أحمد جاسم الحسين ونظرية: ق. ق. ج. غير الطائفية
العربي القديم – إياس اليوسف
قد يبدو هذا العنوان تلميحاً لحضور القاف الثقيل في إحدى اللهجات السورية التي باتت مرتبطة بالسلطة، لكن بالتأكيد لا علاقة له بذلك، فهو ترميز يستهدف جنساً أدبياً خالصاً، لا علاقة له بالطائفية. إنه “القصة اللقصيرة جدا” إذ يعد كتاب الناقد والكاتب د. أحمد جاسم الحسين القصة القصيرة جدا الصادر عن دار عكرمة بدمشق سنة 1997 ط1 مقاربة بكر وأول دراسة تنظيرية للقصة ﺍﻟﻘﺼﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً تنشر في الوطن العربي.
وﺳﻨﺤﺎﻭﻝ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﺑﺔ، ﺛﻢ ﻧﺘﺴﺎﺀﻝ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ: ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺿﺎﻓﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﺮﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻷﺩﺑﻲ ﺃﻭﻻً؟ ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً ﺛﺎﻧﻴﺎً؟ ﻭﻣﺎ ﻣﺪﻯ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻋﻠﻰ النقد؟ ﻭﻣﺎ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻪ ﻫﺬﺍ؟
ﺇﻥّ ﺍﻟﻨﺎﻇﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺟﻨﺎﺱ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﻗﺪﻳﻤﻬﺎ ﻭﺣﺪﻳﺜﻬﺎ ﺳﻴﺮﻯ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺟﻨﺲ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺟﻨﺎﺱ ﻳﺘﻔﺮﻉ ﻭﻳﺘﻌﺪﺩ ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻌﺪﺩ ﺗﺴﻤﻴﺎﺗﻪ ،ﺇﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺒﻌﺾ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺗﺴﻤﻴﺎﺕ ﺍﺻﻄﻼﺣﻴﺔ ﻓﺎﻟﻤﻘﻄﻮﻋﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﻋﺪﺩ ﺃﺑﻴﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﺒﻴﺘﻴﻦ أﻭﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﻘﺎﺩ ﻣﺼﻄﻠﺢ (ﺍﻷﺭﺟﻮﺯﺓ) ﻭﺃﻃﻠﻘﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﺪﺩﺓ ﺍﻷﻏﺮﺍﺽ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻴﻊ (ﺍﻟﻤﻌﻠﻘﺔ) ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻓﻲ ﻋﺼﻮﺭ ﺃﺩﺑﻴﺔ سابقة ﻛﺎﻟﻤﺮﺑﻌﺎﺕ، ﻭﺍﻟﻤﺨﻤﺴﺎﺕ، ﻭﺍﻟﻤﺴﺪﺳﺎﺕ، ﻭﺍﻟﻤﻮﺷﺤﺎﺕ، ﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ، ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻣﺨﺘﻠﻒ، إذ ﻇﻬﺮﺕ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻟﻠﺸﻌﺮ، ﻓﺄﻃﻠﻖ ﻣﺼﻄﻠﺢ (ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ) ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻠﺘﺰﻡ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺨﻠﻴﻠﻴﺔ ( ﺍﻟﻌﻤﻮﺩﻳﺔ ) ﺑﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺃﻃﻠﻖ ﻣﺼﻄﻠﺢ (ﺷﻌﺮ ﺍﻟﺘﻔﻌﻴﻠﺔ) ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﺘﺰﻡ ﻧﻮﻋﺎً ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﻌﻴﻼﺕ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﻘﻴﺪ ﺑﺎﻷﻭﺯﺍﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻟﺒﺤﻮﺭ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ، ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎً (ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﻨﺜﺮ) ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻠﺘﺰﻡ ﺑﺎﻟﺘﻔﻌﻴﻠﺔ ﻭﺃﺧﻴﺮﺍً ﻇﻬﺮ ﻣﺼﻄﻠﺢ ( ﺍﻟﻨﺺ) ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻘﻴﻢ ﻟﻠﺘﻔﻌﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻹﻳﻘﺎﻉ ﻭﺯﻧﺎً. ﻭﻗِﺲ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻷﺟﻨﺎﺱ، ﻛﺎﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺮﺡ.
