوع الإنتاج الحرفي، وتقدّم النصوص والمدوّنات الكتابية معلومات موثّقة عن صناعات متطوّرة للنسيج، والأثاث، والنبيذ، والزيت، إضافة إلى تربية المواشي والخيول، وكان للحرفيين تنظيم شامل للمشاغل، والسكن في أحياء المدينة، وكان التجار الأثرياء يتقاسمون السوق الدولية بين الممالك القديمة، كشفت عنها المزهريات الخزفية الثمينة من “ميسينا”، وأنياب الأفيال المستورَدة من أفريقيا وآسيا، والنحاس من قبرص، بينما كانت تُصدّر شحنات الأسماك إلى “كركميش”، والصوف الملوّن والأصباغ إلى “إيمار”.

لقد تبيّنَ دور ملوك “أوغاريت”، من خلال النصوص المترجَمة عن اللغة الأوغاريتية، أن رعاة “أوغاريت” كانوا يديرون شؤون المملكة بتنظيم مذهل ومبكر، ويبدو جلياً بأن أدوارهم كانت عالمية، بمقاييس ذلك الزمان في منتصف الألف الثانية قبل الميلاد.

إذ كان ملك “أوغاريت” منذوراً للتعامل مع الدول العظمى في شؤون السياسة، ويعقد الزيجات الملكية والدبلوماسية، ويقود الجيش المكوّن من فرق من المشاة والرماة، مع معدّاتهم الحربية الثقيلة، والتي تجرّها الثيران، وعلى المستوى الإداري يتحكّم في توزع السكان، حسب التجمّعات الوظيفية أو المهنية، ويضمن العدالة والإنصاف في الشأن الاقتصادي في سائر الإقليم، ويقوم بمراقبة توزيع أو سحب المنتجات الزراعية بحسب الحاجة والتموين، أو التدخل في بيع السلع، وتنقسم المملكة إلى مناطق للحكم بواسطة (محافظين)، أو أمناء يمثّلون بالدرجة الأولى مصالح “أوغاريت” بين الممالك المجاورة، ويتضح من خلال النصوص المترجَمة، أن مُحافظي المدن، مارسوا السلطات القانونية والإدارية من قبل مجالس الحكماء أو الأعيان. لكن الملك وحده كان يُنظر إليه، قبل أيّ أحد، على أنه الوسيط بين رعاياه وعالم الآلهة، وبفضل العبادة الملكية، يحمي الحياة، ويضمن عمل الطبيعة، ويتعهّد بأسس الحياة وخصوبة المملكة، ويقيم في قصر مكوّن من إدارات ملكية وشقق سكنية، وحديقة ومعبد، ومبانٍ مُلحَقة.

لقد كشف ثراء وهندسة، وجمال قصر أوغاريت الذي شهدت عليه القطع المكتشَفة بأجزاء منها، أنه كان ثرياً بفنونه المتطوّرة، شهيراً في العصور القديمة.

العبادات والأساطير والمعارف

قدّمت “أوغاريت” معارف جديدة كلياً عن العبادات والأساطير، والتي ارتبطت، بقوة بحياة الأوغاريتيين، في البحر واليابسة، وتتدخّل الآلهة الأوغاريتية في كل شأن وزمان في حياة البشر، وتحكي قصائد دورة “بعل” المدوَّنة على الرقيمات الفخارية مغامراتهم ونوازعهم، و”بعل” هو كبير الآلهة، وحامي المملكة وضامن ازدهارها، والذي يأتي بالأمطار الغزيرة والصواعق كل عام، لتتفتح الأزهار، وتثمر الثمار، وتُجمع الغلال، من مقر إقامته على جبل “سافون”، (كما ورد بالنص الفرنسي والمقصود هو جبل صافون، أو الأقرع كما يُسمّى اليوم)، وهو يضمن أيضاً سلامة البحارة أمام الأنواء والمخاطر.

لقد ساهم هذا القصّ الشعبي الذي ارتبط بهموم ومخاوف الأوغاريتيين بالبيئة، في تعزيز الهوية الوطنية للمملكة، ومن خلال هذه الثقافة، قامت الحضارة الكنعانية التي رسمت أدبياتها الثرّة، ومقدساتها، الجزء الأكبر من جذور الديانات، وقصّة الخلق، وطرق العبادة في المعابد التي خُصّصت بوفرة للآلهة: “بعل”، و”إيل”، و”دجن” في مجتمع أسري زراعي، كما قدّم معلومات دينية عن الاحتفالات المتكرّرة كلّ عام، والتضحيات الطقسية السنوية، للأغنام والثيران والطيور، والتي بدورها طوّرت الفكر الإنساني التجريدي تطوّراً هاماً، عند الكشف عن أقدم مدونة موسيقية اكتُشفت إلى اليوم، على شكل (نوتة) موسيقية، عُدَّت واحدة من أبرز مكتشفات القرن العشرين على الإطلاق، إذ تُعتبَر إرثاً موسيقياً عالمياً، اهتمّ بها كل علماء الموسيقى وباحثوها، وقاموا بتحليلها، وفك رموزها، وإعادة عزفها، حين تَبيَّن أن هذه المدوّنة كانت السلّم الموسيقي الأول، قبل أن يضعه عالم الرياضيات اليوناني “فيثاغورث” بأكثر من ألف عام.

