رواتب العاملين في الدولة ومصيدة “شام كاش”!
هل هناك مصلحة لبعض المتنفذين الجدد في زيادة إرباح بنك الشام !

صبري عيسى – العربي القديم
خلال عقود سابقة وقبل اختراع (الدفع الالكتروني) لم تكن هناك مشكلة في آلية دفع رواتب العاملين في الإدارات المدنية والعسكرية، وكل قطاعات الدولة في سورية، ففي كل دائرة حكومية كان هناك إدارة مالية ومحاسبين ومعتمدين وامناء صناديق يقومون بنهاية كل شهر بالذهاب الى البنك المركزي واستلام رواتب الموظفين، وإيداعها في صناديق مؤسساتهم وإداراتهم، ولم يشكل عدد العاملين في اي دائرة حكومية اي صعوبة تعيق عمل معتمدي الرواتب في تقبيض رواتب العاملين لدى إداراتهم
عباقرة الدفع الإلكتروني عقّدوا المسألة لمواكبة التطور التقني في عصر المعلوماتية والانترنت، وأصبحت معاناة قبض راتب أي موظف أو متقاعد مسألة في غاية الصعوبة، وأصبح الموظف يترك عمله عدة ساعات وأيام لقبض راتبه من الصرافات التي لا تعمل بسبب نفاذ الكتلة المالية في جهاز الصرف الآلي أو غياب الشبكة او تعطل الجهاز، مع طول طوابير الناس الذين ينتظرون عدة ساعات وايام لقبض رواتبهم التي لا تكفيهم عدة ايام في الشهر
يبدوا أن هناك قاسما مشتركاً في مسألة دفع الرواتب، بين نظام ما قبل 8 كانون الاول وما بعده، لكن مع تطور جديد باشرت به حكومة ما بعد 8 كانون الاول، وهو اعتماد بنك الشام الذي يحتكر التعاملات المصرفية والمصرفية في إدلب كضامن للكتلة النقدية التي تشكل مجموع رواتب الموظفين
وبدأ موظفو القطاع العام في سوريا بتحميل تطبيق “شام كاش”، وذلك بعد قرار وزارة المالية اعتماد التطبيق كوسيلة رسمية لصرف الرواتب اعتباراً من أيار الجاري، عبر إيداع الرواتب في حسابات مرتبطة بالتطبيق لدى مصرف سوريا المركزي.
من خلال زيارة الموقع الخاص بتحميل محفظة “شام كاش” الإلكترونية، تبيّن بأن الضامن للتطبيق هو “بنك شام”، وهو شركة صرافة وحوالات ضخمة، مقرها الرئيس ونشاطها كان ينحصر في مناطق إدارة “حكومة الإنقاذ” بإدلب. وبذلك، لم تكن تلك الشركة ضمن الجهاز المصرفي المرتبط بمصرف سوريا المركزي خلال حكم النظام الاسدي البائد !
وطبعا لن تكون خدمات بنك شام مجانية وهي ستحصل في مقابل توطين الرواتب على اجور عالية مقابل الخدمات المصرفية التي ستقوم بها ، وستأخذ ٢٠٠٠ ليرة ثمن البطاقة وإدارة الحساب ٣٠٠ ليرة شهريا وكل سحبة ١٠٠ ليرة لذا سيدفع كل موظف 300 ليرة مقابل كل ٥٠٠ الف يستلمها ، وفي حساب بسيط نكتشف ان هناك اكثر من مليونين موظف سيدفع كل واحد منهم على الاقل ٦٠٠ ليرة شهريا ، فيكون وارد البنك اكثر من مليار و٥٠٠ مليون ليرة سورية شهريا عدا عن الاستعلام عليه ٣٠ ليرة وعدا عن تدوير الراتب وهكذا تستمر المسيرة المظفرة لوزارة ماليتنا العتيدة
الاختراع الآخر هو صدور تعليمات جديدة بتحويل رواتب الموظفين إلى مراكز البريد التي تعاني كل شهر من ازدحام المتقاعدين على نوافذها ، وطبعا عدد مراكز البريد محدودة العدد ولا تغطي مساحة سورية !
الأمر الآخر الذي تجاهلته وزارة مالية حكومتنا الحرة، وهو السؤال ، لماذا تعتمد وسيط كبنك الشام لنقل كتلة رواتب الموظفين من المركزي إلى مراكز البريد، وهو إجراء مشبوه لا مبرر له في هذه الحالة، وهل هناك مصلحة لبعض المتنفذين الجدد في زيادة إرباح بنك الشام !
اقول لعباقرة الدفع الالكتروني، عودوا الى ضميركم الوطني وتوقفوا عن إذلال الموظفين وأعيدوا آلية دفع رواتب الموظفين الى الجهات التي يعملون بها، الم تسمعوا ان العقل حكمة وللعودة عن الخطأ فضيلة !