ﻻ ﻧﺮﻳﺪ ﺍﻟﺨﻮﺽ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻭﻟﻮ ﻓﻌﻠﻨﺎ ﻟﻄﺎﻝ بنا ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ.. ﻣﺎ ﻳﻬﻤﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﺟﻨﺲ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﻓﻤﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺗﺸﻜﻠﺖ ﻣﻼﻣﺤﻪ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻨﻘﺎﺩ ﻣﻨﺬ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﺔ ﻋﻘﻮﺩ ﺃﻭ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ، ﻓﺎﻟﻨﻘﺎﺩ ﺍﺻﻄﻠﺤﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﺑـ ( ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ) ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻌﺪﺩﺕ ﺃﺟﺰﺍﺅﻫﺎ ﺳﻤﻮﻫﺎ ( ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﻤﻠﺤﻤﻴﺔ) ، وجنس القصة ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮﺓ، ﺛﻢ ﺃﻃﻠﺖ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﺆﺧﺮﺍً ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﻘﺎﺩ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً – ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﻮﻣﻀﺔ – ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﻠﻮﺣﺔ – ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ – ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﺨﺎﻃﺮﺓ ..… ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻭﻫﺬﻩ التسميات ﺍﻟﺘﻲ أﻃﻠﻘﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺼﺺ ﺍﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﺼﻬﺎ ﺳﻄﺮﺍً ﻭﺍﺣﺪﺍً ﺃﻭ ﻋﺪﺓ ﺃﺳﻄﺮ ﺃﻭ ﺻﻔﺤﺔ ﺃﻭ ﻋﺪﺓ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﻭﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﺗﻨﺪﺭﺝ ﺗﺤﺖ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮﺓ ﺃﻭ ولدت ﻣﻦ ﺭﺣﻤﻬﺎ. ﺇﺫﺍً ﻧﺤﻦ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﻭﻣﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻘﺼﺔ ﻭﺃﺧﺮﻯ ﺍﺧﺘﺼﺖ ﺑﻬﺎ ﺍﻷﺟﻨﺎﺱ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻣﻤﺎ يتبين ﺃﻥ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻭﺻﻔﺔ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﺗﻼﺯﻣﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﻭﻻﺩﺗﻬﺎ، ﻓﺄﻳﻦ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﻣﺼﻄﻠﺢ “ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً” ؟ ﺃﻫﻮ ﻟﻔﻆ (ﺟﺪﺍً) ؟
تحدث الكاتب مطولا ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺼﻄﻠﺢ ﻭﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺘﻪ، ﻭﻋﺮﺽ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺠﻬﺪ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺍﻟﻤﺒﺬﻭﻝ ﺣﻮﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺼﻄﻠﺢ ( ﻕ. ﻕ. ﺝ ) هو عرض تاريخي في هذه الدراسة المؤسسة لنظرية ترسم أسس وآفاق هذا الفن. يتوقف د.ﺃﺣﻤﺪ ﺟﺎﺳﻢ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﺼﻄﻠﺤﺎﺕ العديدة ﻟﻠﻘﺼﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً ﻭﺍﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ﺳﺘﺔ ﻋﺸﺮ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎً معرفا ﺑﻜﻞ ﻧﻮﻉ ﻣنها، ﺛﻢ ينتقل ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ للحدﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﻷﺭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ للقصةﺍﻟﻘﺼﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً محددا ﻋﻨﺎﺻﺮﻫﺎ الفنية بـ: “ﺍﻻﻧﺰﻳﺎﺡ، ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺔ، ﺍﻟﺘﻨﺎﺹ، ﺍﻟﺘﺮﻣﻴﺰ، ﺍﻷﻧﺴﻨﺔ، ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻥ، ﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ”.… ورغم وجود هذهﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ في باقي الأجناس الأدبية نستطيع أن نقول أن كتاب ﺍﻟـ ﻕ. ﻕ . ﺝ. استطاعوا أن يستثمرونها في نصوصهم التي كتبوها.