كشفت المدوّنة الموسيقية أيضاً الأبعاد بين العلامات الموسيقية، وأسلوب ضبط الأوتار (الدوزنة)، إلى جانب العديد من الآلات الموسيقية التي كانت تعزف في المعابد، أو خلال الاحتفالات السنوية.

أقدم مدونة وضعت العلامات الموسيقية قبل اكتشاف فيثاغورس اليوناني السلم الموسيقي

ولا يقارب هذا الاكتشاف أهمية، سوى الكشف عن أول أبجدية في العالم، حفظت اللغة الإنسانية، والمخزون الفكري الإنساني إلى اليوم، حتى دُعيت سوريا ببلد الأبجدية، حيث يُدرّس هذا الاكتشاف في كل مدارس العالم ومؤسساته التعليمية، باعتباره أحد أبرز إبداعات الفكر الإنساني، وأرقاها على الإطلاق، وقد وقف العالم الفرنسي “شارل فيرلو” عضو الأكاديمية الفرنسية للكتابات والآداب، وأحد مُفسري الأبجدية الأوغاريتية، في السابع عشر من شباط – فبراير عام 1950، أمام الجمعية الأكاديمية الفرنسية قائلاً: “إن على العالم المتحضّر أن يفخر بهذا الاكتشاف المثير، وإن الجنس البشري مدين به لعبقرية كتاب من فينيقيا – بلاد كنعان- السورية، وعلى العالم أن يفخر بهذا الاكتشاف الذي نقل الحضارة والمعارف الإنسانية إلى عالم جديد”.

وقد تناقل هذه الإشارة الرمزية عدد من الباحثين، وعلماء الآثار، وفي مقدمتهم “أندريه بارو”، مكتشف مملكة “ماري”، ومدير متحف اللوفر في باريس، بما يحمل ذات الدلالة الفخرية عن سوريا وكشوفاتها الأثرية.

ومن المكتشفات الأبرز في قيمتها التاريخية، نص قانوني تمنح الدارسين بحوثاً جديدة عن تطور المجتمع الأوغاريتي، في مدوّنة تُعدّ أقدم وثيقة طلاق بين زوجين في العالم، تعود إلى 1400 قبل الميلاد، تمنح المُشرّعين اطلاعاً نادراً على التنظيم القانوني الذي ينظّم الحياة الملكية والاجتماعية والزوجية، ونُقشت بالأحرف المسمارية الأوغاريتية، ومُهرت بخاتم الملك الحثّي “تودخاليا”، بشأن طلاق “أميشتامرو” ملك أوغاريت من زوجته ابنة ملك “أمورو”، وتحمل اسم “بنتشينا”.

فحوى النص حول إعادة المهر، وتدبير خلافة العرش، والحكم بالإقرار على الملكة المطلقة، بعدم إقامة الدعوى بخصوص أولادها، ويحقّ لهم فقط، فيما لو رغبوا بالتخلّي عن وراثة العرش واللحاق بأمّهم، اتباع التقليد التالي: على أكبرهم خلع ردائه، ورميه على كرسي العرش، ويمضي مع أمّه.

(ويُعتقد أن الطلاق كان سببه الخيانة الزوجية، كما ورد في بعض المصادر الأوغاريتية القديمة)، وهذا الرقيم محفوظ في قاعة أوغاريت مع أبرز القطع المكتشفة في الخمسينات من القرن الماضي في متحف دمشق الوطني، بما فيه الأبجدية والمدوّنة الموسيقية.

إن الكتابة عن مملكة أوغاريت ومكتشفاتها، ومعاهداتها وعلومها وذخائرها الأدبية والشعرية بحاجة الى مساحة، لا تكفيها مجلدات، كل ذلك عرفه العالم بأسره عن سوريا، مع ذلك كان شريكاً غير نزيه في دمار الجزء الأكبر من تاريخها وآثارها. سوريا كانت  ومازالت مكتبة فريدة للمعارف الأثرية، تمّ تدميرها عن عمد- وبرأي شخصي- لمصلحة من ليس لهم تاريخ ولا جذور، سوى خرافات ليس لها أسانيد واقعية على الأرض.

___________________________________

ملف العدد الثاني عشر من (العربي القديم) الخاص باللاذقية – حزيران/ يونيو 2024

لقراءة العدد كاملاً اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى