تلفزيون سوريا: منصة إعلامية وطنية أم مشروع مُسيّر؟
السوريون لم يضحّوا ليُستغلوا، ولم ينتفضوا ليُخدعوا. التاريخ لن يرحم، وزمن الأكاذيب انتهى

بلال الخلف – العربي القديم
لا أؤمن بالمواقف الرمادية، فالحياة تُعاش بمواقف واضحة لا تعرف التردد. في عملي، في صداقاتي، في ميولي، وحتى في مواقفي الدينية والرياضية، أنا صاحب رأي واضح لا يخشى التلون أو المجاملة. واليوم، أضع النقاط على الحروف في مسألة تلفزيون سوريا، تلك المؤسسة الإعلامية التي تحمل اسم الوطن، لكنها لا تمثّله.
لدي أصدقاء وزملاء في تلفزيون سوريا، وأتواصل معهم باستمرار، ولم أتهم أحداً منهم بالعمالة أو التشبيح كما زعم المدافعون، لكن موقفي من هذه المؤسسة واضح كالشمس في كبد السماء: أرفضها وأبغضها لأسباب لا تقبل المواربة.
إقـــــرأ أيضـــــاً:
بداية مشبوهة ومدير بطائفيّة مفضوحة
تلفزيون سوريا انطلق بتمويل غير سوري، وحمل اسم الدولة، لكن أول من تولى إدارته كان أنس أزرق، الذي جاء من قناة المنار، بوق حزب الله، بعد أن كان جزءًا من آلة الدعاية للنظام والافتراء على الثورة وشهدائها لسنوات، ويدّعي الآن “الانشقاق”! طبعا حق أي إنسان أن يعلن انشقاقه، ولكن عليه أن يحترم ذاكرة الناس فكيف يمكن تصديق من كان يُبرّر المجازر ويفبرك الأكاذيب أن يتحول فجأة إلى ناقل للحقائق؟
عقلية الدكان وإرهاب المعارضين
منذ تأسيسه، أُدير تلفزيون سوريا بعقلية “الدكان”، وليس كمؤسسة إعلامية محترفة. بلغت هذه العقلية حد رفع دعاوى قضائية ضد نشطاء سوريين في المحاكم الأوروبية، فقط لأنهم انتقدوه وانتقدوا أحد مدرائه، ونشروا له صورة مع جزار بانياس مهرج أورال، كما حدث مع الصديق ضرار خطاب. بدلًا من أن يكون منبرًا للحرية، تحول إلى أداة لقمعها.
الانتقاد ممنوع وإفشاء المعلومات سلاح
كلما وُجّه انتقاد لهذه القناة، لجأت إداراتها المتعاقبة إلى أسلوب لا يليق بأي وسيلة إعلام تحترم نفسها: فضح ملفات التوظيف! وراح مسؤولوها يعايرون من انتقدوهم بأنهم تقدموا للعمل معهم سابقاً، في محاولة للطعن بموضوعيتهم، وكأن ذلك يعطيهم الحق في قمع حرية الرأي.
تلميع الشبيحة واحتضان رموز النظام
لم تكتفِ القناة بتجاهل بعض انتهاكات النظام ، بل خصّصت جزءًا من أخبارها لفنانيه، حتى باتت منبرًا لبعضهم، كأنها تحاول تقديمهم بصيغة جديدة، كما حدث مع أندريه سكاف، وغيره من الوجوه التي خدمت الأسد سنينًا طويلة.
إدارة متعجرفة وإهانات للسوريين
اليوم، يدير تلفزيون سوريا شخص أقل ما يمكن وصفه بأنه قليل احترام للسوريين. مرة يصفهم بـ”هويشة الكراجات”، ومرة يمنع العاملين معه من الفرح بموت حسن نصر الله، ومرة أخرى يُطلق تحليلات لا تمتّ للواقع بصلة. ناهيك عن تسلطه، وانتهاكاته بحق موظفيه، وتورطه في فضائح مالية وإدارية لا تُعد ولا تُحصى. فضائح لا تتوقف عند الإدارة فحسب، بل تمتد إلى المحتوى السطحي المكرر الذي لا يعكس تطلعات السوريين.
عزمي بشارة: اليد الخفية وصاحب الأجندة
المصيبة الكبرى أن هذه القناة، التي يفترض أنها تخدم الثورة، مملوكة لعزمي بشارة، ذلك القوميّ السابق وعضو الكنيست الإسرائيلي الأسبق، الذي يحاول توجيه الإعلام السوري وفق رؤيته الخاصة. هل ننسى محاضراته في دمشق وكلمته في تأبين حافظ الأسد؟ هل نصدق أن من كان يُسبّح بحمد النظام أصبح اليوم داعمًا للحرية؟ لقد أراد أن يجعل الإعلام السوري تابعًا له، مُفرغًا من جوهره الحقيقي.
منصة بلا روح، بلا هوية
ثلث مواد هذه القناة بلا قيمة، تمامًا كمن يديرها ويموّلها. محتوى مكرّر، طرح سطحي، وغياب كامل لرؤية إعلامية تخدم السوريين. إنها ليست منبرًا لحرية التعبير، بل مشروع مُسيّر، مُوجّه، مُحدّد الهدف، يبتعد كل البعد عن قضايا السوريين الحقيقية. تلفزيون سوريا… زمن الكذبة انتهى!
لقد سقطت الأقنعة، وتجلّت الحقائق. تلفزيون سوريا لم يكن يومًا صوتًا للثورة، بل مجرد بوق جديد يُستخدم لتحقيق أجندات مشبوهة. من يريد إعلامًا نزيهًا، فلن يجده في قناة تبدأ بالعمالة وتنتهي بالمحسوبيات والفساد. السوريون لم يضحّوا ليُستغلوا، ولم ينتفضوا ليُخدعوا. التاريخ لن يرحم، وزمن الأكاذيب انتهى! الثورة مستمرة، والإعلام الحرّ باقٍ رغم محاولات التشويه والتزييف