وينتقل بعد ذلك للحديث عنﺃﺭﻛﺎﻥ ﻭﻋﻨﺎﺻﺮ ﻭﺧﺼﺎﺋﺺ ﻓﻦ (ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً)، محتفيا ﺑﻌﻨﺼﺮﻱ ﺍﻟﺠﺮﺃﺓ ﻭﺍﻟﻄﺮﺍﻓﺔ، لأ نهما كما يبدو من أهم العناصر الفنية التي تميز بها هذا الفن. لقد كان للتقسيمات ﻭﺍﻟﻌﻨﻮﻧﺎﺕ ﺍﻷﻛﺎﺩﻳﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﻬﺠﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﺭﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﺣﺮﻳﺼﺎً ﻋﻠﻴﻬﺎ الكاتب والتزامه ﺑﻤﻨﻬﺞ ﻋﻠﻤﻲ ﻳﺤﻴﺎ ﻓﻲ ﻛﻨﻒ ﺛﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺷﺠﺔ ﻣﻊ ﺭﺅﻳﺔ ﻧﻘﺪﻳﺔ ﺗﻜﺎﻣﻠﻴﺔ’ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﻗﻮﻟﻪ دور كبير في إرساء نظرية نقدية للـ ق.ق.ج، مما جعله يطبقه على المجموعات القصصية التي حللها في الجزء الأخير من الكتاب.
أما في ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ فقد ﺍﺧﺘﺎﺭ (ﺃﺣﻼﻡ عامل ﺍﻟﻤﻄﺒﻌﺔ) ﻟـﻤﺮﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ ﻟﻴﻘﻮﻡ بتحليل معظم قصصها وقد جاء هذا في ﺍﻟﻘﺴﻢ قبل الأخيرﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ تحت عنوان (ﺍﻟﻤﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺨﻠﻖ ﺷﻜﻠﻪ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺗﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﺗﺄﻭﻳﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ‘ ﺃﺣﻼﻡ ﻋﺎﻣﻞ ﺍﻟﻤﻄﺒﻌﺔ)،
وقد تحرى ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ من خلال القصص ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻘﺺ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻓﻲ نصوص المجموعة ، دارسا ومحللا لها ليتوصل ﺑﺎﺣﺜﻨﺎ ﺑﺠﻬﺪ ه المكثف ﺇﻟﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ: (ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً ﺍﺳﺘﻔﺎﺩﺕ ﺃﻭ ﻃﺒﻘﺖ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﺑﻌﻴﺪ)، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻓﻘﺪ ﻋﻨﻮﻧﻪ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑـ (ﻗﺮﺍﺀﺓ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻕ . ﻕ . ﺝ: ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﺗﻮﻗﻒ ﻓﻴﻪ ﻋﻨﺪ عدةﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﻗﺼﺼﻴﺔ ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ: (ﺍﻟﺪﻫﺸﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﺍﻟﻘﺎﺳﻴﺔ ) ﻟـﻮﻟﻴﺪ ﺇﺧﻼﺻﻲ، (ﺍﻟﺮﻗﺺ ﻓﻮﻕ ﺍﻷﺳﻄﺤﺔ) ﻟﻨﺒﻴﻞ ﺟﺪﻳﺪ، (ﺍﻟﺨﻴﻤﺔ ) ﻟﻄﻠﻌﺖ ﺳﻘﻴﺮﻕ، (ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻨﺎﻗﺼﺔ) ﻟﻨﻀﺎﻝ ﺻﺎﻟﺢ، (ﺩﻓﻘﺔ ﺃﺧﻴﺮﺓ ﻭﻗﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﺑﻞ) ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺻﺎﻟﺢ، (ﺇﻳﺤﺎﺀﺍﺕ) ﻟﻀﻴﺎﺀ ﻗﺼﺒﺠﻲ.
ﻭﻗﺪ ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﻧﺼﻮﺻﻬﺎ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﻧﻘﺪﻳﺔ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻣﺘﺘﺒﻌﺎً ﻭﻣﺘﺤﺮﻳﺎً ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻭﺃﺭﻛﺎﻥ ﻭﺧﺼﺎﺋﺺ ﻓﻦ ( ﻕ. ﻕ. ﺝ .) ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎﺕ. ﻭﺍﻟﻼﻓﺖ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻏﻴﺎﺏ ﻧﺼﻮﺹ ﻭﻗﺼﺺ ﺭﺍﺋﺪ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ ﺯﻛﺮﻳﺎ ﺗﺎﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻧﺸﺮﻩ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺧﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﻣﺠﻠﺔ ‘ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ’ ﻭﻣﻦﺛﻢ ﺃﺻﺪﺭﻫﺎ في ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺄﺕ ﻋﻠﻰ ﺫﻛﺮ ﺃﺣﺪ ﻛﺘﺎﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﺤﻤﺴﻴﻦ ﻟﻬﺎ ﺟﺪﺍ ﻭﻫﻮ ﺩ. ﺃﺣﻤﺪ ﺯﻳﺎﺩ ﻣﺤﺒﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺪﺭ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ (ﻕ . ﻕ . ﺝ) ﺑﻘﻲ ﺃﻥ ﻧﻌﺮﺝ ﻋﻠﻰ ﻣﻠﺤﻖ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺣﺘﻮﻯ ﻋﻠﻰ ﻧﻤﺎﺫﺝ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ ( ﻕ . ﻕ . ﺟﺪﺍً) ﻟﻨﺒﻴﻞ ﺻﺎﻟﺢ – ﻋﻤﺎﺩ ﻧﺪﺍﻑ – د.ﺃﺣﻤﺪ جاسم ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ – ﺛﺎﺋﺮ ﺯﻋﺰﻭﻉ – ﺃﻳﻤﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ.
ﻧﺨﺘﺎﺭ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻗﺼﺔ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ (ﺛﻜﻨﺔ) ﻷﻳﻤﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ:
“ﺍﻋﺘﺮﺿﻨﻲ ﻣﻊ ﺯﻣﻼﺋﻲ ﻟﻠﺘﺤﻘﻖ ﻣﻦ ﻫﻮﻳﺎﺗﻨﺎ ﺛﻢ ﺃﻭﻗﻒ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﻋﻤﻴﺪ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺭﺣﺖ ﻛﻠﻤﺎ ﻭﺍﺟﻬﺘﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪﻱ ﺃﺅﺩﻱ ﻟﻪ ﺍﻟﺘﺤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ .’
وفي ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻧﺘﺴﺎﺀﻝ ﻫﻞ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﻛﺘﺎﺏ د. ﺃﺣﻤﺪ ﺟﺎﺳﻢ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺫﻭ ﺍﻟﺠﻬﺪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﺍﻟﻤﺤﺸﻮﺩ ﺑﺎﻟﻤﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺒﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﺍﻟﻤﺰﺩﺣﻢ ﺑﺄﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺨﺘﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍ ﻭﺍﻟﻤﻘﺴﻢ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺴﺎﻡ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً ﺍﻟﻤﻔﺮﻉ ﺇﻟﻰ ﻓﺮﻭﻉ ﻭﻋﻨﺎﻭﻳﻦ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﺃﻥ ﻳﻀﻴﻒ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻨﻘﺪﻱ ﺟﺪﻳﺪﺍً ﺃﻭ ﻳﻬﻴﺊ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ (ﻕ . ﻕ . ﺝ)؟
أقول بكل اطمئنان أن كتاب (القصة القصيرة جداً) مقاربة بكر لـ أحمد جاسم الحسين، في زمنه، أي قبل أكثر من ربع قرن حين صدر لأول مرة، كان عملا تنظيريا رائدا وإضافة نقدية هامة إلى المكتبة العربية ولاننسى أن نذكر بأن للناقد مجموعات قصصية في هذا الفن منشورة أبرزها مجموعته المميزة والجريئة التي عنونها ب خبيصة، إذ كانت نصوصها من أجرأ ما كتب ونشر من النصوص التي تعرضت لنقد السلطة السياسية في سوريا حيث نشرت في دار التكوين و تم توزيعها في داخل سوريا منذ عقدين تقريبا.